الجمعة، 16 يونيو 2023

فينيكس على سطح المريخ ( Mars )

 

فينيكس على سطح المريخ ( Mars )

قبل مدة قصيرة من هبوط المركبة الفضائية ( فينيكس ) ( الأحد 25 / 5 / 2008 ) فى منطقة جليدية قرب القطب الشمالى للمريخ صدرت الأوامر من ( ناسا ) فى الأرض للمركبتين الدوارتين حول المريخ ( أوديسى وريكونسنس ) للاستعداد لعملية هبوط المركبة ( فينيكس ) والاستماع إليها فقامتا بالمناورات لتغيير ميلان مداريهما حول المريخ بحيث تصبح المركبة الدوارة الأقدم

( أوديسى ) وجها لوجه مع ( فينيكس ) فى لحظات دخولها الغلاف الجوى المريخى الرقيق يوم الأحد ( 25 / 5 / 2008 ) لنقل معلومات هبوطها لمركز المراقبة والسيطرة فى كاليفورنيا بأمريكا لحظة بلحظة خلال ( 7 دقائق حرجة جدا ) للموقع المخصص لها فى وادى ( هيمدل ) قرب القطب الشمالى للمريخ فى البقعة الحلوة المختارة ضمن الموقع بينما تقوم المركبة

( ريكونسنس ) بتسجيل معلومات الهبوط كإجراء احتياطى ثم إرسالها للأرض ومن أهم الاستعدادات للرحلة فعن طريق استخدام الكاميرا العملاقة للمركبة الدوارة الأحدث ريكونسنس بتصويرها الدقيق والمقرب لموقع الهبوط لعشرات المرات فعن طريق اختيار بقعة صغيرة مستوية بيضاوية الشكل طولها ( 100 كم ) وعرضها ( 27 كم ) خالية من الصخور الكبيرة الحجم ويقع تحتها ثلج الماء بعدة سنتيمترات قليلة وسميت البقعة المختارة بالبقعة الحلوة ويقع مركزها عند تقاطع خط الطول المريخى ( 127 غربا ) مع خط العرض ( 68 شمالا ) .

 

الدقائق المريخية الرهيبة ال ( 7 ) :

إن الدقائق المريخية ال ( 7 ) من أهم وأخطر طور مرت به المركبة ( فينيكس ) حيث يوجد احتمال تبخر الجهود التى بذلت لسنوات عديدة فى الإعداد لرحلة ( فينيكس ) خلال ال ( 7 ) دقائق فلا يوجد ضمان تام لنجاح هبوط ( فينيكس ) لأول مرة فى المنطقة المتجمدة من كوكب المريخ بحثا عن وجود الحياة البدائية أو آثارها فى التربة المتجمدة فالرحلة تعتبر مجازفة واختبارا عمليا للتكنولوجيا الحديثة التى دخلت فيها .

واستغرقت المركبة ( فينيكس ) ( 9 أشهر و 20 يوما ) خلال طور الطوفان ( Cruise Phase )

فى مسار منحنى طويل من الأرض إلى المريخ قاطعة مسافة ( 679 مليون كم ) بالرغم أن المسافة المستقيمة بين الأرض والمريخ ( 275 مليون كم ) حتى وصلت سطح الغلاف الجوى المريخى الرقيق على ارتفاع ( 125 كم ) عن سطح كوكب المريخ ولما أصبحت تتحسس هواء غلافه الجوى الخفيف حيث انفصل عنها ( طور الطوفان ) يوم الأحد ( 25 / 5 / 2008 ) وأخذت ( فينيكس ) تتهيأ لطور الدخول فى الغلاف الجوى والهبوط للوصول لسطح المريخ وهو الطور الحرج والخطر وبدأت ( فينيكس ) بتوجيه درعها الحرارى التى تغطى قاعدتها وأرجلها باتجاه الغلاف الجوى المريخى الرقيق وبدأت تجتاز الغلاف الجوى للمريخ بسرعة / 5.7 كم / ث

وبعد مرور أول ( 3 دقائق ) على الهبوط ارتفعت درجة حرارة مقدمة الدرع  الحرارى  من جراء الاحتكاك بالهواء المريخى لدرجة ( 1420 م ) وخفت سرعة هبوطها إلى ( 1 كم / ث ) وعندما أصبحت ( فينيكس ) على ارتفاع ( 13 كم ) من سطح المريخ انفتح البراشوت الخاص بها والمربوط فى غطاء ظهرها ليخفف المزيد من سرعة هبوطها خلال ( 3 دقائق ) أخرى وبعد مرور ( 30 ث ) على انفتاح البراشوت انفصلت الدرع الحرارية عن ( فينيكس ) وقامت بمد أرجلها ال ( 3 ) وبعد مرور ( 60 ث ) بدأ رادار ( فينيكس ) بالعمل وأخذ يقيس الارتفاع عن سطح المريخ وسرعة هبوط المركبة العمودية والأفقية فى كل ثانية ويرسلها لكمبيوترها للتحكم بها وعندما أصبحت ( فينيكس ) على ارتفاع ( 924 م ) عن السطح انفصل عنها البراشوت مع غطاء الظهر وابتدأت مرحلة اشتعال الصواريخ المضادة للجاذبية المريخية المثبتة فى قاعدة المركبة ( فينيكس ) وعددها ( 12 صاروخا ) وبنبضات صاروخية سريعة واصلت ( فينيكس ) هبوطها ببطء شديد بتحكم الرادار والكمبيوتر بسرعة النبضات الصاروخية المضادة للهبوط العمودى والأفقى حتى وصلت سرعة الهبوط إلى ( 2.4 م / ث ) على ارتفاع ( 30 م ) عن السطح ولمست سطح المريخ بهدوء تام ووقفت على أرجلها ال ( 3 ) فى الموقع المخصص لها .

وانتظرت ( فينيكس ) ( 20 دقيقة ) بعد هبوطها الآمن فى موقعها فوق سطح المريخ لتجنب ترسب الغبار الذى آثارته فوق لوحيها الشمسيين ثم قامت بفتح وفرش اللوحين الشمسيين ورفعت ( فينيكس ) كاميرتها المجسمة المثبتة فوق برج فى ظهرها للأعلى والتقطت صورة إلى اللوحين الشمسيين للتأكد من انفتاحهما وتسلمها الطاقة الشمسية وهو الشىء الحيوى لقيام

( فينيكس ) بطور العلم التالى ثم رفعت سارية مرصد المناخ الجوى المريخى للأعلى وبعد مرور ساعتين على هبوطها ووقوفها على أرجلها التقطت ( فينيكس ) أول صورة بانورامية ملونة ومجسمة لسطح المريخ فى البقعة المحيطة بها وأرسلتها مع المعلومات الأخرى فى الأرض فتم الوصول لقرب القطب الثلجى الشمالى للمريخ لأول مرة .

 

 

 

 

بعد نجاح الهبوط :

خلال أول ( 10 أيام ) من وقوف واستقرار ( فينيكس ) على سطح المريخ الثلجى ستقوم بطور التشخيص أى تشغيل كل أنظمة الطاقة والتدفئة وحركات ذراعها الروبوتية وكاميرتها وأجهزتها العلمية ونظام اتصالاتها بالأرض عبر المركبتين الدوارتين حول المريخ / أوديسى / ريكونسنس

للتأكد من اشتغال الأنظمة واحدا تلو الآخر وإرسال نتائج الطور إلى الأرض ثم تدخل ( فينيكس ) طور العلم وتبدأ بأول دورة لحفر سطح التربة الثلجية بمجرفتها الخاصة المثبتة فى نهاية ذراعها الروبوتية طولها ( 2.3 م ) وفوق المجرفة تقع كاميرتها والمجرفة تستطيع بشفراتها الحادة حفر خندق فى التربة الجليدية المتصلبة بعمق يصل ( 50 سم ) وتفتيتها وجرف عينات منها وتسليمها لأجهزة التحليل الحرارية / الغازية والكيماوية / المجهرية والفيزياوية المثبتة فى ظهر المركبة ( فينيكس ) وتستغرق كل دورة حفر وتسليم عينة التربة للأجهزة وتحليلها من

( 10 : 15 يوما ) ابتداء من أول عينة فى أول دورة تؤخذ مباشرة من سطح التربة المريخية ثم نزولا بالحفر فى عمق التربة المريخية بمقدار ( 2 : 3 سم ) فى كل دورة تالية .

كل هذه العمليات تحت سيطرة كمبيوتر المركبة ( فينيكس ) خاضعة لأوامر الفريق العلمى والهندسى فى مركز المراقبة والسيطرة على الأرض فيتم مشاهدة خطوات كل العمليات وكل ما تقوم به ( فينيكس ) من حفريات وتحليلات وتصوير مجهرى وقياسات للحرارة والرطوبة والضغط الجوى لتربة وجو وسماء المنطقة المحيطة بها عن طريق الكاميرا البانورامية المجسمة الملونة المحمولة فى قمة البرج على سطح المركبة ( فينيكس ) وسوف تستمر ( فينيكس ) بنشاطها فى الطور العلمى بحفر وتحليل عينات التربة والثلج الواقع تحتها بوساطة ذراعها الروبوتية وفى كل الترب المحيطة بها وإرسال نتائج التحليل والصور المجهرية للأرض ولمدة

( 3 أشهر ) ما لم يحدث شىء يوقف نشاطها .

 

كم تبقى ( فينيكس ) حية ؟

تتولى المركبتان الدوارتان حول المريخ ( أوديسى / ريكونسنس ) نقل سيل النتائج العلمية والصور والتحليلات والقياسات والمعلومات الهندسية فى نهاية كل دورة مدتها من / 10 : 15 يوم من المركبة ( فينيكس ) لمركز المراقبة والسيطرة على الأرض وهناك يقوم فريق العلماء والمهندسين بدراستها وصياغة وإعداد أوامر جديدة لإرسالها عبر ( أوديسى ) و ( ريكونسنس ) إلى ( فينيكس ) لتنفيذها فى الدورات التالية وتستمر الدورات ( الحفر / التحليل /

ارسال النتائج للأرض تسلم الأوامر وتنفيذها فى كل ( 10 : 15 يوم ) حتى تنتهى المدة المقررة لبقاء ( فينيكس ) على سطح المريخ ( 90 يوم ) والتى يمكن تمديدها بطول فترة الصيف المريخى ( 170 يوم ) من قبل الفريق العلمى الهندسى المشرف على رحلة ( فينيكس ) .

إن المركبة ( فينيكس ) صممت للعمل والبقاء فى المنطقة الجليدية الشديدة البرودة لمدة ( 3 ) أشهر وهى فترة النصف الأول من الصيف المريخى حيث تتراوح درجة الحرارة فوق سطح التربة المريخية الحمراء اللون بين (- 33 درجة ) تحت الصفر فى النهار و ( - 72 درجة ) تحت الصفر فى الليل وفى الخريف والشتاء التالى سوف يشتد البرد الزمهريرى ويتراكم ثلج غاز أول أكسيد الكربون السام والمتكاثف من الجو حيث نسبة غاز أول أكسيد الكربون ( 95 % ) ليغطى المركبة ( فينيكس ) ويجمدها ويقتلها لأنه سيحجب الطاقة الشمسية عن ألواحها الضوئية المولدة للطاقة الكهربية فتفرغ بطارياتها ويتوقف نظام تدفئتها ونشاطها العلمى واتصالاتها بالأرض نهائيا لأن إلكترونيات ( فينيكس ) لا تتحمل برودة دون درجة ( - 40 درجة ) تحت الصفر فإذا توقفت تدفئتها بالتيار الكهربى وهبطت حرارتها تحت هذه الدرجة فإنها تدخل فى غيبوبة أبدية كما حصل للمركبة الجوالة السابقة ( باثفايندر ) سنة ( 1997 ) التى جمدها وقتلها الشتاء المريخى بعد ( 83 يوم ) من العمل المتواصل .

 

بحثا عن بقايا حياة :

إن أهم النتائج وهى أن تكتشف أجهزة التحليل والتصوير المجهرى الموجودة فى ظهر فينيكس  وجود كائنات مجهرية بدائية حية أو ميتة ( بكتيريا ) أو بقايا مركباتها الكربونية المتحللة فى دقائق التربة المريخية أو الماء المذاب من الثلج الواقع تحت سطح التربة المريخية وعن طريق تعقيم ذراع ومجرفة ( فينيكس ) وقتل أى بكتيريا فيها قبل انطلاقها من الأرض لكى لا تنتقل بكتيريا الأرض لتربة المريخ فالاكتشاف أكد العثور على بكتيريا مريخية فى التربة أو الثلج حيث أن المريخ فى محاولات مستقبلية سوف يتم إرسال المزيد من الرحلات والبحوث العلمية للمناطق المريخية المتجمدة بهدف فك لغز المريخ وفهم أسباب تحوله من كوكب مائى رطب دافىء قابل لوجود الحياة لكوكب صحراوى جاف قاحل وقارص البرد   

 

د / عبد الأمير مهدى مطر

تنقيح / أسامة ممدوح عبد الرازق مصطفى شرف

27 / 4 / 2019

 

 

تنقيح / أسامة ممدوح عبد الرازق مصطفى شرف  18 / 12 / 2017

18 / 12 / 2017

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق