الأربعاء، 16 أغسطس 2023

( المكنيتارات ) نجوم فائقة المغناطيسية

 

( المكنيتارات ) نجوم فائقة المغناطيسية

إن بعض النجوم فائقة المغناطيسية لدرجة أنها تصدر دفقات هائلة من الطاقة المغناطيسية وتغير الطبيعة الكمومية للفراغ وفى عام ( 5 / 3 / 1979 ) وبعد عدة أشهر من إسقاط مسابير استكشاف كوكب الزهرة ( Venus ) ذى الغلاف الجوى السام كانت سفينتا الفضاء السوفيتان

( فينيرا / 11 / 12 ) تندفعان عبر المنظومة الشمسية الداخلية فى مدار اهليلجى ولقد كانت رحلة غير زاخرة بالأحداث فقراءات مقاييس الإشعاع على متن كل منهما كانت تتأرجح حول مائة عدة فى الثانية حيث داهمتهما نبضة من أشعة جاما وخلال جزء من المللى ثانية قفز مستوى الإشعاع إلى أعلى من ( 200000 عدة / ث ) ثم تجاوز الحد الأقصى للمقياس .

وبعد ( 11 ث ) غمرت أشعة جاما مسبار الفضاء ( هيليوس / 2 ) التابع ل ( NASA ) والذى كان يدور حول الشمس حيث كان من الواضح أن وجود جبهة موجية مستوية من الإشعة ذات الطاقة العالية تجتاح المجموعة الشمسية ( Solar System ) سرعان ما وصلت لكوكب الزهرة وتجاوزت طاقة قياس كاشف الإشعاع على متن مركبة الفضاء ( بيونير فينيس أوربيتر ) وخلال ثوان وصلت أشعة جاما للأرض وغمرت كواشف الإشعاع المحمولة على متن ( 3 ) من الأقمار الصناعية التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية ( البنتاجون ) وعلى القمر الصناعى السوفياتى

( بروجنوز / 7 ) ومرصد ( إينستن ) وعندما كانت الموجة فى طريقها للخروج من المنظومة الشمسية داهمت مركبة الفضاء ( المستكشف الدولى للشمس والأرض ) .

وكانت النبضة من أشعة جاما ذات الطاقة العالية القاسية أقوى ( 100 مرة ) من أى انبثاق سابق لأشعة جاما من خارج المنظومة الشمسية على الرغم من استمرارها ( 10 ث ) واستمرت الحياة بوجه هادىء وطبيعى تحت الغلاف الجوى الواقى للأرض ولقد نجت السفن الفضائية من دون أن تحل بها أضرار دائمة نتيجة للنبضة الشديدة مما أدى لظهور وهج أقل سطوعا لأشعة جاما الأقل طاقة وللأشعة السينية التى خفتت تدريجيا خلال ال ( 3 دقائق ) التالية وخلال ذلك صارت الأشعة السينية تتذبذب برفق بدور قدره ( 8 ث ) وبعد ( 14.5 ساعة ) من يوم ( 6 / 3 / 1979 ) أتت نبضة أخرى من البقعة نفسها فى السماء لكنها كانت أقل سطوعا وعلى مدار ال ( 4 سنوات ) التالية تمكن العلماء من رصد ( 16 نبضة لأشعة جاما ) من نفس الاتجاه حيث تفاوتت النبضات فى درجة سطوعها لكنها كانت جميعا أقل سطوعا وأقصر زمنا مما حدث فى ( 5 / 3 / 1979 ) .

فقد وضع علماء الفلك مبدأ للنبضات ضمن تصنيفات نوع آخر من نبضات أشعة جاما وتوجد نبضات مشابهة تأتى من موضعين آخرين فى السماء ( الفضاء ) حيث كان من الواضح أن هذه المصادر تطلق النبضات بطريقة متكررة على عكس نبضات أشعة جاما التى لا تتكرر من الموضع نفسه مرة أخرى .

ولقد جرى الاتفاق بين علماء الفلك على المواقع التقريبية لهذه المصادر الثلاثة ( مكررات أشعة جاما اللينة ) وبهذا اكتسبت أبجديات علم الفلك عنصرا جديدا .

وإن التفسير لهذه المصادر الغريبة وفى عام ( 1998 ) وجد دليلا قويا على هذا التفسير وتربط المشاهدات الرصدية الحديثة النظرية بنوع آخر من الألغاز الفضائية بنبضات الأشعة السينية الشاذة وقد أدت التطورات لطفرة فى الفهم لواحد من أكثر الأجسام الفضائية السماوية غرابة ألا وهو النجم النيوترونى .

إن النجوم النيترونية هى أكثر الأجسام المادية كثافة لأنها تحوى مادة كتلتها أكبر من كتلة الشمس بقليل فى حيز قطره ( 20 كم ) وبناء على دراسة المصادر للأشعة السينية حيث يبدو لبعض النجوم النيترونية حقلا مغناطيسيا فائق الشدة لدرجة أنها تغير جذريا طبيعة المادة بداخلها والحالة الكمومية للخلاء المحيط بها مما يؤدى لتأثيرات فيزيائية لا يمكن مشاهدتها فى أى مكان آخر من الكون .

لأن النبض كان شديد السطوع حيث اعتقد علماء الفلك أن مصدره يقع داخل مجرة درب التبانة / اللبانة / الطريق اللبنى ) وعلى بعد بضع مئات من السنين الضوئية على الأكثر من الأرض ولو كان ذلك صحيحا لكانت شدة الأشعة السينية وأشعة جاما أقل قليلا من الحد الأقصى للسطوع المستقر الذى بإمكان نجم ما أن يصدره وتحكم هذا الحد الأعلى قوة تدفق الأشعة خلال الطبقات الخارجية الساخنة للنجم إذا تجاوز سطوع الأشعة هذا الحد حيث فاقت قوتها قوة ثقالة / جاذبية النجم وأبعدت المادة المتأينة وأخلت بتوازن النجم فإن الإشعاع الأدنى من حد معين واضح التفسير فلقد اقترح عدد من علماء الفلك أن الانفجار كان نتيجة تصادم كتلة مادية كأن تكون كويكبا أو مذنبا بنجم نيترونى قريب .

لكن سرعان ما أربكت الأرصاد الفرضية فقد سجلت السفن الفضائية المختلفة زمن وصول نبضة

5 / 3 / 1979 القوية وأتاحت المعلومات لعلماء الفلك تحديد مصدر النبضات وأن ذلك الموضع يتطابق مع موضع السحابة الماجلانية الكبيرة وهى مجرة صغيرة تبعد عن الأرض قرابة 170000 سنة ضوئية وبالتحديد فقد وافق الموضع مكان بقايا مستعر أعظمى فتى وهو التوهج المتبقى من آثار نجم انفجر قبل ( 5000 سنة ) وإذا لم يكن الاقتران محض صدفة فهو يضع المصدر أبعد ( 1000 مرة ) الأمر الذى يتطلب أن يكون الانفجار أسطع من حد معين بمليون مرة فى خلال ( 0.2 ث ) حيث أطلق طاقة تعادل ما تطلقه الشمس فى ( 10000 سنة ) وركزها فى أشعة جاما بدلا من توزيعها عبر نطاق الطيف الكهرومغناطيسى .

فلا يوجد نجم عادى يمكنه إصدار هذه الطاقة حيث أن المصدر شىء فوق العادة أى ثقب أسود أو نجم نيوترونى وقد استبعد الاحتمال الأول ( أن يكون ثقب أسود ) بسبب نبضات الأشعة بدور قدره

( 8 ث ) فالثقب الأسود ليست له صفات مميزة ويفتقر للمواصفات المطلوبة لإصدار نبضات منتظمة ثم إن ربط مصدر الانفجار ببقايا المستعر الأعظمى أدى لتعزيز فكرة النجم النيوترونى حيث يوجد اعتقاد واسع بأن النجوم النيترونية تتكون عندما يستنفذ نجم ضخم الكتلة وقوده النووى من قلبه ومن ثم ينهار بسرعة بسبب وزنه محدثا انفجار مستعر أعظمى .

إن اعتبار المصدر نجما نيوترونيا لم يحل اللغز بل على العكس زاده غموضا فعن طريق عدة أمثلة عن نجوم نيترونية تقع داخل بقايا مستعرات أعظمية وهذه النجوم نبضات راديوية وهى أجسام شوهدت تطلق ومضات راديوية الموجة لكن دوران مصدر انفجار ( 3 / 1979 ) الذى يستغرق

( 8 ث ) ليدور مرة حول نفسه أبطأ بكثير من أى نباض راديوى معروف ففى الوقت الذى لم يكن فيه مصدر الانبثاق يرسل ومضات أشعة جاما كان المصدر يرسل ومضات من الأشعة السينية على نحو منتظم مما يتطلب طاقة أكبر من التى توفرها الحركة الدورانية لنجم نيوترونى وإن النجم كان مزاحا إزاحة شديدة عن مركز بقايا المستعر الأعظمى فإذا ولد النجم فى المركز وهذا شىء محتمل فلا بد أن يرتد بسرعة تقدر بنحو ( 1000 كم / ث ) لحظة ولادته وهذه السرعة العالية كانت تعد غير اعتيادية لنجم نيوترونى .

فإن الانفجارات نفسها بدت متعذرة التفسير فقد رصدت ومضات أشعة سينية صادرة عن بعض النجوم النيوترونية لكنها لم تتعد حد معين ونسب علماء الفلك الومضات لاندماج نووى حرارى للهيدروجين أو الهليوم أو إلى تنام مفاجىء للمادة باتجاه النجم لكن سطوع الانبثاقات كان غير مسبوق ومن ثم فقد بدأ أن ثمة آلية فيزيائية جديدة أصبحت مطلوبة .

 

التباطؤ الدورانى الأبدى :

رصدت آخر نبضة من مصدر ( 3 / 1979 ) فى ( 5 / 1983 ) ولم ترصد منه بنبضات أخرى وفى عام ( 1979 ) نشط مصدران آخران نشيطان إذ أطلقا المئات من النفاثات وقد اكتشف مصدر رابع من نفس النمط السابق عام ( 1998 ) لثلاثة من المصادر الأربعة ارتباطات محتملة مع بقايا مستعر أعظمى فتى لكن الارتباطات لم تثبت بعد هناك ( 2 ) منها يقعان قرب حشود كثيفة لنجوم ضخمة فتية مما يلمح إلى تكون المصادر من نفس النمط من هذا النوع من النجوم وحديثا نشط مصدر خامس مرشح ليكون من نفس النمط لم يصدر بنبضات أشعة جاما سوى مرتين لكن موقعه الدقيق لم يحدد بعد .

وفى عام ( 1996 ) توصل فريق من العلماء إلى أن نبضات المصادر من النمط نفسه تشبه احصائيا الزلازل الأرضية فالتوزعات الرياضية للطاقة شديدة التشابه إذ تحدث النبضات ذات الطاقة الأقل بقدر أوفر وإن السلوك لعينة كبيرة من النبضات من مصادر مختلفة فهذه الخصائص الاحصائية هى صفة مميزة لأحداث حرجة ذات تنظيم ذاتى يصل فيها نظام مركب إلى حالة حرجة تجعل أى اضطراب طفيف يؤدى لتفاعل متسلسل ويحدث السلوك فى أنظمة شتى كانهيارات التلال الرملية والتوهجات المغناطيسية على سطح الشمس .

لكن لماذا يتصرف نجم نيوترونى على هذا النحو ؟ فإن النابضات الراديوية التى يعتقد أنها نجوم نيوترونية ممغنطة سريعة الدوران فإن الحقل المغناطيسى للنجوم النيوترونية والذى تساندها تيارات كهربائية تنساب فى أعماق النجوم النيوترونية حيث يدور مع النجوم مما يؤدى لانبعاث أحزمة من الموجات الراديوية من القطبين المغنطيسيين للنجم وبدورانها مع النجم تجتاح الموجات الراديوية الفضاء كضوء منارات السفن وتأتى النبضات المرصودة حيث يطلق النجم النابض دفقة من الجسيمات المشحونة والموجات الكهرومغناطيسية المنخفضة التردد التى تستقطع بدورها طاقة وزخما زاويا من النجم مما يتسبب فى انخفاض معدل دورانه تدريجيا .

ولعل النجم النابض الأكثر شهرة الكامن فى ( سديم السرطان ) وهو بقايا انفجار مستعر أعظمى شوهد عام ( 1054 ) حيث يدور النجم حول نفسه مرة كل ( 33 مللى / ث ) ويتباطأ دورانه بمعدل

1.3 ملى / ث لكل قرن وبإجراء استقراء تراجعى لتغير سرعة دورانه وفق هذا المعدل حيث يتبين أن النجم قد ولد وهو يدور حول نفسه مرة كل ( 20 مللى / ث ) ويتوقع علماء الفلك أن يستمر النجم فى التباطؤ إلى أن يبلغ معدل دوران بطىء جدا لا يكفى لإصدار نبضات راديوية ولقد قيس معدل تباطؤ التدويم لجميع النبضات الراديوية وتشير الدراسات إلى اعتماده على شدة الحقل المغناطيسى للنجم النيوترونى ومن هذه العلاقة تم استنتاج أن الحقل المغناطيسى لغالبية النبضات الراديوية الفتية يقع بين ( 10 × 12 ) و ( 10 × 13 جاوس ) .

 

فرن الحمل الحرارى الأعظم :

من أين انطلق الحقل المغناطيسى فى البداية ؟ لقد كان الافتراض المعهود لمعظم علماء الفلك أن الحقل المغناطيسى هو أثر النجم قبل تحوله لمستعر أعظمى فإن لجميع النجوم فى حالتها العادية حقولا مغناطيسية ضعيفة ومن الممكن أن تقوى المجالات المغناطيسية بفعل الانضغاط ووفقا لمعادلات ( ماكسويل ) فى الكهرومغناطيسية فعند تقلص جسم ممغنط لنصف حجمه الأصلى فإن شدة حقله المغناطيسى تتضاعف ( 4 مرات ) ولما كان حجم اللب الداخلى لنجم ضخم يصغر عند تحوله لنجم نيوترونى ( 10 × 5 مرة ) فإن شدة حقله المغناطيسى تكبر ( 10 × 10 مرة ) .

وإذا كان الحقل المغناطيسى للب النجم قويا بدرجة كافية فى البداية فإن الانضغاط يمكن أن يفسر مغنطيسية النجم النابض فلا يمكن قياس الحقل المغناطيسى فى أعماق النجم لذا يصعب اختبار الفرضية البسيطة فيوجد أسباب وجيهة تدعو للاعتقاد بأن الانضغاط ليس سوى جزء من القصة .

ويمكن للغازات أن تتحرك دائريا داخل النجم بفعل الحمل الحرارى فترتفع الأجزاء الساخنة من الغازات المتأينة فى حين تهبط أجزاؤها الباردة ولأن الغازات المتأينة موصلة جيدة للكهرباء فأى خطوط للحقل المغناطيسى تتخلل الغازات حيث تنساق معها أثناء الحركة لذا يمكن للحقل المغناطيسى أن يتطور ويقوى عن طريق ظاهرة ( فعل الدينامو ) ويعتقد أنها المسؤولة عن توليد الحقول المغناطيسية للنجوم والكواكب وقد يكون لفعل الدينامو تأثير فى كل مرحلة من حياة النجم تدور خلالها أجزاؤه الداخلية المضطربة بسرعة كافية فقد يشتد الحمل الحرارى بوجه خاص خلال مدة قصيرة تعقب تحول لب النجم إلى نجم نيوترونى .

ولقد ظهر ذلك أول مرة عام ( 1986 ) فى محاكيات كمبيوترية أجراها العلماء إذ وجدوا أن درجات الحرارة داخل نجم نيوترونى حديث الولادة تتجاوز ( 30 بليون درجة كلفن ) وأن المائع النووى الساخن يدور داخل النجم مرة كل ( 10 مللى / ث ) أو أقل حاملا كمية هائلة من الطاقة الحركية وبعد نحو ( 10 ث ) يتوقف الحمل الحرارى .

وعن طريق تقدير الحمل الحرارى الهائج لمغناطيسية النجم النيوترونى ويمكن للشمس التى تمر بمرحلة هادئة من العملية نفسها فأثناء دوران المائع النووى داخل الشمس يسحب معه خطوط الحقل المغناطيسى ويتخلى له عن ( 10 % ) من طاقته الحركية فلو أن المائع المتحرك داخل نجم نيوترونى يتخلى عن عشر طاقته الحركية للحقل المغناطيسى لازدادت شدة الحقل المغناطيسى لتتجاوز ( 10 × 15 جاوس ) وهى أقوى بأكثر من ( 1000 مرة ) من شدة حقول معظم النابضات الراديوية .

ويعتمد آداء فعل الدينامو داخل النجم كله لا داخل مناطق محدودة منه على كون معدل دوران النجم قريبا من معدل دوران تيارات الحمل الحرارى ويكون المعدلان متماثلين داخل أعماق الشمس حيث يستطيع الحقل المغناطيسى أن ينظم نفسه على نطاقات واسعة فإذا ولد نجم نيوترونى بمعدل دوران أسرع أو مساو لدور تيارات الحمل الحرارى ( 10 مللى / ث ) فباستطاعته إحداث حقل مغناطيسى فائق القوة وواسع الانتشار وفى عام ( 1992 ) أصبحت النجوم النيوترونية الافتراضية

( مكنيتارات ) ويقدر الحد الأعلى لمغناطيسية نجم نيوترونى بنحو ( 10 × 17 جاوس ) وإذا جرى تجاوز هذا الحد فإن المائع النووى داخل النجم يختلط ومن ثم يتبدد الحقل المغناطيسى للنجم فليست هناك أجساما معروفة فى الكون بإمكانها توليد حقول تتجاوز هذا المستوى ثم الحفاظ عليها فأحد تفرعات النظرية أن النبضات الراديوية نجوم نيوترونية فشل فيها تأثير الدينامو الواسع النطاق فى العمل فى حالة نابض سديم السرطان حيث يدور النجم النيوترونى الحديث الولادة مرة كل

( 20 مللى / ث ) وهذا أبطأ بكثير من معدل دوران الحمل الحرارى فإن الدينامو لم يعمل .

 

تلألأ وتجعد أيها المكنيتار الصغير :

إن الحقل المغناطيسى يعمل ككابح قوى لدوران المكنيتار ففى غضون ( 5000 سنة ) سوف يبطىء مجال مغناطيسى شدته ( 10 × 15 جاوس ) من معدل دوران النجم السريع إلى دورة واحدة كل ( 8 ث ) وهذا يفسر بدقة الذبذبات التى رصدت خلال انفجار ( 3 / 1979 ) .

وبتطور الحقل المغناطيسى تتغير هيئته دافعا تيارات كهربائية على طول خطوط الحقل المغناطيسى خارج النجم وهذه التيارات بدورها تولد أشعة سينية ومع تحرك الحقل المغناطيسى عبر القشرة الصلبة للمكنيتار فإنه يحدث انحناءات واستطالات فى قشرة النجم حيث تسفر العملية عن تسخين الجزء الداخلى للنجم ومن حين لآخر تنشق قشرة النجم محدثة زلزالا نجميا قويا حيث تحدث الطاقة المغناطيسية المحررة المصاحبة للزلزال النجمى سحابة كثيفة من الإلكترونات والبوزيترونات إضافة لانفجار مفاجىء لأشعة جاما اللينة مما يفسر النبضات الأقل حدة التى تعطى النمط نفسه .

وفى حالات نادرة يصبح الحقل المغناطيسى غير مستقر ومن ثم يخضع لإعادة تنظيم على نطاق واسع وتحدث انتفاخات مماثلة فى الشمس ولكن بدرجة أقل مسببه توهجات شمسية ولدى المكنيتار طاقة كافية تمكنه بسهولة من إنتاج توهج هائل مثل الذى حدث فى ( 3 / 1979 ) وتبين النظرية أن نصف الثانية الأول من زمن الانفجار الضخم جاء من كرة نارية متمددة وفى عام

( 1995 ) فإن جزءا من الكرة النارية احتجز بواسطة الحقل المغناطيسى قريبا من سطح النجم وتدريجيا انكمشت الكرة النارية وتبخرت مطلقة أشعة سينية طوال الوقت واستنادا لكمية الطاقة المحررة فقد تم تقدير قوة الحقل المغناطيسى الضرورية لاحتواء الضغط الهائل للكرة النارية بأعلى من ( 10 × 14 جاوس ) وتتفق النتيجة مع قوة الحقل المغناطيسى المستنتجة من معدل تباطؤ التدويم .

وفى عام ( 1992 ) فقد قدم تقدير مستقل عندما لوحظ أن الأشعة السينية تنساب بسهولة أكبر خلال سحابة من الإلكترونات عندما تكون الجسيمات دون الذرية المشحونة مطمورة فى حقل مغناطيسى شديد القوة فلكى تكون الأشعة السينية شديدة السطوع خلال الانفجار لا بد للحقل المغناطيسى أن يكون أقوى من ( 10 × 14 جاوس ) .

وما يجعل النظرية أكثر غموضا هو أن الحقول المغناطيسية أقوى من الحد الأعلى لشدة الحقل المغناطيسى فى النظرية الكهروديناميكية الكمومية والتى = ( 4 × 10 × 13 جاوس ) وفى حقول مغناطيسية قوية تحدث ظواهر غريبة فقد تنقسم فوتونات الأشعة السينية لقسمين أو قد تندمج معا ويصبح الخلاء مستقطبا وثنائى الانكسار تجاه الضوء كبلورات الكالسيت وتتشوه الذرات لتتخذ أشكالا اسطوانية طويلة أكثر دقة من الطول الموجى الكمومى النسبى للإلكترون ولجميع الظواهر الغريبة تأثيرات يمكن مشاهدتها فى المكنيتارات ( النجوم الفائقة المغناطيسية ) ولأن فيزياء المكنيتارات غريبة جدا فقد جذبت النظرية عددا محدودا من العلماء .

 

الإنطلاق مرة أخرى :

إن رؤية الأجسام التى هى مصادر النبضات عندما سجل أحد المراصد التابع لناسا حيث استطاع المرصد تحديد مكان الانفجار لكن فى حيز واسع من الفضاء حيث طلب المساعدة من أحد الأقمار الصناعية اليابانية حيث يوجد مصدرا للأشعة السينية فى الحيز نفسه حيث ظل المصدر يبث المستوى نفسه من الإشعاع إلى أن أطلق انبثاقا آخر مثبتا من نفس النمط وقد شوهد المصدر نفسه أول مرة عام ( 1979 ) وبناء على الإحداثيات الفضائية التقريبية ( اس جى آر 1806 – 20 ) ولقد جرى تعيين موقع النجم بدقة أعلى مما يمكن من مراقبة أنشطته عبر الطيف الكهرومغناطيسى

وجاءت الطفرة التالية عندما أطلقت ناسا المستكشف ( آر اكس تى إى ) وهو قمر صناعى صمم ليكون بالغ الدقة والحساسية لقياس التغيرات فى الأشعة السينية حيث أن البث من اس جى آر 1806 – 20 يتذبذب بزمن دورى قدره ( 7.47 ث ) مما يجعله قريبا على وجه مدهش من التذبذب ذى ال ( 8 ث ) المرصود فى نبضات ( 3 / 1979 ) ( من اس جى آر  0526- 66 ) وفى غضون ( 5 سنوات ) تباطأ دوران المصدر ( اس جى آر ) 2 فى الألف ومع أن مقدار التباطؤ قد يبدو صغيرا فهو أسرع من أى نابض راديوى ويستلزم حقلا مغناطيسيا يقارب 10 × 15 جاوس .

وتتطلب الاختبارات الأكثر دقة لنموذج المكنيتار توهجا ضخما آخر فمن التوهج الضخم الذى كان وراء بداية معرفة علم الفلك عن طريق نظرية ( الانفجار الأعظم ) للمصادر ( اس جى آر ) وصلت الأرض موجة أشد من أشعة جاما والأشعة السينية قادمة من أعماق الفضاء ودفعت الأشعة السينية كاشفات الإشعاع على متن ( 7 ) سفن فضائية علمية إلى أعلى معدلات القياس أو تجاوزت الحدود القصوى للمقياس فلقد ضربت أشعة جاما الجانب المظلم للأرض مما كان سببا فى توقف أحد مسابير ناسا عن العمل .

وعن طريق جمع معلومات عن انتشار موجات راديوية ذات تردد منخفض جدا حول الأرض فقد تم ملاحظة تغير مفاجىء فى الطبقة العليا المتأينة للغلاف الجوى فقد هبطت الحافة الداخلية لطبقة الأيونوسفير من ارتفاع ( 85 كم ) إلى ( 60 كم ) وظلت هكذا لمدة ( 5 دقائق ) فقد سبب هذا التأثير فى الأرض نجم نيوترونى من مجرة الطريق اللبنى على بعد ( 20000 سنة ضوئية ) .

 

اعجوبة أخرى للمكنيتار :

كان انفجار ( 27 / 8 / 1998 ) نسخة طبق الأصل من توهج ( 3 / 1979 ) وبصفة أساسية فقد كانت قوته عشر قوة نبضة ( 3 / 1979 ) لكن لما كان مصدر التوهج أقرب إلى الأرض فقد كان أشد توهج مرصود لأشعة جاما من بين الانفجارات التى أتت من خارج المنظومة الشمسية وقد أظهرت الثوانى الأخيرة التوهج كذبذبات واضحة دورها ( 5.16 ث ) فعن طريق قياس معدل تباطؤ تدويم النجم باستخدام أحد المراصد ومن المؤكد أن النجم ( اس جى آر 1900 + 14 ) كان يتباطأ بمعدل مقارب لمعدل تباطؤ المكنيتار ( اس جى آر 1806 – 20 ) مشيرا لحقل مغناطيسى قوى ذى شدة مماثلة وبذلك دخل نجم جديد من النوع ( اس جى آر ) دائرة الشهرة .

ولقد سمح التحديد الدقيق لمواقع ( اس جى آر ) فى الأشعة السينية بدراستها باستخدام المقاريب الراديوية ومقاريب الأشعة تحت الحمراء وأن جميع مصادر ( اس جى آر 4 ) مستمرة فى إطلاق طاقة ضعيفة ( الأشعة السينية ) تتخلل انفجارات جاما وكلمة ( ضعيفة ) نسبية لأن الأشعة السينية أقوى مما تصدره الشمس منها فى الضوء المرئى بين ( 10 و 100 مرة ) .

إن الحقول المغناطيسية للمكنيتارات تقاس بطريقة أفضل من قياس الحقول المغناطيسية للنابضات ففى النابضات المنعزلة يأتى الدليل الوحيد على وجود حقول شدتها ( 10 × 12 جاوس ) من معدل تباطؤ التدويم فإن اتحاد معدل تباطؤ التدويم العالى والتوهجات الساطعة للأشعة السينية يعطى حججا مستقلة على وجود حقول بقوة ( 10 × 15 جاوس ) فى المكنيتارات فعن طريق مجموعة من الأدلة تخبر بوجود حقل مغناطيسى قوى فى المكنيتارات متمثل بخطوط طيفية للأشعة السينية تبدو منبعثة من بروتونات تدور فى مجال قدره ( 10 × 15 جاوس ) .

ويوجد تساؤل يدور حول ما إذا كانت المكنيتارات مرتبطة بظواهر كونية أخرى إضافة لمصادر

( اس جى آر ) فيوجد فئة من نبضات أشعة جاما القصيرة من نوع ( جى آر بى ) التى لم تفسر بعد بطريقة مقنعة ويمكن لعدد قليل منها أن تكون توهجات مكنيتارات فى مجرة أخرى فحتى إذا شوهد توهج هائل من مسافات بعيدة فسوف يكون قريبا من حدود حساسية المقاريب وسوف تسجل الومضة الساطعة القصيرة من أشعة جاما الشديدة وتصنف على أنها نبضات من النوع جى آر بى .

إن بإمكان نموذج المكنيتار أن يفسر نبضات الأشعة السينية الشاذة وهى نوع من النجوم التى تشبه نجوم ( اس جى آر ) فى عدة أوجه فقد تمكن العلماء حديثا من رصد نبضات من أحد النجوم مقترن ببقايا مستعر أعظمى حديث فى كوكبة ( ذات الكرسى ) .

يوجد نابض آخر فى كوكبة ( ذات الكرسى ) أول مرشح ليكون مكنيتارا فقد تم رصد نشاط له فى الضوء المرئى فعن طريق رصد سطوع النجم فى الضوء المرئى وعلى الرغم من خفوت ضوئه لحد بعيد فإنه ينبض فى الضوء المرئى بنفس دور الأشعة السينية المنبعثة من النجم النيوترونى فإن النجم هو مكنيتار ويتنبأ البديل الرئيسى لنموذج المكنيتار أى أن النبضات عبارة عن نجوم نيوترونية عادية محاطة بأقراص من المادة بكمية مفرطة من الاشعاعات المرئية وتحت الحمراء ذات نبضات ضعيفة جدا .

وعلى ضوء الاكتشافات الحديثة والهدوء الظاهرى للمكنيتار الكامن فى السحابة الماجلانية الكبيرة حيث يبدو أن المكنيتارات قادرة على أن تغير ردائها لتبقى ساكنة سنين أو عقود قبل أن تمر بفترات مفاجئة من النشاط المفرط وإن النبضات أصغر عمرا فى المتوسط من النجوم اس جى آر

فإذا كان كلاهما من نوع المكنيتار فمن المقبول أن تكون النجوم جزءا جوهريا من مجموع النجوم النيترونية فى الكون .

فقد تم اكتشاف القليل من المكنيتارات من بين عدد لا نهائى من النجوم حيث تعلن النجوم عن نفسها خلال جزء من الثانية وستفنى الحقول المغناطيسية للمكنيتارات وتتوقف عن إصدار الأشعة السينية الساطعة   مجلة العلوم الأمريكية  تنقيح / أسامة ممدوح عبد الرازق  10 / 12 / 2016  

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق