الجمعة، 16 يونيو 2023

كوكب المريخ / ألغاز لم تحل

 

كوكب المريخ / ألغاز لم تحل

إن ( الكوكب الأحمر / المريخ / Mars ) الكوكب المجاور للأرض حيث أنه كوكب بارد وجاف أما جاذبيته الضعيفة فتمسك بغلاف جوى رقيق حيث كان سطح المريخ فى السابق أكثر دفئا وكان يحتوى على أنهار وربما فى سنواته الأولى كان مناسبا للحياة حيث استخدمت سلسلة من التكنولوجيات الجديدة فى محاولة لكشف أسرار الكوكب الأحمر ومع بداية زيارة المسابير الفضائية للمريخ باتت الرؤية لسطح المريخ أوضح حيث زادت أسئلة العلماء وبينما زادت معرفة البشرية بشكل كبير لجيولوجيا المريخ وجوه وطقسه فإن كل رحلة إلى المريخ تثير أسئلة أكثر من الإجابات وما زالت البشرية لا تدرى ما إذا كان المريخ يوما ما موطنا للحياة .

حيث كان مسبارا ( فايكنج / 1 و 2 ) متطابقين مع مركبة الهبوط اللتين تمكنتا من الهبوط على سطح المريخ بنجاح حيث أرسلت كلاهما صورا تبرز تضاريس المريخ حيث كان الهدف الأساسى من برنامج ( فايكنج ) هو العثور على آثار حياة لكن تبادر للعلماء أن التجارب ( 3 ) اللازمة لإجراء التحاليل محدودة ومع تطلع العلماء لإيجاد آثار للحياة فى ظروف بيئية قاسية أعادوا التفكير فى المكان الذى يمكن للحياة أن تصمد فيه على المريخ فقد تم الاجتماع على أن المريخ كوكب عقيم وتلاشت فكرة وجود الحياة عليه وبعد انقطاع عن بحوث المريخ دام ( 20 سنة ) حيث وصلت مركبة مسح المريخ الشامل إلى مدار المريخ سنة

( 1996 ) حيث كانت صور الكوكب الأحمر التى أرسلتها أوضح مما أرسل على الإطلاق وفى سنة ( 1962 ) أرسل الاتحاد السوفياتى المسبار الأول ( مارس إم / 1 ) فى بعثة تحليق بالقرب من المريخ حيث كان مشروعا جريئا لكنه فشل حيث كان الأول من بين مشاريع كثيرة فشلت من جانب الاتحاد السوفياتى والولايات المتحدة حيث شكل التنافس فى الحرب الباردة دافعا للقيام بالمهمات الأولى وفى سنة ( 1971 ) أرسلت ( ناسا ) مسبار ( مارينر / 9 ) إلى المريخ حيث كان أول مسبار يدور حول كوكب آخر لكن اكتشف العلماء أن المريخ مغطى بعاصفة رملية كوكبية حيث أظهرت الصور المدارية الواردة أكثر من مجرد غيمة حمراء وسرعان ما أرسل الاتحاد السوفياتى إلى جانب ( مارينر / 9 ) مركبتين مداريتين حيث كانت هذه المرة مختلفة عن كل المرات السابقة التى تم فيها رسم خريطة لسطح كوكب المريخ حيث أظهرت الصور عالية الدقة التى أرسلتها مركبة المسح الشامل للمريخ وجود الأنهار وحتى بيت الأنهار إلا أن الشقوق التى تظهر بين الحين والآخر ترجح أنهما من شىء جرى فى القنوات منذ ملايين السنين وفى ( 7 / 1997 ) وصل مسبار آخر حيث كانت بعثة ( مارس باثفايندر ) واحدة من الجيل الجديد للبعثات المدفوعة من جانب مدير ناسا الجديد تحت شعار ( الأسرع والأفضل والأرخص ) حيث كانت الفكرة تقوم على تقليل الوقت وتخفيض الميزانية ورغم أن ذلك من شأنه زيادة خطر الإخفاق إلا أن انخفاض التكلفة يعنى مزيدا من المهمات حيث أرسلت ( مارس باثفايندر ) عربة جوالة صغيرة على سطح المريخ حيث استخدمت تكنولوجيا الوسادة الهوائية الحديثة حيث تبدو الوسادة من أنظمة حماية السيارات أكثر من المهمات الفضائية السابقة حيث أن المكان الذى حطت فيه المركبة الفضائية فى النصف الشمالى للمريخ ( ايريس باريس ) هو من أكثر الأماكن التى تتواجد فيها الصخور حيث يعتقد أنه مكان آمن للهبوط فيه حيث أن الصخور الكثيرة المتنوعة هى بقايا فيضان قديم حيث نجحت تكنولوجيا الهبوط الحديثة وأصبحت دليلا على صحة الفرضية من أجل المهمات المستقبلية حيث تحطمت مركبة الهبوط ( مارس / 2 ) فيما تمكنت ( مارس / 3 ) من الوصول إلى سطح المريخ بسلام حيث أرسلت صورة مشوشة ومن ثم تعطلت حيث كانت تدور حول المريخ ( 3 مركبات فضائية ) حيث تنظر إلى كوكب ملىء بالغبار وعديم الشكل حيث كان المسباران السوفياتيان متطابقان أما الأمريكى فكان لديه فارق فى التصميم وبينما بدأ المسباران السوفياتيان بالتقاط صور للمريخ وفق البرامج المحددة مسبقا حيث استطاعت ناسا أن ترسل نهرا للمسبار

( مارينر / 9 ) فى الانتظار أملا بإنقشاع الغبار حيث تطلب الأمر شهرا لصفاء الأجواء فتمكن المسبار ( مارينر / 9 ) من رؤية

( 3 فوهات ) بارزة فوق الغبار حيث كانت رءوس براكين هائلة على ( هضبة ثارسيس ) ثم بدأت التضاريس أكثر تفصيلا فى الظهور حيث توجد حفر فى مناطق من سطح المريخ مما يعنى أن القوى التكتونية التى تجدد سطح أرض المريخ باستمرار غير موجودة على المريخ وكان النشاط البركانى الذى بنى أكبر براكين النظام الشمسى قد خمد منذ مليارات السنين حيث أن علماء ناسا قاموا بتكوين خريطة شاملة لكوكب المريخ تمهيدا لتحديد مواقع هبوط مسابر ( فايكنج ) التى بدأت سنة ( 1976 ) وفى حين كانت فى كوكب المريخ رواسب جوفية من الجليد حيث كانت الكمية المتبقية منها على سطح المريخ ثمينة لأنه قد تبين أن الكثير من تضاريس المريخ تشكلت بفعل المياه الجارية حيث أكدت التحاليل التى أجريت على العينات أن الماء وليس غيره هو السبب فى التغيرات على سطح المريخ حيث كان المريخ قديما شبيها بالأرض لكنه فقد مياهه السطحية ومعظم غلافه الجوى ولا تزال التساؤلات الدائرة حول وجود الحياة عليه قائمة فهل يوجد حياة أكثر دفئا ورطوبة على المريخ وهل لا تزال الحياة حاضرة تحت سطح المريخ حيث ستكون مهمة ناسا القادمة أكثر مهماتها طموحا على الإطلاق فالعربة الجوالة ( كريوسيتى ) والتى يبلغ حجمها حجم السيارة سيتم تشغيلها ببطاريات نووية مما سيحصنها من مشاكل الغبار التى واجهت سابقاتها حيث أطلقت

( كريوسيتى ) على متن الصاروخ ( أطلس / 5 ) من قاعدة ( كاب كانفيرال ) سنة ( 2011 ) وفى منتصف سنة ( 2012 ) دخلت الغلاف الجوى للمريخ متوجهة إلى فوهة ( جيم جريتار ) حيث كان مختبر الدفع النفاث يتحكم بعملية الدخول عن قرب لكنه لم يملك السيطرة على الأحداث داخل الغلاف الجوى الرقيق للمريخ حيث استطاعت المظلة تخفيف سرعة هبوط المركبة إلى

( 320 كم / س ) ومع الاقتراب من سطح المريخ أفلتت العربة الجوالة من الدرع الهوائى وجاء دور الصواريخ حيث تألفت مركبة ( مارس باثفايندر ) من محطة أساسية مزودة ب ( 3 ألواح شمسية ) حيث يوجد مجسات لقياس ضغط الجو ودرجة الحرارة وسرعة الرياح وجهاز ارسال للتواصل مع الأرض حيث عملت ( مارس باثفايندر ) كمحطة رئيسية للعربة الجوالة

( سوجرنر ) التى كانت تستكشف المنطقة المحيطة حيث زودت ( سوجرنر ) بكاميرات ومطياف جسيمات ألفا العامل بالأشعة السينية إنها البعثة الأولى التى كان لديها موقع إلكترونى خاص بها حيث أرسلت العربة الجوالة آلاف الصور والتفاصيل المهمة حول الجو والتربة ففى صباح ( 4 / 2001 ) أطلقت مركبة مدارية أخرى نحو المريخ حيث زودت ( مارس أوديسى ) ب ( 3 ) أجهزة أساسية وكان لديها القدرة على التصرف كقمر ترحيل للمعلومات بين البعثات المستقبلية إلى سطح الكوكب الأحمر والأرض حيث سارت كل الأمور كما خطط لها حيث كان الهبوط أكثر دقة على الإطلاق وقبل أن تتمكن ( كريوسيتى ) من العمل قام الكمبيوتر بتفقد قائمة من المهام للتأكد من سلامة كل الأنظمة حيث مر يوم قبل أن تقوم العربة الجوالة بنشر سرية كاميرا التصوير وهوائيات الاتصال حيث يعتقد أن عمر فوهة ( جيل ) ( 3500 مليار سنة ) وأن ترسباتها قد تكونت أولا بفعل المياه ومن ثم الرياح حيث أصبح لدى ناسا مختبر علمى متحرك فائق التعقيد على المريخ موصول بالأرض بواسطة أكثر وسائل التواصل تطورا بفضل مركبة ( مارس ريكونسنس ) حيث تتمثل المهمة الرئيسية للعربة الجوالة فى استكشاف ما إن كانت الحياة ممكنة يوما ما على المريخ أو حتى إن كانت موجودة اليوم كما أنها تجمع معلومات دقيقة حول الظروف الحالية على المريخ / الكوكب الأحمر / Mars خاصة مستويات الإشعاع والتى ستؤثر على المهمات المستقبلية المأهولة حيث كان مصمموا البعثة على دراية بالعواصف الرملية الموجودة على المريخ لذا يتوقع أن ألواح الطاقة الشمسية ستغطى شيئا فشيئا بالغبار وستتعطل عن العمل ولكن تبين أن الرياح المريخية تمسح الغبار عن الألواح الشمسية وبعد فترة وجيزة أعلنت ناسا أن العربة ( أوبورتيونتى ) قد وجدت دليلا على وجود مياه سائلة فى الماضى على المريخ حيث التقطت صور لأرض مريخية ( ماتيانى بلام ) تظهر نمطا متدرجا فى الصخر حيث أنها ترسبات مما يظهر توزع مادتى ( الكلورين / البرومين ) فى هذا المكان حيث أنه كان شاطئا لبحر ملحى ففى ( 4 / 2004 ) أعلنت ناسا أنها ستمدد فترة مهمة الجوالتين من ( 3 : 8 أشهر ) وسيكون التمديد الأول بين تمديدات أخرى مماثلة حيث كانت الجوالتين مزودتين بجهاز جرف لحفر نسبة من سطح الصخر للحصول على تحليل مفصل وغير ملوث لعينات التربة المريخية حيث قامت العربة ( سبيريت ) بذلك أولا على صخرة ( أبيرونداك ) الموجودة فى فوهة ( جوسف ) حيث كانت سابقة فى تاريخ الجيولوجيا الكوكبية حيث ساور العلماء القلق قبل تشغيل جهاز الجرف بسبب الاستنزاف الذى يسببه لطاقة العربة حيث كانت الصخرة مكونة من ( الزبرجد الزيتونى / الهيروكسين / أكسيد الحديد الأسود ) لذا فهى تشبه الصخور البركانية على الأرض عندما علقت عجلة ( سبيريت ) اليمنى الأمامية حيث استعمل المهندسون نموذجا طبق الأصل لابتكار طريقة تمكن العربة الجوالة من سحب عجلتها العالقة حيث خلف الأمر تجعيدا فى التربة المريخية مما فتح مجالا جديدا من الأبحاث للفريق العلمى حيث شوهدت ترسبات بيضاء وصفراء داخل الحفرة وهى أنواع متعددة من الأملاح لا تتشكل إلا بوجود المياه الساخنة وعلى الأرض تشكل المياه الساخنة بيئة لتستطيع بعض أنواع الجراثيم العيش فيها وظلت العربة ( سبيريت ) تمشى بصعوبة لتلافى سنوات أخرى قبل أن تعلق فى الرمال المريخية المتحركة ومن جديد عمل المهندسون على نموذج طبق الأصل وقد وضعوه فى ظروف مطابقة ولما لم يوجد أى طريقة لتحريك الجوالة أعلن أنها ستكون منصة أبحاث جديدة حيث توجد محاولات لتحسين وضع العربة الجوالة لكى تعمل ألواح الطاقة الشمسية بفعالية أكبر ولكن لم يكن ذلك ممكنا حيث كان الاتصال الأخير بالجوالة ( سبيريت ) فى ( 3 / 2010 ) بينما صمدت ( أوبورتيونتى ) حتى ( 7 / 2018 ) عندما غطى الغبار ألواح الطاقة الشمسية بها حيث حللت ( كريوسيتى ) التراب من عدة فجوات قامت بحفرها حيث تبين وجود عدة مواد منها :

( الكبريت / النيتروجين / الهيدروجين / الأكسجين / الفوسفور / الكربون ) وكلها مواد لازمة للحياة حيث سارت ( كريوسيتى ) مسافة ( 20 كم ) على مدى ( 6 سنوات ) لكن لكل شىء عواقبه حيث أنها تلتقط كل فترة صورا ذاتية لأسباب تشخيصية حيث تعرضت عجلاتها لأضرار جمة وسيتم تغيير تصميم العجلات للنماذج المستقبلية كما تعرضت كمبيوتراتها للأضرار لكن من المقرر أن تصل مجموعة من البعثات للمريخ سنة ( 2020 ) لتستكمل تقصى كوكب المريخ حيث يوجد جانب من جوانب مناخ المريخ لم يتم التحقيق فيه مطلقا وسيحصل قريبا حيث تم توجيه مسبار ( مارس انسايت ) نحو منطقة ( ايليسيوم بلاتينيا ) القريبة من خط الاستواء لقضاء سنتين لدراسة باطن كوكب المريخ فلقد أتم هبوطا مثاليا فى ( 11 / 2018 ) وبعد نشر الخلايا الشمسية انتظرت لأسابيع حتى تجد موقعا مناسبا لنشر جهاز ( السيسوجراف ) لقياس الموجات الزلزالية على المريخ حيث بدا أن المريخ يملك ماضيا دافئا ورطبا فى حين أنه بارد وجاف حيث أن التعرف على جيولوجيا المريخ سيجعل البشرية تعرف سبب تغيره إلى هذه الحال حيث قام مسبار ( انسايت ) بوضع مجس حرارى فى سطح المريخ لجمع المعلومات حول سريان الحرارة من قلب المريخ ومن خلال فهم العمليات الطبيعية على المريخ يمكن معرفة كيف بدأ التاريخ الجيولوجى لكل من المريخ والأرض ليأخذوا منحنا مختلفا فى المنطقة القطبية للمريخ حيث اختفى الجليد الموسمى وحل محله الكثبان الرملية ففى نصف كوكب المريخ الجنوبى حيث توجد حفر داخل طبقة ترسبات ثانى أكسيد الكربون حيث أثار قطبا المريخ اهتماما بالغا وأصبح شعار ناسا

( اتبع الماء ) حيث تم توجيه مركبة الهبوط ( فينكس ) إلى المنطقة القطبية الشمالية للمريخ للمتابعة على المعلومات الواردة من

( مارس أوديسى ) المتعلقة باحتمالية وجود طبقة مياه متجمدة تحت سطح المريخ ولأن الصور الواردة أظهرت انعدام التغيير فى هذه المنطقة فلم يوجد داع لارسال العربة الجوالة حيث صممت مركبة الهبوط لتستخدم مظلة لإبطاء النزول مع دافعات صاروخية لايصال المركبة إلى سطح المريخ على عكس الحال فى عربات ناسا الجوالة ( 3 ) السابقة حيث أثار القرار جدلا حيث أشارت إحدى الدراسات أن وقود الصواريخ سيلوث المنطقة التى ستهبط فيها المركبة لإجراء التحليل حيث انتظرت المركبة / 15 دقيقة

لينقشع كل الغبار قبل أن تنشر ألواحها الشمسية حيث وصلت ( فينكس ) فى أوائل الربيع المريخى إلى نصف المريخ الشمالى حيث تتلقى ألواح الطاقة الشمسية كمية وافرة من الضوء من أجل المهمة بالإضافة إلى سرية عدسة التصوير فقد كانت فينكس مزودة بمحطة رصد جوى لتسجيل الطقس الجوى للمريخ حيث كانت تحتوى على جهاز لقياس سرعة الرياح ومجسات لقياس الضغط والحرارة المريخان وجهاز انعدام الموجهة بشكل عمودى لرصد سحاب السحاق والثلوج المتساقطة فلم تراقب هذه الظواهر من قبل حيث كانت مركبة الهبوط مزودة بذراع آلية تستطيع الحفر على عمق نصف متر وارسال العينات إلى جهاز التحليل وهو عبارة عن ( 8 أفران ) ذو حرارة مرتفعة حيث صورت العدسات فى إحدى عمليات التنقيب مادة بيضاء اختفت تدريجيا وبالنظر لدرجات الحرارة والوقت الذى استمرت فيه فلا مناص أن تكون مياه متجمدة تبخرت بعد كشفها حيث كانت التربة المريخية قلوية وكان وجود مادة ( البيركلوريد ) التى تقضى على الجراثيم خبرا غير سار لأولئك الذين يؤمنون بوجود حياة على المريخ حيث عملت ( فينكس ) لشهرين اضافيين عن الأمد المحدد لها قبل أن يغطى الشتاء المريخى ألواح الطاقة الشمسية .

 

 

أسامه ممدوح عبد الرازق مصطفى شرف

22 / 6 / 2022

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق