الأحد، 20 أغسطس 2023

النجم الميت الحى

 

النجم الميت الحى

يوجد ظاهرة كونية تحير علماء الفلك إنها ظاهرة ( السوبرنوفا ) أو ( المستعر الأعظم )

( Supernova ) التى تحدث عندما ينفجر النجم فجأة دون أن يدخل فى مرحلة العمالقة الحمر فعندما تتحرر طاقة تدفع المناطق الخارجية للنجم وتضطرها للتمدد متخذة اللون الأحمر تحت تاثير الإشعاع المتزايد من الداخل فالنجم يقدم على عملية انتحارية سريعة يودع بها مرحلة الشيخوخة بانفجار مروع لا يمكن تصور مدى قوته فتبلغ إضاءة السوبرنوفا لنجم عجوز واحد قدر ملايين الشموس .

 

رحلة ال ( 70 ) قرنا :

إن أشهر سوبرنوفا التى شوهدت تنفجر فى عام ( 1054 م ) فى برج ( الثور ) ويطلق على آثارها

( سديم السرطان ) ( Crab Nebula ) .

ويبعد ( سديم السرطان ) عن الأرض بحوالى ( 7000 سنة ضوئية ) وأن الانفجار لم يتم فى عام

( 1054 م ) بل حدث قبل ذلك بحوالى ( 7000 عام ) ولم نستطع رؤية هذه الظاهرة الكونية إلا بعد أن وصل ضوء الانفجار الهائل بسرعة ( 300000 كم / ث ) للأرض بعد رحلة فى الفضاء استمرت ( 70 قرن ) من الزمن .

إن ظاهرة ( السوبرنوفا ) تتسبب فى ظهور النجم النيوترونى ( Neutron Star ) الذى يبعث بنبضات راديوية منتظمة ودقيقة التوقيت .

ففى الظروف العادية يمكن أن يتفكك ( النيوترون / متعادل الشحنة ) لبروتون ( موجب الشحنة )

والكترون ( سالب الشحنة ) ولكن تحت ظروف قوى الجاذبية التى تصيب النجم فى مرحلة

( السوبرنوفا ) فإن تقلص المادة الشديد فى حجم غاية فى الصغر النسبى الذى يقرب ما بين الذرات

واندفاع الكتل الجبارة إلى قلب النجم بسرعة جنونية لتسحق مادتها يؤدى إلى أن الالكترونات تقترب من نواتها لتدور ملاصقة لها ثم تتولد لها طاقة إضافية عالية نتيجة اقترابها من النواة حيث تتيح لها التفاعل مع البروتونات المكونة للنواة .

ويؤدى الالتحام مع البروتونات الموجودة فى النواة إلى تعادل شحنة الالكترونات السالبة مع الشحنة الموجبة للبروتونات فتتحول لنيوترونات متعادلة الشحنة فالتفاعل أدى لتكوين النيوترون واختفاء الالكترون .

 

التكوين المروع :

إن التحول يحدث نقصا مفاجئا فى التركيب الذرى المتكون من ( الكترون وبروتون ) وبهذا الانخفاض تعمل الجاذبية على تقليص المادة أكثر فينشأ النجم النيوترونى مكونا من نيوترونات وكنتيجة للانكماشات المروعة واختفاء الفراغات الذرية يتقلص حجم النجم الهائل الذى قطره

آلاف الكيلومترات إلى أن يبلغ قطره حوالى ( 10 كم ) حيث يحتوى على مادة مكدسة هائلة فيزن

( سم / المكعب ) من مادة النجم النيوترونى ( 100 مليون طن ) .

ويتعاظم جاذبية النجم النيوترونى حتى لا تستطيع فوتونات الضوء الإفلات من قبضة الجاذبية على الرغم من أن فوتونات الضوء تتأثر بالجاذبية لكن زيادة الجاذبية الجبارة فى نجم نيوترونى يمنع فوتونات الضوء من الإفلات فتنحنى فوتونات الضوء فى مدارات حول النجم النيوترونى فى شكل طبقة سحابية خافتة .

والنجم النيوترونى الميت رغم كثافته وثقله ليس إلا حالة من الحالات العديدة التى تنتهى بها حياة النجوم بعد حياة حافلة بالنشاط امتدت ملايين السنين .

ويمكن أن ينتج نجم نيوترونى من إنهيار كتلة النجم الذى يفوق كتلة الشمس بكثير وينشأ النجم النيوترونى عندما تقلص قوى الجاذبية المادة فى نجم صغير للغاية لدرجة أن الالكترونات تدور ملاصقة للنواة دون أن يفصلهما فراغ وذلك للتقارب الشديد بين الذرات .

وتوضح نظرية حديثة أن الالكترونات تحصل فى مثل هذا التقارب على طاقة إضافية وأن طاقتها تصبح عند نقطة معينة عالية جدا بدرجة تجعلها تتفاعل مع البروتونات فى النواة مكونة النيوترونات التى تشكل معظم النجم النيوترونى .

وأن النجم النيوترونى مكون من طبقتين :

1 ) طبقة سطحية عمقها عدة أمتار تتكون من مادة فى صلابة المعدن .

2 ) التى يبلغ عمقها عدة كيلومترات فدرجة كثافتها لا يمكن تصورها وأنها أشد صلابة من أى معدن .

وأن النجم الخافت الذى يتوسط ( سديم السرطان ) هو نجم نيوترونى وقد تخلف عن انفجار

( السوبرنوفا ) الذى شوهد فى عام ( 1054 م ) فالنبضات الراديوية المنتظمة التى تنبعث من النجوم النيوترونية الميتة .

 

الميلاد الرهيب للنجم النابض :

اكتشفت النجوم النابضة ( البلسارات / Pulsars ) فى عام ( 1967 ) بواسطة تلسكوب راديوى قوى وكانت النبضات الراديوية منتظمة بشكل دقيق ( نبضة كل حوالى 0.3 من الثانية ) للحد الذى يمكن منه الاستدلال عما إذا كانت الأرض اثناء دورانها فى مدارها متجهة نحو الشمس أو مبتعدة عنها .

وكان أهم نجم نابض قد اكتشف فى نفس مكان النجم النيوترونى فى وسط سديم السرطان الذى بقى كأثر للسوبرنوفا والذى كان ينبض بنحو ( 30 مرة / ث ) واتضح أنهما شىء واحد وتنشأ نبضة النجم النيوترونى نتيجة لدورانه فكل مرة يدور حول نفسه تصدر منه نبضة فيلتقطها التلسكوب الراديوى فوق كوكب الأرض .

ما الذى يجعل النجم النيوترونى ينبض ؟

توجد نظرية فلكية حديثة تفسر سبب النبض المنتظم من النجم النيوترونى بأن النبض ينقل بواسطة موجة ضغط ( Pressure Wave ) فالضغط إجهاد يؤثر فى جميع الاتجاهات للغلاف الجوى الشديد الغرابة والبالغ الكثافة الذى يحيط بالنجم النيوترونى ويرتبط معه بفعل المجال المغناطيسى وتتحول موجة الضغط فى الغلاف الجوى للنجوم النيوترونية لموجة صدمية ( Shock Wave )

تتميز بتغير مفاجىء فى صغط الوسط وسرعة الجسيمات حيث تعمل أثناء إندفاعها للخارج على تعجيل الالكترونات لسرعات خيالية .

إن الالكترونات سريعة الحركة تولد أثناء إندفاعها خلال الغلاف الجوى المتأين ( الأيون ) ( ذرة أو مجموعة متماسكة من الذرات تمتلك شحنة سالبة أو موجبة ) فالموجة الراديوية أو النبضات التى تصدر عن النجوم النيوترونية النابضة وتلتقطها المراصد الراديوية فوق الأرض .

 

 

رءوف وصفى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق