الثلاثاء، 12 سبتمبر 2023

الهمسات الكونية

 

الهمسات الكونية

إن علماء الفلك يرون أن فى وسعهم إحصاء عدد من النجوم اللامعة فى السماء ولكنهم يرون جزءا يسيرا من الكون المروع مجرد الجزء المرئى الذى يبلغ ( 10 % ) أما الجزء الأعظم من الكون فهو مادة مظلمة ( Dark Matter ) .

وفى الفضاء المظلم بين النجوم يحتوى على العديد من الأجرام الفضائية التى تشع موجات راديوية

( همسات كونية ) لا تراها العين البشرية المجردة فعن طريق ( علم الفلك الراديوى )

( Radio Astronomy ) .

 

تعريف علم الفلك الراديوى :

إن علم الفلك الراديوى علم دراسة الأجرام الفضائية باستقبال موجات الراديو التى تنبع منها وقد تم العثور على آلاف من النجوم الراديوية حددت مواقعها على خريطة النجوم ولم يقم الفلكيون بالربط بين أفرادها وترتيبها فى مجموعات بالفضاء فأقوى النجوم الراديوية فى مجموعة الدجاجة

( Cygnus ) الدجاجة ( Cygnus A ) والتى تليها فى قوة النبض ( الدجاجة ب ) .

إن أشد النجوم لمعانا فى السماء ( ذات الكرسى / Cassiopeia A  ) فالفلكيون قديما لم يهتموا بالبقعة المظلمة من الفضاء حيث كانوا يصورونها بالمسح العادى للتلسكوب الأرضى ولولا الإشارات الراديوية لظل النجم غائبا عن الأبصار .

ولكن باستخدام الأشعة تحت الحمراء فى التلسكوبات الفضائية أمكن رصد عدد من النجوم الراديوية المظلمة وتم عمل خريطة كونية لها .

 

سر الموجات الراديوية :

ما هو سبب انبعاث الموجات الراديوية ؟

يتجمع الغاز والغبار الكونى فى مجرة درب التبانة / الطريق اللبنى / Milky Way ) فى سحب توجد على طول مستوى المجرة فى شكل حزام عرضه ( 100 سنة ضوئية ) ويرتبط بعلاقات مع الأذرع اللولبية لمجرة الطريق اللبنى وتنتظم السحب فى هيئات متباينة وعديدة فبعضها يتجمع فى أشكال كروية صغيرة نسبيا يبلغ قطر كل منها جزءا من ( 100 من السنة الضوئية ) بينما تأخذ فى حالات أخرى أشكالا غير منتظمة يبلغ طولها عدة مئلت من البارسك (  Parsec ) البارسك وحدة فلكية = 3.2 سنة ضوئية .

إن معظم الغاز ما بين النجوم عبارة عن هيدروجين ( أبسط ذرات الكون الكترون واحد + بروتون واحد ) وحيث أن الغاز يمتص نسبة كبيرة من الضوء الصادر من النجوم فكثيرا ما تعمل عملية الامتصاص على فصل الالكترونات والبروتونات بعضها عن بعض فتحدث عملية التأيين

( Ionization ) فى الغاز .

وبعد حدوث التأيين تصبح الالكترونات والبروتونات حرة فى التجوال على انفراد واثناء تجول الجسيمات كثيرا ما تتصادم بعضها ببعض مما يؤدى لاتحادها من جديد داخل مجالات مغناطيسية

( ضوء مرئى خافت ) وإن الضوء الصادر من الاتحاد بين الالكترون والبروتون هو الذى يمكننا من رؤية سحب الهيدروجين شديدة الحرارة ولكن فى الغالبية العظمى لا يتم الاتحاد فلا يكون الإشعاع الصادر مقصورا على مدى معين من أطوال الموجات بل تصدر الأشعة فوق البنفسجية والأشعة تحت الحمراء والموجات الراديوية فإن بعض الموجات الإذاعية يأتى من الغاز فذرة الهيدروجين تعطى إشارات ضعيفة للغاية حين يغير البروتون فى النواة من دورته حول نفسه وتنبعث الإشارات على طول موجى محدد ( 21 سم ) وإذا كانت سحابة الهيدروجين تتحرك كانت الموجة عندئذ أقل من ( 21 سم ) بقليل أما إذا كانت تبتعد كانت أطول من ( 21 سم ) فمن قياس طول الموجة الصحيح نقيس سرعة الغاز فيستطيع الفلكى الراديوى أن يعرف الموضع الصحيح لسحابة الهيدروجين فى مجرة الطريق اللبنى ولن يقف الغبار عائقا فى سبيل قياساته لأن الموجات الراديوية تخترقها كلها .

 

الإذاعة الكونية :

لقد أضاف علماء الفلك الراديوى معلومات هائلة عن النجوم باستخدام أجهزة لاسلكية شديدة الحساسية ( التلسكوبات الراديوية / Radio Telescopes ) والتلسكوبات الراديوية تعطى صورة عن الكون تختلف عن التى تنقلها التلسكوبات الأرضية والفضائية فإن ألمع نجم فى السماء بالنسبة لها ليس نجم ( الشعرى اليمانية / Sirius ) بل نجم آخر يحدث ضوضاء قوية غير عادية يكاد يكون غير مرئى إنه نجم ( الدجاجة أ ) فإن الموجات الراديوية تجعلنا نطل على عالم غريب تبلغ أعماقه ملايين السنوات الضوئية فهناك أجرام فضائية على أبعاد خيالية لا تتمكن التلسكوبات الأرضية رؤيتها ومن ثم ترصد بالتلسكوبات الراديوية .

مم يتكون التلسكوب الراديوى ؟

لقد قام علماء الفلك الراديوى من أجل التقاط الأصوات الهامسة المنبعثة من النجوم والغبار الكونى وإن الهوائى أكبر وأهم جزء فى التلسكوب ووظيفته تجميع الموجات الراديوية فى بؤرة فيوجد نوعان من الهوائيات أحدهما على شكل طبق كبير والثانى الهوائى ذو القطب المزدوج والنوع الأول عبارة عن مرآة معدنية دائرية قليلة العمق تجمع الطاقة الراديوية وتركزها على هوائى آخر صغير عند نقطة البؤرة ثم تنقل الموجات الراديوية من خلال أسلاك للمختبر .

وفى المختبر يجرى تكبير النبضات فى جهاز الاستقبال عدة ملايين من المرات وعن طريق كمبيوتر يتم إزالة التشويش ثم تنقل لجهاز تسجيل لتدوين الإشارات على مخطط بيانى ومن ثم تكون جاهزة ليدرسها علماء الفلك الراديوى .

كما يستخدم علم الفلك الراديوى فى اكتشاف النجوم النيوترونية ( النابضة / Pulsars ) فقد وجدوا مساحات فى الكون ترسل نبضات راديوية بانتظام دقيق للحد الذى يمكن منه الاستدلال عما إذا كانت الأرض أثناء دورانها فى مدارها متجهة نحو الشمس أو مبتعدة عنها والنجم النيوترونى ينتج من انهيار كتلة النجم الذى يفوق كتلة الشمس وتتقلص قوى الجاذبية للمادة فى حجم صغير للغاية لدرجة أن الالكترونات تستطيع أن تدور ملاصقة لنواتها دون أن يفصلهما فراغ للتقارب الشديد بين الذرات وتوجد نظرية حديثة مغزاها :

إن الالكترونات تحصل فى التقارب الشديد بين الذرات على طاقة إضافية وأن طاقتها تصبح مروعة عند نقطة معينة .

والنجم النيوترونى فى حالة دوران سريع حول نفسه فيعتقد علماء الفلك أن معدل دورانه يبلغ

( 100 مرة / ث ) دون أن يتفتت فى الفضاء وتنشأ نبضات النجم النيوترونى ( النابض ) نتيجة دورانه فكل مرة يدور حول نفسه تصدر منه نبضة فيلتقطها التلسكوب الراديوى فوق الأرض .

وينقل النبض بواسطة موجة الضغط للغلاف الجوى الرهيب والبالغ الكثافة الذى يحيط بالنجم النيوترونى والذى يرتبط معه بفعل المجال المغناطيسى .

وتتحول موجة الضغط فى الغلاف الجوى لموجة اصطدامية تعمل أثناء اندفاعها للخارج على تعجيل الالكترونات لسرعات خيالية فالالكترونات سريعة الحركة تولد أثناء اندفاعها خلال الغلاف الجوى المتأين فالموجات الراديوية أو النبضات التى تصدر عن النجوم النيوترونية تلتقطها التلسكوبات الراديوية فوق الأرض .

 

 

رءوف وصفى

تنقيح / أسامة ممدوح عبد الرازق مصطفى شرف

10 / 5 / 2016

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق