الجمعة، 16 يونيو 2023

كوكب المريخ / أسرار اللون الأحمر

 

كوكب المريخ / أسرار اللون الأحمر

إن النظر لكوكب الأرض من الفضاء نرى عددا لا يحصى من الألوان المتنوعة فالسماء زرقاء حيث يعكس الغلاف الجوى الضوء الأزرق للموجة القصيرة فى جميع الاتجاهات مما يمنح  الغلاف الجوى للأرض لونه المميز فالمحيطات زرقاء لأن جزيئات الماء أفضل فى امتصاص الضوء الأحمر للموجة الأطول من الضوء الأزرق حيث تظهر القارات إما بنية ( الصخور والجبال ) وإما خضراء المتمثلة فى الغطاء النباتى من عدمه بينما تظهر القارات الجليدية بالغيوم الدائمة بيضاء .

لكن على كوكب المريخ يهيمن  لون واحد ( الأحمر ) فالأرض على المريخ حمراء فى كل مان فالسهول والمرتفعات حمراء ةالأنهار الجافة حمراء والكثبان الرملية حمراء والغلاف الجوى للمريخ أحمر فيبدو أن الاستثناء الوحيد هو الغطاء الجليدى والسحب تكون بيضاء وإن كان لونها ضارب إلى الحمرة كما لوحظ من الأرض فمن المدهش أن احمرار المريخ بشرى بشىء لا يصدق فإذا تم الحفر تحت سطح المريخ فإن الاحمرار يتلاشى فما هى القصة العلمية التى تجعل كوكب المريخ شديد الاحمرار فمن الفضاء ليس هناك ما ينكراللون الأحمر للمريخ بالنسبة لكل التاريخ المسجل لمجموعة متنوعة من  الغات حيث كان احمرار المريخ هو أبرز علامة تعنى الحمراء ومع التقدم فى عصر الفضاء تظهر الصور التى تميز السطح عن الغلاف الجوى بوضوح أن الهواء فوق المريخ نفسه له لون أحمر جوهرى ففى العلاف الجوى للأرض يسود التشتت ( راينى ) وباقى الضوء الأزرق فى جميع الاتجاهات بينما ينتقل الضوء الأحمر دون ازعاج نسبيا وتبلغ سماكة الغلاف الجوى للمريخ 0.7 % من الغلاف الجوى للأرض مما يجعل لتشتت ( راينى ) تأثيرا ضئيلا حيث تهيمن جزيئات الغبار فى الغلاف الجوى الرقيق للمريخ بطريقتين :

1 ) إما بإمتصاص أكبر عند الأطوال الموجية القصيرة من ( 400 : 600 نانومتر ) مقارنة بأطوال موجية اطول / + 600 نانومتر .

2 ) وهى أن جزيئات الغبار الأكبر حجما من ( 300 نانومتر ) أو أكثر تشتت الضوء بالطول الموجى الأطول بكفاءة أكبر من جزيئات الغاز الجوى التى تشتت الضوء بالطول الموجى الأقصر فى ظاهرة التشتت فعن طؤيق النظر للغبار الجوى المعلق بالتفصيل على سطح المريخ وبالسؤال كيف يبدو ؟ فإن الاجابة مفيدة بشكل لا يصدق وبمجرد النظر إلى الخصائص الطيفية أو كيفية تأثيره على الضوء يمكن رؤية أن الغبار مشابه جدا للمناطق الموجودة على سطح المريخ والتى هى عالية فى الانعكاسية وتمثل رواسب التربة الساطعة وهى غنية بالحديد أى أنها تحتوى على كمية كبيرة من الأكاسيد الحديدية ومركبات كيميائية تنتج كبريتات الحديد التى تتعرض لعدة عوامل متتالية كالتمريغ بالحرارة و إزالة الماء والتحلل والترشيح والتجفيف والطحن فعند النظر لغبار المريخ بالتفصيل لاسيما فى مهمة ( أوميجا ) فى مهمة ( مارس اكسبريس ) التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية ( إيسا ) حيث نجد أن أكثر أنواع الغبار المريخى شيوعا يأتى من الرمال ذات اللون الأحمر النانوى فالجسيمات التى يتكون منها ( الرماتيد ) صغيرة الحجم يتراوح قطرها ما بين ( 3 : 45 ميكرومتر ) هذا هو الحجم والتركيب المناسبان بحيث أن الرياح المريخية السريعة التى تهب بسرعة تقترب من ( 100 كم / س ) بحيث تكتسح باستمرار كميات كبيرة من الغبار وترفعها للغلاف الجوى للمريخ حيث تظل مختلطة بشكل جيد إلى حد ما حتى فى حالة عدم وجود عواصف رملية فعن طريق النظر لسطح المريخ نفسه فمنذ بداية فحص سطح المريخ بالتفصيل من المهمات التى تدور فى مدارات حول المريخ بما فى ذلك مركبات الإنزال والمركبات الجوالة فتم ملاحظة أن مميزات السطح تتغير مع مرور الوقت على وجه الخصوص فلاحظ العلماء مناطق أغمق ومناطق أكثر إشراقا وأن المناطق المظلمة تتطور فى مناطق بنمط معين فالمناطق المظلمة يتم تغطيتها بالغبار حيث أن الغبار قد أتى من المناطق الأكثر إشراقا ثم تعود إلى الظلام مرة أخرى لفترة طويلة فلم يعرف السبب حتى ثبت أن المناطق المظلمة التى تتغير جميعها بها بعضا من الأشياء المشتركة لاسيما عند مقارنتها بالأماكن المظلمة التى لم تتغير على وجه الخصوص حيث كانت المناطق المظلمة تتغير بمرور الوقت ذات ارتفعات منخفضة نسبيا ومنحدرات أصغر حيث كانت محاطة بمناطق أكثر إشراقا .

فعلى النقيض من ذلك لم تتغير المناطق المظلمة ذات الارتفاع العالى والمنحدرة والكبيرة جدا بهذه الطريقة بمرور الوقت حيث وجد التفسير بأن المريخ مغطى بطبقة من الغبار الرملى الرقيق الذى تحركه الرياح المريخية فى جميع أنواع سطح المريخ حيث تتطاير الرمال من منطقة لأخرى ولكن يسهل على الغبار السفر لمسافات قصيرة والسفر إما من ارتفاعات أعلى إلى منخفضة أو إلى ارتفاعات مماثلة بدلا من الارتفعات الأعلى بكثير وبعبارة أخرى فإن الغبار الأحمر الذى يسيطر على لوحة ألوان المريخ مجرد من جلد سطحى لا أكثر فمعظم كوكب المريخ مغطى بطبقة من الغبار يبلغ سمكها بضعة مللم حتى فى المنطقة التى يكون فيها الغبار كثيفا فالهضبة الكبيرة ( ثراسيس ) مكونة من ( 3 براكين ) كبيرة جدا حيث يقدر سمك الغبار ليس أكثر من ( 2 م ) فإن أكسيد الحديد لا يعلوا بالضرورة غبار المريخ الأحمر حيث توجد أكاسيد الحديد فى كل مكان على الكوكب الأحمر / المريخ / Mars داخل القشرة المريخية وفى تدفقات الحمم البركانية المريخية وغبار المريخ الذى تأكسد به بفعل التفاعلات فى الغلاف الجوى حيث أن الغلاف الجوى للمريخ يحتوى على كميات كبيرة من كل ثانى أكسيد الكربون والماء فيوجد مصدر متاح بسهولة للاكسجين لأكسدة أى مادة غنية بالحديد تصل إلى السطح فعندما يتم النظر إلى خريطة أكسيد الحديديك للمريخ التى تم إنشاؤها بواسطة جهاز ( أوميجا ) على متن ( مارس اكسبريس ) التابع لوكالة الفضاء الأوروبية

( إيسا ) نجد أن أكاسيد الحديديك موجودة فى كل مكان لكن الوفرة أعلى فى الشمال والوسط وفى خطوط العرض وأدناها فى خطوط العرض الجنوبية من ناحية أخرى تظهر التضاريس المريخية أن ارتفاع الكوكب الأحمر يختلف بطريقة مثيرة للاهتمام عبر سطحه بطريقة لا ترتبط إلا جزئيا بوفرة الأكاسيد الحديدية فيقع نصف الكرة المريخية على ارتفاع أعلى بكثير من الأراضى المنخفضة المريخية فى الشمال حيث تحدث أكبر الارتفاعات فى منطقة ( كارسيس ) الغنية بأكسيد الحديديك ولكن فى الأراضى المنخفضة المريخية إلى الشرق منها تنخفض وفرة أكاسيد الحديديك حيث أن الشكل الأحمر لأكسيد الحديديك هو الذى ربما يكون السبب فى احمرار المريخ فليس الشكل الوحيد لأكسيد الحديديك كما يوجد أكسيد الحديديك الأسود وهو أسود اللون على الرغم من أن التضاريس العالمية للمريخ تلعب دورا فى وفرة أكسيد الحديديك فمن الواضح أنها ليست العامل الوحيد المؤثر وقد لا تكون العامل الأساسى فى تحديد لون المريخ فيعتقد العلماء أنه يحدث هو أنه يوجد مجموعة متجانسة من الغبار موزعة عالميا على المريخ ومتجانسة تنجرف إلى الغلاف الجوى للمريخ وتبقى هناك ثم تعليق الغبار بشكل أساسى فى الغلاف الجوى الرقيق للمريخ وعلى الرغم من أن أحداثا كالعواصف الترابية يمكن أن تزيد التركيز إلا أنه لا ينخفض أبدا إلى قيمة منخفضة بشكل كبير فالغلاف الجوى للمريخ غنى دائما بالغبار فالغبار يوفر لونا للغلاف الجوى لكن لون سطح المريخ ليس واحدا على الإطلاق حيث يعتبر ترسب الغبار الجوى عاملا واحدا فى تحديد لون السطح فى مناطق مختلفة من المريخ فلون المريخ ليس لونا موحدا فقد ظل المريخ عبارة عن ظل برتقالى بشكل عام ويبدو أن العديد من الأجسام الصخرية والرواسب على السطح لها مجموعة متنوعة من الألوان ( بنى / ذهبى / أسمر / مخضر / أصفر ) اعتمادا على المعادن التى تتشكل منها فما هى الآلية الدقيقة التى تتشكل بها الجسيمات الحمراء على الرغم من وجود العديد من الأشكال المتعلقة بالأكسجين الجزيئى إلا أنه يوجد بكميات ضئيلة جدا من التفكك الضوئى للماء فمن الممكن حدوث تفاعلات تشتمل على الماء أو درجة حرارة عالية لكن التفاعلات غير مفضلة من الناحية الديناميكية الحرارية وقد يتم الحصول على الإيماتيك ببساطة من عملية فيزيائية بحتة بشكل عام فالمريخ أحمر بسبب الإيماتيك وهو شكل أحمر من أكسيد الحديديك فعلى الرغم من وجود أكاسيد الحديديك فى العديد من الأماكن على سطح المريخ فإن الإيماتيك هو المسئول إلى حد كبير عن اللون الأحمر وجزيئات الغبار الصغيرة العالقة فى الغلاف الجوى للمريخ والتى تعطى الجزء العلوى من ( المليمترات ) إلى ( الأمتار ) القليلة من سطح المريخ هى المسئولة بالكامل عن اللون الأحمر فعن طريق تهدئة الغلاف الجوى للمريخ بطريقة ما لفترات طويلة من الزمن وترك الغبار المريخى يستقر فمن المتوقع أن يسيطر تشتت ( راينى ) كما يحدث على الأرض مما يجعل السماء زرقاء فهذا صحيح جزئيا نظرا لأن الغلاف الجوى للمريخ رقيق جدا وهش وتبدو السماء مظلمة جدا وسوداء بالكامل مع لون خفيف يميل إلى الزرقة على كوكب المريخ فإذا تم حجب السطوع القادم من سطح كوكب المريخ بنجاح فمن المحتمل أن تكون قادرا على رؤية بعض النجوم وما يصل إلى ( 6 كواكب ) ( عطارد / الزهرة / الأرض / المشترى / زحل / أورانوس ) حتى أثناء النهار قد يكون كوكب المريخ هو الكوكب الأحمر لكن القليل جدا هو فى الواقع أحمر فتوجد مناطق صخورها بنية اللون وسماؤها زرقاء كالأرض فهذا الجزء الأحمر هو الطبقة الخارجية من سطح المريخ ومنتشر فى الغلاف الجوى للمريخ مما يفسر اللون الأحمر .  أسامه ممدوح عبد الرازق مصطفى شرف    5 / 6 / 2022

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق