الأربعاء، 27 سبتمبر 2023

قراءة الكوكب الأحمر ( المريخ )

 

قراءة الكوكب الأحمر ( المريخ )

تبدأ جميع العلوم بالذهاب لأمكنة لم يتسن لأحد الوصول إليها باكتشاف أشياء جديدة دون معرفة مسبقة بها وبعد إكمال العلماء والباحثين عمليات مسحهم الأولية وتجميعهم قائمة طويلة من الأسئلة عن طريق صياغة فرضيات محددة وابتكار طرائق لاختبارها ويبدو أن عملية استكشاف المريخ وقد رسمت السفن الفضائية التى تدور فى مسارات حول المريخ خرائط شاملة لمعالم المريخ الجغرافية وتركيبه الجيولوجى وإن المركبات الفضائية الجوالة حول المريخ جمعت المخططات الجيولوجية للمريخ .

إن مختبر علوم المريخ بناء على فرضية مفادها أن المريخ كان فى وقت من الأوقات صالحا للحياة ويحمل مختبر علوم المريخ مختبرا للتحليل وقد ركزت البعثات السابقة للمريخ على الماء وأن الحياة لا بد لها من وجود ماء وطاقة وكربون عن طريق وجود الماء السائل .

ورأت البعثات الفضائية للمريخ على وجود مكونات جيوكيميائية تسمح بتوفير طاقة لعملية الاستقلاب وأن مركبة الفضاء ( فايكنج ) وإن مركبة الفضاء المريخية ( كيوريوسيتى ) تحمل مطياف كتلة لونى للغازات باستطاعته استشعار المركبات العضوية للمريخ سواء كانت بيولوجية أو لا بيولوجية فإن ( كيوريوسيتى ) قابلة للحركة بحيث تبحث عن عنصر الكربون .

وتستهدف ( كيوريوسيتى ) اكتشاف الطريقة الملائمة لإجراء عملية البحث عن عنصر الكربون

وحتى على الأرض فلا نعرف بدقة كيفية التنقيب فى السجل الجيولوجى للمريخ بحثا عن علامات بيولوجية محفوظة ومن التناقض أن الصفات المميزة التى تجعل كثيرا جدا من البيئات صالحة للحياة ( الماء والمؤكسدات ) والمواد الكيميائية والتدرجات الحرارية تنحو لتدمير المركبات العضوية وقد عرف ( البليونتولوجيون ) كيف يبحثون عن الظروف النادرة التى تسهل حفظ الأشياء كالشروط الجيوكيميائية التى تدعم التمعدن المبكر جدا وأن السيليكا والفوسفات والطين والسلفات وأقل الكربونات تدفن المواد العضوية خلال ترسبها .

وقد وفرت السفن الفضائية خرائط لبعض المعادن الموجودة على الكوكب الأحمر ( المريخ ) فى موقع هبوط ( كيوريوسيتى ) وسيكون مرشدا لطواف السفن الفضائية .

 

من الفضاء إلى التربة المريخية فى ( 7 ق ) :

إن المركبات الفضائية الجوالة فى الفضاء تكون كبيرة وثقيلة وفيما يتعلق ب ( كيوريوسيتى ) فإن حجمها قريب من حجم السيارة الصغيرة ووزنها نحو ( طن مترى ) والكبسولة التى تحملها عبر الفضاء ( البيوكوكبى ) أكبر من مركبة ( أبوللو 11 ) التى حملت ( نيل آرم استرونج ) للقمر فالطريقة التى ستهبط بها ( كيوريوسيتى ) على الكوكب الأحمر ( المريخ ) جريئة .

وفى مدخل الكبسولة وضعت مادة لاصقة سجل عليها :

1 ) الجوالة تنفصل عن النظام الذى يزودها بالطاقة ويجعلها تندفع فى الفضاء البيوكوكبى .

2 ) تقذف الكبسولة ثقل الموازنة المكون من قطع معدنية وتنكستين لتحويل مركز ثقلها إلى جناح يمكنه توجيه الكبسولة التى تقابل جو المريخ الأعلى بسرعة فوق صوتية تساوى نحو 6 كم / ث بحيث تقوم الدروع الحرارية بامتصاص الطاقة الناجمة عن ابطاء التسارع .

3 ) تطير السفينة الفضائية أفقيا وتنخفض السرعة تدريجيا نتيجة قيام الصواريخ الجانبية بتوجيه السفينة باتجاه موقع الهبوط .

4 ) وحين تصبح على ارتفاع ( 10 كم ) تنشر مظلة الهبوط طولها ( 50 م ) وقطرها 21.5 م وعند بلوغ المرحلة تظل سرعة الجوالة فوق صوتية وقد كان تصميم مظلة الهبوط على المريخ جزءا مهما من البعثة الفضائية للمريخ فالفيزياء المتعلقة بكيفية انتفاخ المظلة أو اهتزازها أو عدم انتفاخها بالسرعات الفوق صوتية .

5 ) وبعد وقت قصير من انتفاخ المظلة تتخلص السفينة الفضائية من الدروع الحرارية وتشغل نظامها الرادارى لاستشعار سطح كوكب المريخ .

وعلى ارتفاع يقارب ( 2 كم ) تكون سرعة طيران السفينة الفضائية نحو ( 100 م / ث ) وتكون قريبة من سرعتها النهائية وهى أبطأ سرعة للمركبة الفضائية بحيث يمكن لجو المريخ كبح حركتها باتجاه كوكب المريخ فهى سرعة عالية جدا لهبوط آمن على كوكب المريخ وتتخلى

6 ) وعلى ارتفاع ( 20 م ) فوق سطح المريخ يجرى إنزال الجوالة على ( 3 كبال ) بشكل يطلق عليه الرافعة السماوية وتحط على سطح كوكب المريخ بعد نشرها ( 3 ) دواليب ونظاما للتعليق وتلامس دواليب الجوالة سطح المريخ بسرعة قريبة من (0.75 م / ث ) .

7 ) وبعد انتظار مدته ( 2 ث ) للتوثق من أن الجوالة على أرض صلبة من كوكب المريخ تطلق عدة تجهيزات متفجرة صغيرة لقطع الكبال وحبلا سريا خاص بالبيانات والمعلومات فتقذف مرحلة الهبوط الآلى وتدمر على بعد ( 450 م ) من المركبة وخلال ساعة يجب أن نحصل على أول صور من سطح المريخ وبحلول نهاية الشهر الثانى يكون المختبر الموجود على متن الجوالة قد حلل أول عينتين للتربة وصخور كوكب المريخ .

 

موقع الهبوط فوهة كيل :

عقب ( 5 سنوات ) من دراسة مواقع على كوكب المريخ بدأت بفائدة أولية تحتوى على أكثر من

( 50 ) موقع اختارت وكالة الفضاء الأمريكية ( ناسا ) موقع فوهة كيل لهبوط الجوالة كيوريوسيتى وفى هذه الفوهة القديمة التى تكونت نتيجة صدم جرم سماوى لسطح المريخ فإن تعرية الرياح لسطح المريخ طوال آلاف السنين وما رافق ذلك من صدمات حديثة كشفت المواد التى كانت مطمورة من قبل فى فوهة كيل أظهرت ترسبات نهر قديم توفر سجلات لماء سطحى جار وتضاريس مكسرة غنية بالمعادن تشبه التضاريس الأرضية الواقعة فوق المكامن المائية للمياه الجوفية وإن تركيب مياه المريخ مختلفة كل الاختلاف عن تركيب مياه الأرض .

ويوجد فى الفوهة التى قطرها ( 150 كم ) جبل مركزى يرتفع أكثر من ( 5 كم ) فوق السهول وإن معظم الجبل ( ماونت شارب ) يمكن صعوده بالمركبة التى تسلك ممرات تمتد من مركز منطقة الهبوط وستبدأ الجوالة بالحركة الصاعدة بعد ( 6- 9 أشهر ) من تاريخ هبوطها ويتكون الجبل من طبقات صخور رسوبية ولكن من الأسفل للأعلى بغية التوصل إلى سجل منظم للتاريخ المبكر للمريخ بدءا من وقت ما يلى تكون الفوهة الضخمة التى يقع فيها الجبل وقد استكشفت المركبة الجوالة ( أوبورتويونتى ) ( 15 – 20 م ) من طبقات الصخور خلال عملياتها التى استغرقت

( 8 سنوات ) وهو زمن غير كاف لتبيان تطور مناخ المريخ ولكنه يكفى لتوفير قدر طفيف من المعلومات التى ستحصل عليها ( كيوريوسيتى ) .

وللصخور التى تكونت من الترسبات المائية أهمية خاصة إذ إنها قد تحتفظ بعلامات مميزة على وجود حياة سابقة وخلال بحث الجوالة عن معلومات عن تاريخ المريخ فإنها ستلقى ضوءا على مرحلة من تاريخ الأرض كانت غائبة عن السجل الجيولوجى للمريخ وهى مرحلة ربما لا يكون الكوكبان ( الأرض والمريخ ) قد انفصلا بعد قبل أن يبدأ المريخ بتصحر شديد وتسرع الأرض فى البروز إلى الوجود ويبقى الهدف النهائى لعلم الكواكب .

 

محاولات بجميع الوسائل الممكنة :

1 ) لقد صممت أجهزة ( كيوريوسيتى ) لتفحص الصخور المريخية والتربة والجو المريخى بغية حل ألغاز البيئات الصالحة للحياة القديمة والحديثة وتفعل الأجهزة بقياس تركيب المواد الكيميائية والمعدنية بطرق متعددة يكمل بعضها البعض .

2 ) مقياس الطيف النترونى النشط الذى سيبحث عن الماء فى الصخور والتربة الموجودة فى تربة المريخ .

3 ) مجموعة أجهزة تحليل العينات على المريخ تسمح بإجراء تحليل كيميائى فهى تحمص مسحوقا فى أفران صغيرة يقوم فيها الاحتراق أو المذيبات الكيميائية بإطلاق غازات يتكفل مطياف الكتلة اللونى للغازات وتحليلها عن طريق وجود كربون عضوى وفحص مباشر لجو المريخ .

4 ) محطة للرصد الجوى تقيس المتغيرات البيئية على المريخ ويمثل أول تسجيل مستمر فى التاريخ للأرصاد الجوية المريخية فإن تقارير الطقس المريخى مفيدة فى توجيه الجوالة نحو أهدافها .

5 ) أجهزة تصوير لونى يمكن أن تلتقط صورا لمناظر طبيعية ولبنى صخرية وترابية على المريخ وتساعد البنى الصخرية العلماء على إعادة العمليات التى كونت الصخور أو التربة المريخية وربما تتضمن آثار ماء سائل وإحدى أجهزة التصوير مركبة على قعر الجوالة وموجهة نحو الأسفل تنتج شريط سينمائى لعملية هبوط الجوالة على كوكب المريخ .

6 ) محس الإشعاع سيراقب الإشعاعات الشمسية والكونية .

7 ) جهاز شى مين الذى يرسل حزمة من الأشعة السينية عبر مساحيق ناعمة لتوليد شكل انعراج يحدد بدقة المعادن من جميع الأنماط ولقد كانت مقاييس الطيف على متن المركبات السابقة لاستكشاف المريخ محدودة الآداء بحيث لا تكشف إلا المعادن التى تحوى الحديد .

8 ) ذراع روبوتية يمكن لها أن تمتد مسافة تصل إلى ( 2 م ) وتحمل ( 30 كجم ) من التجهيزات لحفر الثقوب وسحق الصخور وتقوم مجموعة من المناخل بفرز المسحوق وتحليله كيميائيا بواسطة تجهيزات المختبر الموجود على متن الجوالة .

9 ) مطياف تحليل محرض بالليزر سيحدث ثقوبا فى الصخور والتربة المريخية لمسافة ( 7 م ) ثم يستشعر عن بعد التركيب الكيميائى للصخور والتربة .

10 ) مطياف أشعة سينية لجسيمات ألفا تقوم بتحديد كيمياء الصخور والتربة وهى فى الموقع الأصلى .

باختصار :

بعد عقود من التركيز على جيولوجية المريخ وعلم المياه المريخية يخطط علماء الكواكب للبحث بخصوصية أشد عن علامات تشير إلى أن كوكب المريخ كان فى حقبة ما ينعم بالبيئة الملائمة للحياة وستطوف الجوالة فى أرجاء فوهة كيل للبحث عن مركبات عضوية .

 

                                                               المصدر : مجلة العلوم الأمريكية

                                                               التاريخ  : 2 / 11 / 2012

 

 

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق