الاثنين، 18 سبتمبر 2023

تقدير أعمار النجوم ( الشمس أقرب النجوم يليه بروكسيما )

 

تقدير أعمار النجوم ( الشمس أقرب النجوم يليه بروكسيما )

حينما ننظر إلى السماء فى ليلة صافية نرى أنها مليئة بنقط مضيئة كرأس الدبوس تنتشر على صفحة السماء وغالبية هذه النقط من النجوم المضيئة والمتوهجة ولأنها بعيدة جدا عنا فهى ترى صغيرة بشكل ملحوظ والظاهر أن بعض النقط المضيئة التى بالسماء تكون من الكواكب التى تستمد ضوئها من النجوم التى تدور حولها .

أما النجوم فهى تشتعل ذاتيا وتحرق مادتها من وقود الهيدروجين عن طريق الاندماج النووى الذى يعطى الضوء والحرارة .

الشمس أقرب النجوم إلى الأرض وتبعد عن الأرض بحوالى ( 150 مليون كم ) ويحتاج ضوء الشمس للوصول إلى الأرض إلى حوالى ( 8 دقائق ) يليها قربا إلى الأرض النجم ( بروكسيما ) الذى يقع على بعد ( 40 مليون كم ) أى حوالى ( 4.2 سنة ضوئية ) .

أما السنة الضوئية فهى وحدة قياس فلكية للمسافة وتساوى المسافة التى يقطعها الضوء وسرعته ( 300000 كم / ث ) فى سنة أرضية كاملة عشرة ملايين كم .

المجرة هى وحدة بناء الكون ويوجد ملايين بل بلايين المجرات بالسماء وفى بعض التقديرات تحتوى السماء على حوالى ( 100 بليون مجرة ) .

تتكون المجرة من مجموعة من النجوم والغاز والغبار تتماسك مع بعضها بفعل الجاذبية وقد تحتوى المجرة الواحدة على مئات آلاف الملايين من النجوم .

أما مجرة درب التبانة أو الطريق اللبنى وتقع بها المجموعة الشمسية فتحتوى على ( 200000 مليون نجم ) تعتبر الشمس نجما متوسطا فيها .

وهناك مجرات كثيرة أكبر من مجرة درب التبانة وتحتوى عددا أكبر من النجوم وهى من المجرات العملاقة .

 

مم تتركب النجوم كيميائيا ؟

النجوم كرات هائلة من الغازات المتوهجة والحارة وهى تتكون من الهيدروجين والهليوم بنسبة كبيرة والأكسجين والنيتروجين والنيون بنسب أقل وتحتوى على عناصر كالكالسيوم والصوديوم والحديد بنسب صغيرة وتختلف هذه التركيبة الكيميائية من نجم لآخر .

إن تحول الهيدروجين إلى الهليوم لا يفسر كيفية توليد الطاقة داخل النجم بل يحدد أن النجم متماثل فى تركيبه الكيميائى .

ولقد أثبتت المشاهدات والأرصاد الفلكية للنجوم الفروض النظرية وهى التى تعتبر أن النجم ليس متماثل كيميائيا ولكنه يتكون من غاز الهيدروجين النقى مع كمية صغيرة جدا من خليط باقى العناصر الكيميائية الأخرى وعلى رأسها الهليوم .

وهذا يمثل نموذجا لنجم من النجوم الأقزام أى النجوم الصغيرة وهى بخلاف النجوم الأقزام البيضاء

تتكون النجوم من ( 75 % ) من غاز الهيدروجين و ( 22 % ) من غاز الهليوم وأحجار ضئيلة أى نسب كمية بسيطة من عناصر أخرى .

إن النجوم تتطور خلال مشوار تاريخها ومن المعتقد أنهم ولدوا من تكثفات من الغاز معظمه غاز الهيدروجين الذى تم ضغطه نتيجة المجال الجاذبى بين مكوناته .

وكان الضغط كبيرا بداخل سحابة الغاز بحيث حدثت تفاعلات نووية حرارية تم خلالها تحويل عنصر الهيدروجين إلى عنصر الهليوم ومن الممكن بجانب عناصر أثقل مع انطلاق الطاقة .

وتظل النجوم على الترتيب الأساسى إلى أن يتم استهلاكها حوالى ( 10 % ) من الهيدروجين الخاص بها .

وحينئذ تصبح عماليق حمر وتستهلك ما عندها من الهيدروجين بمعدلات متزايدة بحيث تنكمش وتصبح أقزاما بيضاء .

إن النجوم تتركب من الناحية الكيميائية أساسا من غاز الهيدروجين بجانب كميات أقل من غاز الهليوم ونسب بسيطة من بعض العناصر الأثقل مثل الأكسجين والنيتروجين والكربون والنيون والكالسيوم والصوديوم والحديد وغيرها من العناصر الكيميائية .

 

طاقة النجوم :

تنشأ طاقة النجم من الاندماج النووى حيث يتحول معظم غاز الهيدروجين إلى هليوم وتتبقى كميات كافية من غاز الهيدروجين لإنتاج كميات هائلة من الطاقة .

ينتشر الضوء المنبعث من النجوم فى الفضاء فى صورة ألوان متنوعة مثل الأزرق والبرتقالى والأحمر والأصفر والأبيض .

ويحتوى النجم من الوقود الهيدروجينى ما يجعله ساطعا لمدة ملايين السنين ومع تقدم الوقت يحدث التحول من نجم ساطع إلى عملاق أحمر ثم إلى قزم أبيض ثم يصبح واحدا من الثقوب السوداء .

إن النموذج المقترح للشمس يفترض أن هذا النجم المتوهج بدأ كرة من الهيدروجين وأنه مع مرور الوقت وبواسطة التفاعلات النووية الحرارية بباطن الشمس فإن الهيدروجين يتحول بالتدريج بواسطة الاندماج النووى إلى غاز هليوم وبتفاعلات نووية أخرى تنتج العناصر الثقيلة .

وبما أن الشمس تمثل أحد النجوم متوسطة الحجم بمجرة درب التبانة أو الطريق اللبنى فإن ما يحدث بالشمس من إنتاج غاز هليوم وطاقة فإن مثله بالضبط يحدث فى النجوم الأخرى بمجرة درب التبانة أو الطريق اللبنى والمجرات الأخرى .

فإن أى نجم عند نشأته يبدأ بتجمع من غاز الهيدروجين وحده ثم يتحول الهيدروجين ببطء إلى هليوم وطاقة بباطن النجم مع مرور الوقت بواسطة التفاعلات الاندماجية النووية .

 

أهمية الديوتيرون فى التفاعلات الاندماجية داخل النجوم :

إن كل ( 4 ذرات ) من الهيدروجين تندمج مع بعضها نوويا تحت تأثير الضغط الهائل والحرارة الشديدة داخل مركز الشمس لكى تكون ذرة واحدة من غاز الهليوم .

ويكون الفرق فى الوزن بين ذرات الهيدروجين ال ( 4 ) وذرة الهليوم الواحدة ليس كبيرا فالفرق فى الوزن ( الكتلة ) فى المادة يتحول إلى طاقة هائلة تشمل الطاقة الضوئية والإشعاعية والحرارية وفقا للمعادلة التالية :                                                  H 1.008 ----- He 4.0034   

إن الفرق فى الوزن الكتلى بين ( 4 ذرات ) من الهيدروجين وذرة هليوم واحدة

                       = 4.032- 4.003 = 0.029

ويتحول هذا الفرق الكتلى إلى طاقة ضوئية وإشعاعية وحرارية ويكون التحول من كتلة إلى طاقة وفقا لقانون الطاقة لآينشتين : الطاقة = الكتلة × مربع سرعة الضوء

إن كمية الطاقة الناتجة تكون هائلة مهما كانت الكتلة صغيرة حيث تضرب الكتلة فى مربع سرعة الضوء البالغة ( 300000 كم / ث ) .

إن مصدر هذه الطاقة الهائلة بباطن النجم فينتج من التفاعلات النووية وعند درجات الحرارة العالية جدا فى مركز النجم يتأين غاز الهيدروجين أى أن الإلكترونات تنطلق بعيدا عن نواة الهيدروجين

( البروتون ) وتتحرك البروتونات وتتصادم بعضها ببعض إلى أن يحدث التحام فيما بينها ( 2 ) من البروتونات ولا ينفصلان بل يكونان ( ديوتيرون ) ثم يدخل الديوتيرون فى عدة تفاعلات نووية تؤدى إلى تكوين نواة الهليوم ولقد وجد أنه عندما يتحول جرام واحد من الهيدروجين إلى هليوم تنطلق كمية من الطاقة مقدارها حوالى ( 200000 كيلووات / ساعة ) .

إن التفاعل النووى بين الهيدروجين والهليوم قد يكون مباشرا أو قد يكون من خلال الديوتيرون ويتكون غاز هليوم وتنطلق طاقة هائلة من هذا التفاعل النووى الاندماجى .

 

حساب عمر النجم :

تفترض النظرية الحالية أن النجم ابتدأ تكوينه من سحابة من غاز الهيدروجين بالإضافة إلى غبار كونى ومع مرور الوقت تزداد الجاذبية بين مكونات السحابة فيرتفع ضغط الغاز بداخلها وترتفع الحرارة ثم تبدأ ذرات الهيدروجين تفقد الكتروناتها ويحدث الإندماج النووى بينها لكى تكون غاز هليوم وخلال عملية تكوين غاز الهليوم بواسطة التفاعلات النووية الحرارية بباطن النجم تنطلق كمية هائلة من الطاقة ممثلة فى الضوء والحرارة والإشعاع وقد تتبدد حرارة النجم وطاقته فى فراغ ما بين النجوم علما بأن هذا الفراغ يقدر بالسنين الضوئية .

إن النجم ابتدأ بسحابة من غاز الهيدروجين ثم أخذ غاز الهليوم يتجمع فيه بالتدريج مع نشاط التفاعلات الإندماجية الحرارية ومع تقدم عمر النجم وأن كمية الهليوم بالنجم تصبح مؤشرا لعمره وتعمل كساعة ميقاتية لمرور الزمن منذ نشأة النجم .

إن قياس كمية الهيدروجين وكمية الهليوم لأى نجم تعطى تقديرا واضحا لعمره .

 

حساب معدل التحويل الاندماجى من هيدروجين إلى هليوم :

يتم تحويل الهيدروجين إلى هليوم بانتظام داخل باطن النجم بواسطة تفاعل اندماجى نووى حرارى فما هو معدل هذا التحويل ؟ إن التركيب الكيميائى الكمى للشمس من العناصر التالية :

هيدروجين 75 %      هليوم 24 %        عناصر ثقيلة  1%

ولتقريب الأمور سوف نعتبر أن كمية الهليوم الموجود بالشمس = 25 %

إذا أنتج نجم كالشمس 25 % من وزنه غاز هليوم خلال ( 5 مليار سنة )

إذا فإن النجم ينتج 5 % هليوم لكل مليار سنة

أى أنه خلال مليار واحد من السنين يستطيع نجم بحجم الشمس أن يحول 5 % من وزنه من هيدروجين إلى هليوم أى أن النجم يحول 1 % من وزنه هيدروجين إلى هليوم خلال ( 200 مليون

سنة ) أى أن كل 1 % هليوم بالنجم يلزمه فترة تكوين مقدارها ( 200 مليون سنة ) بالفرن النجمى وهذا ثابت لكل النجوم المتوسطة .

وحتى إذا افترضنا وجود كمية صغيرة من الهليوم الأصلى الذى لم يتكون بطريق الاندماج النووى داخل النجم فسوف تكون كمية هذا الهليوم الأصلى ضئيلة ومهملة بالمقارنة بالهليوم الاندماجى الذى يتولد بصفة مستمرة وسريعة من خلال التفاعلات النووية الحرارية داخل النجم ويمكن أن يكون مصدر هذا الهليوم الأصلى فى السحابة الأولية التى نشأ منها النجم حيث كانت تتكون من هيدروجين وقليل من الهليوم الأصليين .

إن حساب هذا الثابت يكون صحيحا لكل النجوم التى كتلتها قريبة من كتلة الشمس أو حوالى كتلة الشمس أما النجوم الأكبر حجما من الشمس فيكون لها ثابت مختلف بعض الشىء .

إن معدل تحول الهيدروجين إلى هليوم عن طريق التفاعلات النووية الحرارية أو عن طريق التفاعل الاندماجى بباطن النجم يفترض أن هذا التفاعل يتم بمعدلات ثابتة بباطن أى نجم يقارب الشمس فى كتلتها كما أن الثابت 1 % هليوم لكل ( 200 مليون سنة ) يمكن الاستفادة منه فى حساب أعمار النجوم القديمة التى هى من عمر الشمس أو الأحدث تكوينا من الشمس علما بأن النجوم القديمة يكون دائما عمرها مقارب لعمر الشمس وفى حدود ( 5 مليارات سنة ) .

 

خرائط لأعمار النجوم :

تعتمد طريقة رسم الخرائط على قياس الهيدروجين والهليوم بكل نجم من نجوم السماء ومنهما يمكن حساب عمر كل نجم بمليارات السنين وذلك إذا عرفنا العمر المتقدم أو المنقضى لكل نجم إذا وضعنا خريطة للسماء وعليها مواقع النجوم التى تم تقدير عمرها فإنه يمكن رسم خرائط كنتورية لأعمار النجوم بحيث يمر المنحنى الكنتورى الواحد على كل النجوم ذات الأعمار الواحدة .

هذه الخرائط سيكون لها أهميتها فى معرفة كيفية نشأة النجوم وإنتشارها وأعمارها ونهايتها كما سيكون لها دلالات كبيرة وخطيرة بالنسبة لخلق الكون وتوقيت بداية الخلق وكيفية إنتشار المادة الكونية الأولى .

يمكن تقدير عمر النجم وبطريقة مباشرة بحساب كمية الهيدروجين والهليوم بالنجم ثم استخدام معدل التحويل الاندماجى بين الهيدروجين والهليوم بالنجم ( ث ) ويساوى : كل 1 % بالوزن هليوم بالنجم يلزمها فترة تكوين مقدارها ( 200 مليون سنة ) وهذا الثابت يمكن تطبيقه مع النجوم القديمة والحديثة ليعطى العمر لكل نوع بمليارات السنين .

 

كيف يتطور النجم ؟

يتكون النجم من انهيار سحابة هيدروجين كبيرة حيث انكماش فى أجزاء منها وتبدأ درجة الحرارة فى الارتفاع ثم يتوقف الانهيار وترتفع درجة الحرارة والكثافة فينتج النجم الأولى .

وفى مرحلة تالية يؤدى الانهيار إلى تكون مركز شديد الحرارة ينكمش ويكون نواة النجم ومع ازدياد الحرارة بقلب النجم تبدأ التفاعلات النووية وبموجبها يتحول الهيدروجين إلى هليوم ويستمر النجم فى السطوع لملايين السنين .

وبإستهلاك الهيدروجين تقل الطاقة المنتجة ويبدأ قلب النجم فى الانهيار يليه تحول الهليوم إلى عناصر أخرى عالية الطاقة مما يمثل محاولة لوقف انهيار النجم ثم تنكمش النواة ويتمدد الغلاف الخارجى ويتحول النجم إلى عملاق أحمر وبإستمرار إنبعاث الحرارة نتيجة للتفاعلات النووية للهليوم ثم يتحول الهليوم إلى كربون ويتحول النجم إلى عملاق أحمر بارد ويستمر هذا الانبعاث الحرارى ملايين السنين ثم يتحول العملاق البارد إلى قزم أبيض ثم إلى قزم أسود .

وبالنسبة للنجم التى كتلتها أكبر من كتلة الشمس فقبل تحولها إلى قزم أبيض تكون الكثافة عالية فتصطدم البروتونات مع الالكترونات وتنتج النيوترونات وتتحطم الأنوية كلها ولا يبقى إلا النيوترونات فتتكون نجوم نيترونية وبذلك لا يتحول النجم التى كتلتها أكبر من كتلة الشمس إلى أقزام وقد لا تدوم هذه الحالة من كون النجم ينتهى إلى قزم أبيض أو نجم نيترونى فإن تقلصات الجاذبية تمتد إلى زيادة كثافة بقايا النجم وإقلال حجمه وتكون قوة جذب الكتلة قوية للغاية حتى تمنع تسرب الضوء ويكون النجم عندئذ ثقب أسود .

 

 

روؤف وصفىى

تنقيح / أسامة ممدوح عبد الرازق مصطفى شرف

25 / 9 / 2019

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق