الأربعاء، 16 أغسطس 2023

القمر ينكمش

 

 

القمر ينكمش

إن تحليل الصور التى تلتقطها مركبة الفضاء ( لونار ريكونيسانس أوربيتر ) التابعة لناسا حيث أن جروفا جديدة اكتشفت فى القشرة القمرية تبين بوضوح أن القمر قد انكمش فى الحقب الجيولوجية القريبة وربما لا يزال ينكمش حتى اليوم ويلقى الاكتشاف المزيد من الضوء على التطور الجيولوجى والتكتونى للقمر فى الحقب الأحدث .

وكان القمر قد تكون فى بيئة فوضوية اتصفت بقصف حاد من الكويكبات والنيازك والاصطدامات لجانب تحلل العناصر المشعة جعلت القمر ساخنا وأخذ القمر يبرد مع تقدمه فى العمر حيث أن القمر كان ينكمش بمرور الوقت كلما برد أكثر خصوصا فى تاريخه المبكر لكن الكشف الجديد الذى تحقق بعد تحليل آلاف الصور الملتقطة لسطح القمر بواسطة المركبة

( لونار ريكونيسانس أوربيتر ) يميط اللثام عن نشاط تكتونى حديث نسبيا مرتبط بعملية التبريد الطويل الأمد وبانكماش باطن القمر .

إن الجروف المفصصة قد تشكلت قبل أقل من بليون سنة وربما كانت أصغر من ذلك وتكونت قبل ( 100 مليون سنة ) .

وبينما هى قديمة بالمعايير البشرية فإن عمرها لا يتجاوز ( 25 % ) من عمر القمر الحالى الذى يقدر بأكثر من ( 4 بلايين سنة ) حيث أن حجم الحروف تشير إلى أن المسافة بين مركز القمر وسطحه قد انكمشت بنحو

( 200 م ) عبر قطره .

ويقدر متوسط قطر القمر بنحو ( 3474.574 كم ) وإن القمر تشكل بعد اصطدام شىء بحجم كوكب المريخ بالأرض وأنتج سحابة هائلة من كتل الحجارة الصخرية منذ ( 4.5 مليارات سنة ) ثم تجمعت الكتل وكونت القمر  الوليد .

إن النتائج تسلط الضوء على أهمية المراقبات الكونية لفهم العمليات الكونية ومع دخول ( لونار ريكونيسانس أوربيتر ) لمرحلة جديدة ومع التأكيد على القياسات العلمية فإن جرد الخصائص الجيولوجية للقمر ستكون أداة قوية لفهم تاريخ القمر ( Moon ) والمجموعة الشمسية

( Solar System ) .

وقد كانت الجروف المكتشفة التى تبدو من بعيد كتجاعيد على سطح القمر صغيرة نسبيا وبلغ ارتفاع أكبرها ( 300 قدم ) واتساعه بضعة أميال لكن معظمها كان أقصر وارتفاعه لا يتجاوز عشرات الأمتار وإن الجروف من أحدث المعالم الطبيعية على سطح القمر ويعود السبب إلى أنها حفرت فى فوهات صغيرة ولأن القمر يتعرض لقصف منتظم من النيازك والكويكبات فإن معظم الفوهات الصغيرة التى لا يتجاوز عرضها

( 1200 قدم ) يجب أن تكون صغيرة لأنها تتعرض لدمار سريع بفعل الاصطدامات الأخرى والسبب أن القمر ليس له غلاف جوى يحميه من النيازك والكويكبات كما فى الأرض .

حيث أن الاصطدامات لا تدوم طويلا فإذا حدث تشوه للفوهة بفعل الجرف فهذا يعنى أن الجرف تشكل بعد الفوهة بل وأصغر منها سنا والدليل المهم أن الفوهات الأكبر الأقدم لا تظهر أعلى من أى من الجروف والجروف تبدو هشة ومنخفضة نسبيا .

وكانت الجروف المفصصة على القمر قد اكتشفت أثناء مهمات ( أبوللو ) من خلال تحليل الصور التى التقطتها الكاميرا البانورامية العالية الوضوح التى زودت بها السفن الفضائية ( 15 و 16 و 17 ) فإن المهمات الفضائية حلقت فوق مناطق قرب خط الاستواء القمرى وكانت قادرة على تصوير ( 20 % ) من سطح القمر فإن الجروف ربما تكونت بفعل نشاط بركانى حول خط الاستواء القمرى وقد اكتشف فى الصور

( 14 جرفا ) لم ترصد من قبل ( 7 ) منها فى خطوط العرض القمرية العالية ( أكثر من 60 درجة ) مما يؤكد أن الجروف ظاهرة يتصف بها سطح القمر ككل وأن انكماش القمر التفسير المرجح لاتساع انتشارها فمع تقلص حجم القمر أخذت قشرته فى الانكماش القصرى مما أدى لظهور صدوع انضغاطية حيث تحطمت أجزاء من قشرة سطح القمر وبرزت فوق بعضها البعض وأخذ العديد من الجروف والمنحدرات التى تنتج شكل نصف دائرى ( الجروف المفصصة أو الفصية ) فلا يوجد تأكيد أن القوى التى جعلتها تأخذ الشكل النصف دائرى وربما يرجع السبب لتأثير تركيب التربة القمرية على الصدوع الانضغاطية .

وتتواجد الجروف المفصصة فى أجرام أخرى بالمجموعة الشمسية كالموجودة على  سطح كوكب عطارد / Mercury لكنها هناك أكبر بكثير وإن الجروف المفصصة على كوكب عطارد يتجاوز ارتفاعها الميل وتمتد لمسافة مئات الأميال وإن الجروف الشاسعة جعلت العلماء يعتقدون أن كوكب عطارد كان كتلة ملتهبة منصهرة بالكامل فى بداية تشكله فإن عطارد ينكمش بمعدلات أكبر كلما زادت برودته مما أدى لتكون جروف أكبر على عكس القمر الذى تكونت على سطحه جروف أصغر لأنه فى بداية تشكله لم يكن منصهرا كليا وقلبه أصغر حجما نسبيا وحجم القمر أكبر قليلا من ثلث حجم كوكب عطارد ولكن لأن جروف القمر أصغر كثيرا فإن القمر ينكمش بمعدل أقل من انكماش عطارد .

ولأن جروف القمر تكونت فى زمن أحدث فإن القمر كان يبرد وينكمش حتى وقت قريب جدا بالمعايير الجيولوجية وكانت أجهزة قياس الزلازل على متن مركبات أبوللو قد رصدت عدة زلازل قمرية وبينما معظمها يعود لاصطدام نيازك وكويكبات بسطحه ومد الجاذبية الأرضية والتغيرات الحادة فى درجة الحرارة بين النهار والليل فإن الجروف تكونت بفعل نشاط تكتونى للقشرة القمرية .

فعن طريق مقارنة الصور الملتقطة من قبل المركبة الفضائية

( لونار ريكونيسانس أوربيتر ) بالملتقطة بكاميرا التصوير البانورامية العالية الوضوح على متن رحلات ( أبوللو ) لاكتشاف ما إذا كانت توجد أى تغيرات قد حدثت للجروف خلال العقود المنصرمة مما يعنى حدوث نشاط تكتونى حديث جدا .

وبينما موجات المد بفعل الجاذبية الأرضية لا يمكن أن تكون بالقوة التى تسمح بتشكل الجروف فإنها يمكن أن تسهم بدرجة ما فى تشكلها وربما فى شكل توجهها وعن طريق استخدام الكاميرا العالية الوضوح الضيقة الزاوية على متن المركبة ( لونار ريكونيسانس أوربيتر ) لبناء خارطة تفصيلية لسطح القمر مما يسهم فى التعرف أكثر على وجهة الجروف وتأثير جاذبية الأرض على تكوينها فإن الصور الفائقة الوضوح التى تلتقطها الكاميرا العالية الوضوح الضيقة الزاوية على متن لونار ريكونيسانس أوربيتر حيث تم اكتشاف العديد من الجروف القمرية التى لم تكن معروفة من قبل فالمشاهدة بالتفصيل نجد أن أكبر الجروف المصورة من قبل رحلات أبوللو حيث يقلب انكماش القمر الرأى القائل بأن قمر الأرض الطبيعى عبارة عن كتلة باردة من الصخر وربما لا يزال دافئا فى مركزه ونشطا جيولوجيا .

 

منير كمال

تنقيح / أسامة ممدوح عبد الرازق مصطفى شرف

31 / 12 / 2017

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق