الجمعة، 28 يناير 2022

 

 

مم يتكون الكون ؟

سعى الإنسان منذ أن بدأ يتحرر من قيود التفكير الميثولوجى نحو فهم العالم المحيط به معتمدا على عقله ومنطقه فأول ما أثار مرونة الدماغ وحثها على التساؤل فتوصل الإنسان بعينه للصور والتى هى صور الأشياء المحيطة به ( بحر / نار / قمر / طبيعة ) وغيرها حيث ستبصر عين الإنسان الأشياء ويتساءل العقل عن ماهيتها ومم تتكون ؟ وقد عرفت رحلة الإجابة عن السؤال تطورات جذرية بدأت بالتصور البدائى حين اعتقد فلاسفة الاغريق أن كل الأشياء تتكون من مزيج من ( 4 عناصر ) ( الماء / الهواء / النار / التراب ) لتصل إلى مرحلة أكثر نضجا مع بداية ظهور النظرية الذرية الحديثة فى مطلع ( ق / 19 ) عن طريق اقتراح أحد العلماء بفكرة أن كل العناصر المكونة لأى مادة تتشكل من ذرات يختلف عددها وطريقة تركيبها وكيفية تفاعلها الكيميائى باختلاف العناصر فكرة استغلها أحد العلماء الروس ( مندليف ) لملء خانات جدوله الدورى الذى يحتوى على كل العناصر المكونة للعالم المحيط بالبشرية من ( هيدروجين / هليوم / حديد / ذهب / بلوتونيوم / يورانيوم / اكسجين / كربون / نيتروجين ) وغيرها لذا اعتقد غالبية العلماء فى النصف الثانى من ( ق / 19 ) أن كل المواد تتكون من ذرات أولية غير قابلة للتقسيم ومنها ( الهيدروجين / الاكسجين / الكربون / النيتروجين ) حيث يختلف حجمها ووزنها من عنصر لآخر حيث تبين لاحقا فى أواخر ( ق / 19 ) أن التصور غير دقيق فالذرات ليست جسيمات أولية فهى تتكون من جسيمات أصغر منها فقد كان اكتشاف جسيم الإلكترون سنة ( 1897 ) بمثابة الانطلاقة الحقيقية عند اكتشاف الجسيمات الأولية غير القابلة للتقسيم المكونة لكل الأشياء والموجودة فى الكون فعن طريق العالم ( رذرفورد ) عام ( 1920 ) حيث قام بخطوة كبيرة عندما اكتشف العلماء أن بقلب الذرة ( النواة ) جسيمات ذات شحنة موجبة

( البروتونات ) فبعد ( 10 سنوات ) أثبت عالم بريطانى ( شدويك ) وجود جسيمات أخرى داخل نواة الذرة بجانب ( البروتونات ) النيوترونات المتعادلة الشحنة فكان أحدث تصور للذرة هو نواة بها ( بروتونات موجبة الشحنة / نيوترونات متعادلة الشحنة ) التى لا تحمل أى شحنة فكان أحدث تصور للذرة هو نواة بها ( بروتونات موجبة الشحنة / نيوترونات متعادلة الشحنة ) تدور حولها مجموعة من الإلكترونات سالبة الشحنة فقد غاص العلماء فى أعماق نواة الذرة حتى اكتشفوا فى ( 60 / ق 20 ) أن ( البروتونات والنيوترونات ) ليست جسيمات أولية فهى تتكون بدورها من جسيمات أدنى ( الكواركات ) فالبروتون ذو الشحنة الموجبة يتكون من ( 3 كواركات ) ( 2 كواركات علوية ) و ( 1 كوارك سفلى ) أما النيوترون ذو الشحنة المتعادلة فيتكون من ( 3 كواركات ) ( 2 كوارك سفلى ) و ( 1 كوارك علوى ) والكواركات جسيمات أولية لا تقبل التقسيم مثلها كمثل الإلكترون ولها كتلة وشحنة كهربية فماذا يعنى هذا ؟ هذا يعنى أن ( البحر / القمر / النار / الطبيعة ) تتكون من

( 3 أنواع ) من الجسيمات الأولية ( إلكترونات / كواركات عليا / كواركات سفلى ) فكل شىء فى الكون عبارة عن حفنة من الإلكترونات / الكواركات ) ( العليا والسفلى ) فقد اخترقت الإنسان ملايين من الجسيمات الأولية الأخرى ( النيوترينو ) حيث أنتجت فى الثانية الأولى بعد الانفجار العظيم وتنتج فى المناطق الأخرى كالشمس وهى تصل للإنسان كل لحظة وتخترق كل شىء وإن كان الإنسان لا يحس بها لأنها عديمة التفاعل مع المادة فهذه الجسيمات ال ( 4 ) ( الجيل الأول من جسيمات المادة ) لأنه يوجد جيل ( ثانى وثالث ) من الجسيمات الأولية التى استطاع العلماء رصدها فى مختلف المختبرات العلمية ومسرعات الجسيمات عبر العالم .

وعن طريق التساؤل عن سبب وجود ( 3 أجيال ) من المادة ؟ فالجواب بكل بساطة لا أحد يعرف فما يميز الجسيمات فى الجيل الثانى والثالث هى أن كتلتها أكبر مقارنة بنظيرتها من جسيمات الجيل الأول وسرعة تحللها فهى تتحول فى وقت قياسى جدا من جسيمات الجيل الأول المستقرة فمجموع جسيمات الجيل الأول والثانى والثالث ( 12 جسيم ) ( 6 منها ) ( الكواركات ) و ( 6 منها ) ( الليبتونات ) فالكواركات عددها ( 6 ) وهى 1 ) كوارك أعلى  2 ) كوارك أسفل  3 ) كوارك فوق   4 ) كوارك تحت  5 ) كوارك يمين   6 ) كوارك شمال

حيث أن الكواركات الأعلى والأسفل المكونين للبروتونات والنيوترونات فى نواة الذرة وأما ( الليبتونات ) فهى تتكون من ( الإلكترون / النيون / التاو / الإلكترون نيوترينو / النيون نيوترينو / التاو نيوترينو ) وعلى اختلاف كتل وشحن الجسيمات إلا أنها تمتلك خاصية مشتركة بينها وهى أنها تخضع لمبدأ ( التباعد ) لباولى المعروف فى الفيزياء الكمية والذى ينص على ( أنه لا يمكن أن يكون لجسيمين من نفس النوع من الجسيمات ( 12 ) نفس الأعداد الكمية بعبارة أبسط لا يمكن أن يتواجد إلكترونين فى نفس الحيز من الفضاء فالإلكترونين لهما نفس الأعداد الكمية ( 4 ) 1 ) عدد الكم الرئيسى  2 ) عدد الكم المدارى  3 ) عدد الكم المغزلى  4 ) عدد الكم المغناطيسى .

ولا يمكن أن يتواجد كواركين علويين فى نفس المكان فالخاصية المشتركة جمعت ( 12 جسيم ) ووحدتها وجعلت منها عائلة واحدة

( الفيرميونات ) فالكواركات ( 6 ) ( فيرميونات ) لأنها تخضع لمبدأ ( التباعد ) لباولى و ( الليبتونات ) ( 6 ) ( فيرميونات ) فالكون الذى تعيش فيه البشرية مركب من ( 3 مكونات )  1 ) ( 69 % ) طاقة مظلمة  2 ) ( 26 % ) مادة مظلمة  3 ) ( 5 % ) مادة عادية المتمثلة فى ( المجرات / العناقيد المجرية / النجوم / العناقيد النجمية / الكواكب / أقمار الكواكب / المذنبات / النيازك / الشهب / الكويكبات / السدم ) فهذه ال ( 5 % ) من المادة ما هى إلا ( الفيرميونات ) المكونة من ( 6 ليبتونات ) و ( 6 كواركات ) ( فالفيرميونات ) أو ( 12 جسيم ) تتفاعل مع بعضها البعض عن طريق ( 3 قوى ) 1 ) القوة الكهرومغناطيسية  2 ) القوة النووية الضعيفة  3 ) القوة النووية القوية .

 

 

 

 

1 ) القوة الكهرومغناطيسية :

يلاحظ أثرها بين أى جسيمين أو أكثر محملين بشحنة كهربية سواء موجبة أو سالبة فالجسيمان المتشابهان يتنافران والجسيمان المختلفان يتجاذبان وتتم عملية التجاذب والتنافر بفضل جسيمات أولية حاملة للقوة الكهرومغناطيسية ( الفوتونات ) .

 

2 ) القوة النووية الضعيفة :

ويرى أثرها فى بعض ظواهر النشاط الإشعاعى فقد يحدث على مستوى نواة الذرة أن يتحول بروتون إلى نيوترون فعملية التحول يرافقها إنبعاث إشعاعات فكل بروتون يتكون من ( 3 كواركات ) ( 2 كوارك علوى / 1 كوارك سفلى ) فأحد الكواركين العلويين يتحول إلى كوارك سفلى محررا جسيما آخر ( جسيم دبليو ) الحامل للقوة النووية الضعيفة فنحصل على نتيجة ( 2 كوارك سفلى / 1 كوارك علوى ) والذى يشكل النيوترون كما يوجد جسيم آخرحامل للقوة النووية الضعيفة ( جسيم زد ) الذى يتم رصده خلال عملية تصادم البروتونين فى مسرع الجسيمات الكبير فى مختبر ( سيرن ) .

 

3 ) القوة النووية القوية :

لولا القوة النووية القوية لما وجدت أى ذرة فلم توجد أية ذرة فلا توجد المجرات ولا النجوم ولا الكواكب فلو أن الذرة تتكون من إلكترونات لا تحمل أية شحنة وبروتونات تحمل الشحنة الموجبة وأنه إذا كان لجسيمين نفس الشحنة ( سالب مع سالب ) أو ( موجب مع موجب ) فالجسيمان سيتنافران فى حالة النواة البروتونات لها شحنة موجبة مصدرها مجموع شحن الكواركات ال ( 3 ) الموجودة بداخل ( البروتون ) حيث أن الكواركين العلويين تحملان شحنا موجبة فمن المفروض أن يتنافرا فيتجزأ البروتون فكواركات ( البروتون ) تبقى ملتصقة مع بعضها البعض بفضل جسيمات ( الجلونات ) والتى تعنى التصاق فالجالونات هى الحاملة للقوة النووية القوية حيث أن كتل الجسيمات لو لم تأخذ قيمة لولا جسيم ( هيس ) فإن كتل جميع الجسيمات تعرف بمدى تفاعلها مع حقل يملأ الفضاء ( حقل هيس ) حيث أن جسيمات ( هيس ) مكونة لها فكلما كان تفاعل الجسيم مع الحقل ( هيس ) أشد كلما كانت كتلته أكبر فالجسيمات ال ( 4 ) الحاملة للقوى ال ( 3 ) ( دبليو / زد / جول / هيس ) بالإضافة إلى جسيم ( هيس ) المانح للكتلة حيث تشكل عائلة واحدة ( البوزونات ) وكما لعائلة ( الفرميونات ) خاصية مشتركة إذ أنها تخضع لمبدأ ( التباعد ) لباولى أما ( البوزونات ) كاملة لا تخضع لمبدأ ( التباعد ) لباولى أى أن بروتونين يستطيعان أن يشغلا نفس الحيز من الفضاء بدون أى مشاكل حيث أن ال ( 12 الفرميونات ) و ( 5 البوزونات ) هى ( 17 جسيما أوليا ) المكونة لكل الأشياء المرئية والمرصودة هى لبنات أساسية أولية متشكلة من الكون فهى نتاج العلم والمعرفة والتجارب والتضحيات التى امتدت لقرون عديدة ( النموذج القياسى أو المعيارى ) لفيزياء الجسيمات غير أنه على غرار كل النظريات العلمية الحقيقية فإن ( النموذج القياسى أو المعيارى ) ناقص غير مكتمل إذ أنه لا يستطيع إقحام الجاذبية حيث أن الجسيمات الأولية تتفاعل مع بعضها البعض عن طريق ( 3 قوى ) :

1 ) القوة الكهرومغناطيسية    2 ) القوة النووية الضعيفة   3 ) القوة النووية القوية

ولم يتم ذكر القوة ال ( 4 ) ( الجاذبية ) حيث أن القوى الكونية ال ( 4 ) هى :  1 ) الجاذبية  2 ) الكهرومغناطيسية  3 ) النووية الضعيفة

4 ) النووية القوية فشدة التأثير التجاذبى بين جسيمين أوليين على المستوى الميكاوى ( المستوى الذرى وتحت الذرى ) شبه منعدمة مقارنة بالقوى الكونية ال ( 3 ) ولا يظهر تأثير الجاذبية إلا على المستوى الميكروى حيث تصبح الجاذبية القوة المهيمنة فعملية دمج الجسيمات الأولية التى تحكمها فيزياء الكم والجاذبية التى تحكمها النسبية العامة معقدة جدا ورغم وجود عدة محاولات للدمج معا .

 

 

أسامه ممدوح عبد الرازق مصطفى شرف

7 / 1 / 2022

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق