الثلاثاء، 12 سبتمبر 2023

أين حدود الكون ؟

 

أين حدود الكون ؟

إلى أين يسير الكون ؟ وهل ينتهى الأمر لنقض النظرية النسبية العامة لآينشتاين ؟ وما كتلة الكون غير المنظور وهل يوجد أصلا ؟ وهل ينجح الانسان فى تصور حدود الكون ؟

إن الكون واسع جدا فعن طريق الاكتشافات وجمع الحقائق المستجدة وترتيبها حتى تعطى صورة متماسكة منسجمة للكون أو لمظهر من مظاهره حتى نجد اكتشافات وحقائق جديدة باستمرار واكتشافات غريبة فى محاولة لفهمها .

وقد تجمعت خلال ( ق / 20 ) حقائق علمية رسمت للكون صورة منسجمة متناسقة متماسكة حتى كاد العلماء أن يصلوا للتفسير النهائى الكامل لا فى إعطاء الصورة الحالية بل تفسير نشوء الكون من أصوله عندما بدأ الخلق .

ففى عام ( 1929 ) قام ( إدوين هابل ) عندما وجد أن طيوف ضوء المجرات تنزاح نحو الأحمر بعد أن تدخل المحلل الطيفى حيث أدى الاكتشاف نقلة مهمة فى المفاهيم العلمية فعن طريق رؤية الكون متمددا والمجرات فيه تتباعد عن بعضها البعض ويوجد تناسقا فى عملية التمدد فالمجرات القريبة تبتعد بسرعات أقل مما تتباعد المجرات الأبعد وهكذا أى أن المجرة كلما كانت أبعد عن الأرض كلما ازدادت سرعة تباعدها ونشأ عن العلاقة ( قانون هبل ) .

ويوجد بعض الأخطاء البسيطة فى قانون هبل ولكن العلماء يفسرونها ببساطة فقانون هبل لا ينطبق حرفيا على المجرات المجاورة لمجرة الطريق اللبنى كمجرة ( أندورميدا ) وكان طيف بعضها يميل نحو الأزرق وأنها تقترب من الأرض وتخالف قانون هبل .

فقد كانت المفاهيم عن الكون ثابتة مستقرة حتى عام ( 1975 ) وإن تمدد الكون يسيطر عليه قانون هبل وحده وإذا وجدت حركات خاصة فى مجرات ما فإنه أمر نادر والدليل أن المجرات التى تعطى انزياحا فى الطيف نحو الأزرق نادرة والحركات الخاصة نادرة كذلك .

لكن اتضح من الأبحاث الحديثة أن الحركات الخاصة فى المجرات هى الشىء الروتينى على الرغم من أن الانزياح نحو الأزرق فى الطيف أمر نادر فالمجرات منتشرة فى الفضاء فى حجوم ضخمة متسعة وليس من الضرورى أن تكون كل حركاتها نحو الأرض حتى نرى الطيف الأزرق فى المطياف فهناك منها ما يتحرك عكس تمدد هبل لكن فى اتجاهات أخرى غير اتجاه الأرض .

ويبدو أن الجاذبية تلعب دورا فعالا فى الحركات الخاصة بالمجرات حيث أن أقرب كثافة ضخمة قريبة للأرض ( العنقود المحلى الضخم ) التابع ( لكوكبة العذراء ) ويوجد العنقود الذى يليه فى القرب ( عنقود الشجاع ) فى كوكبة ( قنطورس ) ويبدو أن العنقودين يؤثران على جزء من الحركات الخاصة بالمجرات ويوجد جاذبا أعظم أبعد من ذلك وفى الجانب الأعظم كتلة ضخمة جدا من المادة بلغت من الضخامة حد لا يمكن تصوره وما دام الأثر الملحوظ للحركات الخاصة بالمجرات هو فى اتجاه ( عنقود الشجاع ) فمن المرجح أن يكون الجاذب الأعظم خلف عنقود الشجاع وعلى ضعفى المسافة .

فإن الجاذب الأعظم يجب أن يحتوى على عدة عشرات من ألوف المجرات نحو ( 20 مرة ) عدد المجرات الموجودة فى العنقود المحلى الضخم .

وعن طريق اكتشاف الناحية التى يكون فيها تركيز شديد فى المجرات عن طريق قياس طيف زهاء

( 500 مجرة ) فى اتجاه الجاذب الأعظم بهدف التوصل لأقدار تقريبية لأبعادها والدلائل تشير إلى أن هناك تركيزا بالفعل على بعد يقترب من ضعفى المسافة إلى ( عنقود الشجاع ) .

وعن طريق مسح الكون فى أغوار سحيقة فيه بحثا عن إطار أولى من المجرات أى إطار تكون فيه المجرات ساكنة بالنسبة للخلفية الميكروية الموجة .

ولقد قامت مجموعة ( أرنسون ) بخطوات فأخذت تبحث عن حركات خاصة فى مجرات لولبية فى

( 10 عناقيد ) تبعد ضعفى المسافة من المجرات الاهليليجية حيث أن العينات اللولبية تبدو ساكنة بالنسبة للخلفية الميكروية الموجة غير أن العناقيد المجرية تشغل شريطا ضيقا فى السماء فلا بد من إجراء مسح لمناطق أوسع من السماء .

إن موضوع الكون شكله وحدوده إن كان له شكل وكانت له حدود وتركيبة وانتشار النجوم فيه على شكل أسراب من مجرات وتم توزيع المجرات فى عناقيد وعناقيد ضخمة وعناقيد عملاقة .

فكل حيزا ضخما من الفضاء كل ضلع من أضلاعه قد يكون عشرات الملايين من السنين الضوئية وإذا تم العثور على ضلع ما يكون ساكنا بالنسبة للخلفية الميكروية الموجة نكون فى الحقيقة قد توصلت البشرية لمرجع هائل من المعلومات يمكن الاعتماد عليه فى القياسات والاختبارات والأرصاد ولكن إذا تم ذلك فسنقع فى ورطة فيزيائية صعبة لا حل لها حيث تم العثور على مكان ثابت فى الكون ( المكان المطلق ) مما تنفى النظرية النسبية وجوده فيكون الاكتشاف الجديد تقويضا للنظرية النسبية التى أصبحت دعامة أساسية فى الفيزياء الحديثة .

ويوجد موضوع آخر ذو أهمية فى البحث ألا وهو توزع المادة فى الكون فعن طريق القياسات والتحليلات الطيفية معرفة الأماكن التى توجد بها المجرات والعناقيد الضخمة والعناقيد العملاقة فنجد آثار جاذبية آتية من أمكنة أبعد مما نرصد من مجرات بل إنها خلف المجرات الموجودة فى الأبعاد السحيقة من الكون فالآثار آتية من أرجاء الكون الغير مرئية فهل نتغاضى عما فيها من كتلة

وكيف سيكون حسابها ؟

فالتعامل مع الكون المنظور مستمر أما الكون غير المنظور ما هى كتلته وإلى أين يمتد ؟ فهل يوجد كون غير منظور حقا ؟ 

وإذا كانت المادة كمادة تفتقر إلى التوزيع المتساوى فى الفضاء الكونى لأنه متكدس بالمجرات والعناقيد الضخمة والعملاقة وفى نواح أخرى فراغ ويوجد توزيع متساوى فى أشعة الموجة الميكروية المنتشرة فى الخلفية الكونية وهى تضفى نوعا من التجانس على النسيج الكونى لكنه افتراض نظرى غير قائم على أساس .

فوجود المادة المظلمة تملأ النواحى الفارغة من الكون وإن المادة المظلمة تؤلف ما بين 90 %

إلى ( 99 % ) من مادة الكون ومن المفروض نظريا أن المادة المظلمة الغير مرئية  تتكون من جسيمات كالنيوترينو وجسيمات افتراضية أخرى والتى تحمل المادة المفقودة فى الكون إلا أن الافتراضات تبقى نظرية ولا تؤخذ بجدية .

 

 

 

توسع الانفجار الأعظم ما زال أقوى :

إن القياسات الدقيقة لسرعة مجموعة من المجرات وكأنها تشير إلى أن الكون يحتوى على كتلة لا تكفى للتغلب على قوة الانفجار الأعظم الذى بدأ به توسع الكون وعن طريق تحديد سرعة مجموعة من المجرات الموجودة على سطح فقاعة ضخمة داخل ( الجدار العظيم ) وهو عبارة عن شريط من المجرات اكتشف حديثا طوله ( 500 مليون سنة ضوئية ) وعرضه ( 200 مليون سنة ضوئية ) وسماكته ( 15 مليون سنة ضوئية ) وتوجد الفقاعة التى بداخلها عدد قليل جدا من المجرات بجوار تمركز مهم من المجرات ( حشد كوما أو قنوان الدؤابة ) .

وتشير القياسات إلى أن قوة الجاذبية التى يمارسها ( حشد كوما ) تشد المجرات الموجودة على سطح الفقاعة إلى خارج مسار اتجاه توسع الكون وتعتمد قوة الشد على كمية الشد الذى تمارسه بقية الكتلة فى الكون لإبعاد فقاعة المجرات عن الحشد وبحساب مدى مساهمة ( حشد كوما ) حيث تم التوصل إلى أن متوسط كثافة كتلة الكون أقل من ثلث متوسط الكثافة اللازم لعكس عملية تمدد الكون نحو الخارج .

 

د / عبد الرحيم بدر

تنقيح / أسامة ممدوح عبد الرازق مصطفى شرف

2 / 10 / 2016

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق