الجمعة، 23 يونيو 2023

ماذا لو سقط الإنسان فى كوكب زحل ؟

 

ِماذا لو سقط الإنسان فى كوكب زحل ( Saturn ) ؟

ماذا لو سقط الإنسان فى كوكب زحل ؟ فخلف الكوكب الأحمر / المريخ / Mars العملاق الغازى الهائل / المشترى / Jupiter

يقبع واحد من أكثر عوالم النظام الشمسى سحرا قد يكون زحل هو ثانى كواكب المجموعة الشمسية التى يمكن التعرف عليها وتمييزها بعد الأرض بسبب حلقاته الساحرة ورغم أن غيره من العمالقة الغازية تتمتع بأنظمة حلقية إلا أن لا أحد من هذه الأنظمة يضاهى أنظمة زحل جمالا وحجما فيحتل زحل المرتبة الثانية بين كواكب المجموعة الشمسية ( Solar System ) من حيث الحجم وغالبا ما يقارن بالمشترى جراء تشابه تركيبى فى غلافيهما الجويان واللذان يغلب على تركيبهما الهيدروجين والهليوم وعلى مر الأعوام الماضية شهدت العمالقة الغازية زيارات أجرتها العديد من البعثات لكن أكثرها أهمية كالتى قامت بها مركبة ( كاسينى ) الفضائية التى دارت حول العوالم المحاطة بالحلقات ( 294 مرة ) مرسلة المعلومات إلى الأرض على مدار ( 13 سنة ) قبل غوصها مباشرة داخل سحب زحل الكثيفة فى ( 9 / 2017 ) وبسبب المعلومات القيمة التى جمعتها كاسينى وغيرها من المركبات الفضائية يتمتع العلماء بفهم أفضل لبنية زحل الداخلية ومكوناتها فليرتدى الإنسان البدلة الفضائية التى سيستعيرها من أفلام الخيال العلمى ليغوص الإنسان مباشرة فى زحل ويرى ما الذى يغتال أسفل السحب العملاقة الغازية الغامضة العليا .

كالعديد من العمالقة الغازية التى تم استكشافها سابقا ستكون تلك بالمهمة المستحيلة بالنسبة لأى كائن بشرى لذا نفترض أن الإنسان مجهز مسبقا ببدلة فضائية كالموجودة فى أفلام الخيال العلمى والتى سترافق الإنسان طيلة الطريق نحو نواة كوكب زحل فحين يسقط الإنسان نحو زحل يحظى بمشاهدة ساحرة عن كثب لحلقات زحل والمؤلفة من مليارات الجزيئات الجليدية الصغيرة إلى جانب الكثير من الصخور المبعثرة كبيرة الحجم وفى البداية ستكون سرعة سقوط الإنسان فى زحل مماثلة للسرعة التى يسقط بها الإنسان نحو الأرض فجاذبية زحل لا تفوق جاذبية الأرض سوى ( 7 % ) حيث سيعبر الإنسان أثناء سقوطه فى زحل عبر سحب بلورات الأمونيا حيث ستبلغ درجة الحرارة ( - 130 درجة سيليزيوس ) تحت الصفر وبضغط مساو للضغط الجوى النظامى عند سطح البحر على الأرض حيث سيصل الإنسان فى النهاية إلى أسفل سحب الأمونيا ليدخل الإنسان الطبقة الثانية وهى البنية الداكنة من سحب الأمونيا الكبريتية المائية والكبريتية حيث سيخضع الإنسان لضغط يتراوح بين ( 2 : 4 ) ضغط جوى ولدرجات حرارة تبلغ ( - 100 درجة م ) تحت الصفر وبالاتجاه الدائم نحو الأسفل عبر هذه الطبقات سيلحظ الإنسان ظلمة متزايدة فى محيطه مع تضاؤل نفاذية ضوء الشمس إلى هذه الأعماق لكن باستخدام الخوذة المتصلة بالبدلة الفضائية سيتمكن الإنسان من مشاهدة ما يحيط به حيث ستجذب الإنسان رياح عاتية تصل سرعتها إلى

( 1000 ميل / س ) حيث أن زحل هو موطن أعلى سرعات الرياح المسجلة فى النظام الشمسى وبدون البدلة الفضائية سيتقطع الإنسان إربا لكن بفضلها سيبقى الإنسان ثابتا مستقرا وسيتمكن من متابعة الطريق عبر هذه الهاوية وبعد أن تقطع مسافة ( 140 ميل ) عبر هذه الهاوية سيبلغ الإنسان فى النهاية أسفل هذه الطبقة الجهنمية وسيبدأ الإنسان بالدخول فى منطقة الغيوم الجليدية المائية الشاهقة والمظلمة وستولد الكهرباء الساكنة أقواسا لعواصف رعدية هائلة الشدة سيرى الإنسان برقها تحيط به من كل الجهات أثناء هبوط الإنسان السريع عبر طبقات الغيوم المرعبة فعند هذه المرحلة سيتصاعد الضغط ليصل إلى ( 10 ضغط جوى ) لكن زيادته ستكون متسارعة على مدار ساعتين أثناء رحلة الإنسان حيث ستبلغ المسافة التى قطعها الإنسان ( 250 ميل ) داخل بيئة زحل حيث ستغدو البيئة الغريبة التى وجد الإنسان نفسه فيها ( كوكب زحل ) فى بداية الرحلة أكثر قسوة إذ سترتفع درجة الحرارة لتصبح ( 100 درجة م ) عند الدخول إلى منطقة يسال فيها كل من الهيدروجين والهليوم تحت تأثير الضغط المرتفع حيث سيصبح الجو المحيط بالإنسان أكثر سماكة ليعيق فى النهاية عملية الهبوط حين تتساوى كثافة جسد الإنسان مع كثافة المحيط لكن ستتيح البدلة الفضائية عالية التكنولوجيا إمكانية المتابعة وبذلك سيتمكن الإنسان من مشاهدة ما يوجد فى الأسفل وبعد الغوص لساعات عديدة سيصل الإنسان إلى عمق ( 20000 ميل ) داخل زحل وسيصل الإنسان إلى منطقة الهيدروجين المعدنى الواقع عند ضغط يصل إلى ( 2 مليون ضغط جوى ) حيث سترتفع درجة الحرارة إلى ( 9000 درجة سيلزيوس ) مسببة تألق ما يحيط بالإنسان بلون أبيض حار فمحيط الهيدروجين المعدنى المذهل هو الذى يولد الحقل المغناطيسى الهائل لزحل وربما بعض مضى أسابيع من بدء الغوص قد تصل المسافة التى قطعها الإنسان داخل زحل إلى ( 35000 ميل ) فقد يصطدم الإنسان فجأة بنواة كوكب زحل والتى هى عبارة عن سطح صخرى من الحديد المضغوط المشوب بتراكيب جليدية غريبة يمكن أن يصل حجمها إلى ضعفى حجم الأرض وبوصول الإنسان إلى هذه المرحلة يكون الإنسان قد أنجز مهمته ووصل إلى نهاية المغامرة لكن سيتقطع بالإنسان السبل وحيدا عاجزا عن الهرب وكل ما فى حوزة الإنسان هو البدلة الفضائية التى سيستوجب على الإنسان الصمود أمام درجات الحرارة العالية التى قد تتجاوز 12000 درجة سيلزيوس والضغوط العالية التى ستفوق ( 10 مليون ضغط جوى ) .

فماذا عن كوكب ( نبتون / Neptune ) ؟ هل ستكون الرحلة مثل السقوط على زحل ؟ فنبتون 8 كوكب من كواكب المجموعة الشمسية وأبعدها فنبتون هو عالم مظلم غامض وبسبب المسافة الشاسعة التى تفصله عن الشمس فلم تتم زيارته مطلقا إلا من قبل المركبة الفضائية ( فويجر / 2 ) سنة ( 1989 ) والتى التقطت أول الصور القريبة للنظام النبتونى ويغلب على تكوين الغلاف الجوى لنبتون الهيدروجين والهليوم لكن الألوان الجميلة مصدرها الميثان والمركبات الأخرى الموجودة فى الطبقات العليا للغلاف الجوى لنبتون والتى تمتص الضوء الأحمر وتعكسه كلون أزرق زاه فلقد كانت معظم الدراسات التى أجريت عن نبتون قد تمت باستخدام تلسكوبات أرضية مما يعنى أن نبتون ما زال يحمل العديد من التساؤلات التى لم تتم الإجابة عنها حول داخله الجليدى لكن وبفضل المركبة الفضائية ( فويجر / 2 ) والمعلومات التى تم جمعها من الأرض أصبح بإمكان العلماء دراسة العديد من الأمور حول بنية نبتون وتركيبته مما يجعلهم يدركون وبشكل أفضل ما يقبع داخل العمالقة الجليدية المتعددة فعن طريق القفز بالبدلة الفضائية الموجودة فى قصص الخيال العلمى والغوص مباشرة فى عالم نبتون الغريب ليرى الإنسان ما يتربص به عميقا أسفل سحب نبتون الغامضة ولأن هذه المهمة تستحيل على أى كائن بشرى لنفترض أن الإنسان قد زود ببدلة فضائية وهى من السترات التى سيقطع بها الإنسان المسافة كاملة نحو لب نبتون حيث ستحمى الإنسان من البيئة المدمرة التى سيلاقيها الإنسان مع نبتون كدرجات الحرارة المرتفعة والمنخفضة والإشعاعات المميتة ونقص الاكسجين الحاد والضغوط الهائلة وحالما يسقط الإنسان نحو نبتون سيحظى الإنسان بمشهد عظيم لعواصف نبتون العاتية الثائرة أسفل الإنسان وستكون سرعة السقوط مماثلة لسرعة سقوط الإنسان نحو كوكب الأرض حيث أن جاذبية نبتون تفوق جاذبية الأرض ب ( 40 % ) ولأن نبتون بعيد جدا عن الشمس ستكون كمية ضوء الشمس التى تصل إلى هذا الجزء من النظام الشمسى قليلة جدا وهو يشبه شفق قاتم على الأرض حيث سيسقط الإنسان فى نبتون عبر السحب البيضاء الرقيقة والمرتفعة والمؤلفة من بلورات الميثان عند ضغط جوى يقدر بنصف ضغط جوى وهى نصف الضغط الجوى الأرضى عند سطح البحر وعند هذه الارتفاعات تكون درجة الحرارة منخفضة جدا وتصل إلى ( 200 درجة سيلزيوس ) تحت الصفر وبعد ( 30 ميل ) باتجاه الأسفل سيدخل الإنسان طبقات من سحب كبريت الأمونيا والهيدروجين التى يقدر ضغطها ب ( 5 ضغط جوى ) حيث تتحرك السحب بسرعة أكبر من سرعة الصوت على الأرض إذ أن نبتون يشهد أسرع رياح فى النظام الشمسى وتصل سرعتها إلى / 1500 ميل / س

لكن وبسبب البدلة الفضائية الخارقة سيبقى الإنسان محافظا على ثباته ومتابعا الهبوط نحو الأسفل وبسبب سحب نبتون الساخنة والمسافة التى تفصله عن الشمس فلا يمكن للضوء أن ينفذ عبر هذه المسافة وسيجد الإنسان نفسه فى وسط نائم من ظلام أسود حالك بارد ومع رياح عاتية تجلد خوذة الإنسان وبعد مضى زمن من سقوط الإنسان فى نبتون وقطع مسافة 100 ميل نحو نبتون سيجد الإنسان ومضات برق هائلة تنير محيط الإنسان المظلم كاشفة عن أعمدة من سحب جليد مائى بيضاء وهى التى تسبب حدوث العواصف الرعدية المدوية وبعد مرور مرحلة السحب سيرتفع الضغط ليصبح أكثر من ( 50 ) ضغطا جويا وستكون درجة الحرارة أعلى من ( 26 درجة س ) وباستخدام الخوذة الخارقة سيتمكن الإنسان من رؤية ما يحيط به لكن سرعان ما سيدرك الإنسان أن طبقات الغيوم كانت الجزء السهل من مغامرة الإنسان فحالما يخرج الإنسان من أسفل سحب الجليد المائى سيصبح الضغط مرتفعا جدا وسترتفع درجة الحرارة بشكل كبير لتتجاوز ( 1000 درجة س ) وبعد مضى فترة طويلة من الغوص سيكون الإنسان قد قطع مسافة ( 4000 ميل ) ضمن نبتون وعبر وشاح نبتون الغامض حيث يجب على البدلة الفضائية التى يرتديها الإنسان أن تصمد فى الضغوط أكثر من ( 1000 ضغط جوى ) وفى درجات حرارة متزايدة تفوق

( 4000 درجة س ) فالطبقات الغريبة فائقة التسخين مؤلفة من جليد من الماء والميثان والأمونيا وهو يسلك سلوك مانع كثيف حار تحت ضغوط مرتفعة وبسبب الضغوط المرتفعة قد تتبلور ذرات الكربون لتشكل الألماس وبالهبوط مقتربا أكثر من نواة نبتون سيمطر الماس حول الإنسان كأحجار ثلجية براقة تغطس ببطء عبر الوشاح السائل وبعد فترة زمنية كبيرة عبر المنطقة السميكة ذات الضغوط ودرجات الحرارة الآخذة فى الارتفاع التدريجى ستنتهى مغامرة الإنسان بعد آلاف الأميال داخل نبتون حيث سيقف الإنسان على نواة نبتون وهى سطح كتلته تساوى كتلة الأرض ومؤلف من الحديد الصخرى وأنواع من الجليد الشاذ وربما طبقات مغلفة من الماس فى هذه المنطقة سيكون الإنسان مقيدا وغير قادر على المضى أبعد من ذلك وغير قادر على الهرب وسيتحتم على الإنسان قضاء بقية حياته فى بيئة جهنمية مسلحا بالبدلة الفضائية الخارقة التى سيكون عليها الصمود فى درجات حرارة أعلى من ( 5000 درجة س ) وضغوط تفوق ( 7 مليون ضغط جوى ) .

 

 

أسامه ممدوح عبد الرازق مصطفى شرف

1 / 8 / 2022

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق