سر الفراغ الفائق ومشكلة التوسع الكونى
واحد من أكبر الألغاز التى حيرت علماء الفلك والتى
تتعلق بفكرة توسع أو تمدد الكون فكيف اكتشف أن الكون يتوسع وكيف تم قياس توسع
الكون ؟ فما السر وراء توسع أو تمدد الكون ؟ وكيف تم قياس سرعة المجرات ؟ وما هى
المفاجأة المكتشفة فى نتائج القياسات ؟ وكيف كان تمدد الكون مؤشر للعلماء عن ماضى
الكون ومستقبله ؟ وما هو دور تلسكوب ( هابل الفضائى ) فى قياسات سرعة الكون ؟ وكيف
تمكن تلسكوب ( جيمس ويب ) الفضائى مع تلسكوب ( هابل الفضائى ) أن يعطوا البشر
نتائج أكثر دقة ويفجروا مفاجآت جديدة وهل الضوء القادم من النجوم البعيدة هو
المفتاح لفهم كل الظواهر ولا المادة والطاقة المظلمة يلعبوا دور أكبر فى فهم البشر
لتوسع الكون .
1 ) ثابت هابل لتوسع الكون :
فى أوائل ( 20 / ق 20 ) سنة ( 1920 ) حاول
علماء الرياضيات حل معادلات ( آينشتين ) للنسبية العامة لكى يتم التنبؤ بمصير
الكون ولكن لم يوجد ملاحظات أو تلسكوبات متقدمة تساعدهم فى حسم الجدل ولا الكون
يتمدد ولا ينكمش ولا ثابت وساكن وليس متغير وكان يوجد نظريات وجدل كبير حول قياس
سرعة الكون حيث جاء ( إدوين هابل ) واستخدم خبرته الواسعة فى التلسكوبات من أجل
القيام برصد وإجراء القياسات للنجوم وخاصة ( النجوم المتغيرة ) وهى نجوم شديدة
اللمعان يصل لمعانها من ( 500 : 300000 مرة ) أكثر من الشمس والنجوم سميت بالنجوم
المتغيرة لأنه يحدث فيها تغير فى السطوع أو الضوء الذى يصل للأرض منها ويتم رصده
من الأرض والتغير فى سطوع النجوم وفى ( النجوم المتغيرة ) يكون سبب التغير إما
داخلى كوجود النبضات أو الانفجارات التى تحدث للنجم أو تغيرات فى حجمه كالانكماش
والتمدد والفترة التى يتغير فيها سطوع النجوم يتراوح ما بين ( 1 يوم : 100 يوم )
ومن خلال الكريف الخاص بالتغير يتمكن العلماء من قياس المسافة للنجم بشكل دقيق عن
طريق قياس نبضات تغير سطوع النجم لمعرفة المسافة .
2 ) طرق قياس معدل توسع الكون :
حاول ( إدوين هابل ) أن يقيس التغير فى سطوع
النجم بمعدلات معينة حيث تم حساب المسافة بين النجم والأرض حيث تم تحديد سرعته حيث
أن الكون يمتد لأبعد من مجرة ( الطريق اللبنى ) وعن طريق الملاحظات تأكيد أن
النجوم البعيدة عن الأرض تبدو أنها تتحرك بشكل أسرع وفى سنة ( 1929 ) تم حساب واحد
من أهم الاكتشافات فى علم الفلك المتمثل فى ( ثابت هابل ) وهو عبارة عن ثابت يعبر
عن مدى سرعة توسع الكون ومقدر ب ( 500 كم / ث / ميجا بارسيك ) أو فرسخ فلكى
والفرسخ الفلكى هى وحدة قياس المسافات فى الفضاء فالفرسخ الفلكى = ( 3.26 سنة
ضوئية ) ومع تطور الأجهزة والتلسكوبات تم من خلال القياسات تقدير أنها ( 70 كم / ث
/ ميجا بارسيك ) ولكن النتائج لم تكن بشكل قطعى وفى الحقيقة من خلال استخدام طرق
أخرى فعن طريق محاولة العلماء لقياس ثابت هابل ظهرت مع العلماء نتائج مختلفة والحقيقة
أن الطريقة التى اعتمدت على النجوم المتغيرة كان ممكن تولد أخطاء فى القياس لأنها
تعتمد على طريقة ( سلم المسافة الكونية ) وفى هذه الطريقة يتم قياس المسافات
الأولى فى النظام الشمسى ويتم قياس المسافات من أجل استخدامها فى قياس المسافات
للنجوم القريبة من الأرض وبعدها النجوم الأبعد ثم المجرات الأقرب وبعدها المجرات
الأبعد فأى خطأ فى واحد من القياسات يجعل القياس فى الآخر به شبه خطأ كبير وطور
العلماء بالاعتماد على هذه الطريقة واستعانوا بنوع أكثر من الشموع القياسية (
انفجارات المستعرات العظمى / انفجارات السوبرنوفا ) والانفجارات تنتج عند وجود
نجمين فى نظام ثنائى يدوران حول بعضهما البعض واحد منهم يبدأ بسحب المادة من النجم
الشريك له ويحدث انفجار ضخم جدا ويستخدم لكى يحدد المسافة والسرعة حيث اكتشف
مفاجأة أخرى بأن الكون ليس فقط يتوسع لكنه يتوسع بمعدل متسارع وأن المجرات الأبعد
تبعد عن الأرض بمعدل أسرع من المجرات القريبة وكلما ابتعدت الأرض سنجد أن المجرات
تبعد عن الأرض بشكل أسرع حيث إنه يوجد طاقة غامضة ( الطاقة المظلمة )
( Dark Energy ) وهى طاقة
غامضة موجودة فى كل مكان من الكون حيث إن الطاقة المظلمة هى السبب وراء توسع الكون
وكأن الطاقة المظلمة وهى القوة أو الثقل المستخدم وراء توسع الكون والطاقة المظلمة
هى القوة التى تساعد على توسع الكون وتمدده حيث جاءت نقطة فى مفترق طرق واحتاج
العلماء لسلك أحد طريقين :
1 ) تطوير أكثر للأجهزة والمعدات والأدوات
والقياسات بطريقة ( سلم المسافة الكونية ) وأنهم يحصلوا على مجرات أكثر تحتوى على هذا
النوع من الانفجارات .
2 ) طريقة تحسين أكثر من قياسات العلماء
وتكون مباشرة لتقليل شبه الخطأ حيث يقع الاختيار على أقدم ضوء فى الكون
( إشعاع الخلفية الكونية الميكروية ) حيث تم
إطلاقه بعد ( 380000 سنة ضوئية ) من ( الانفجار العظيم ) Big
Bang
وتنتشر فى كل مكان فى الكون ( Universe ) كأنه طريقة كونية وبصمة
احفورية للكون بعد الانفجار العظيم ويحمل معلومات مهمة عن حالة الكون المبكر وتم
قياس ثابت هابل حيث = ( 67.4 كم / ث / ميجا بارسيك ) ونسبة الخطأ ( 5 % ) من خلال
القمر الصناعى ( بلانك ) التابع لوكالة الفضاء الأوروبية ( إيسا ) ولكن باستخدام
طريقة المستعرات العظمى تمكن أحد العلماء من نشر ورقة بحثية فيها قياس لثابت هابل
ب ( + / - 73 كم / ث / ميجا بارسيك ) .
3 ) باستخدام موجات الجاذبية وهى عبارة عن
تموجات فى نسيج الزمكان تحدث عندما يصطدم نجمين نيوترونيين ببعض وبسبب الكثافة
والجاذبية العالية للنجوم النيوترونية تنشأ عنها موجات يمكن رصدها وباستخدام شكل
إشارات موجات الجاذبية لكى يتم حساب مقدار الطاقة التى اطلقت من الاصطدام ومن خلال
مقارنة الطاقة بالوقت الذى وصلت فيه الموجات للأرض وتم رصدها حيث يتم معرفة
المسافة والسرعة وكانت النتائج لثابت هابل ( 70 كم / ث / ميجا بارسيك )
والاختلافات فى القياسات
( توتر هابل ) واختلاف قيمة ثابت هابل لتوسع
الكون باختلاف الطريقة المستخدمة من أجل قياس سرعة توسع الكون :
1 ) استخدام طريقة ( إشعاع الخلفية الكونية
الميكروية ) للكون المبكر .
2 ) استخدام طريقة ( سلم المسافة الكونية )
والمستخدم فيها النجوم المتغيرة والمستعرات العظمى من أجل تحديد سرعة التمدد فى
المجرات الأبعد .
حيث إن الاختلاف فى الأرقام ليس كبيرا حيث إن
الاختلاف مهم ويمثل فرق فى فهم البشر للنماذج الكونية التى يعتمد عليها البشر من
أجل قياس ثابت هابل حيث أنه من غير المهم معرفة قيمة ثابت هابل فلماذا أفضل
الأجهزة والمعدات والأدوات والتلسكوبات البشرية لا تتفق مع بعضها البعض .
تلسكوب ( جيمس ويب ) الفضائى يكشف عن
المفاجأة :
لقد تدخل تلسكوب ( جيمس ويب ) الفضائى والذى
يبلغ قطره ( 6.5 م ) وأجهزته الحساسة للأشعة تحت الحمراء / Infrared
حيث توقع العلماء أن تلسكوب ( جيمس ويب )
الفضائى يمكن له حل مشاكل كثيرة لو كان السبب فى الاختلاف هو خطأ فى القياسات لأن
عندما يتم رصد النجوم المتغيرة تظهر أكثر سطوعا للضوء القادم من النجوم التى حولها
فمن الممكن أن تكون الحسابات غير دقيقة مما يكون السبب فى اختلاف ثابت هابل حيث
قدم تلسكوب ( جيمس ويب ) الفضائى نتائج أفضل فى رصد النجوم المتغيرة والمستعرات
العظمى كما قدم صورا أكثر وضوحا ودقة حيث تم دراسة ورصد ( 1000 نجم متغير ) وعدد
( 8 مستعرات عظمى ) ولكن كانت الصدمة أن
النتائج التى خرجت من تلسكوب ( جيمس ويب ) الفضائى لقياس ثابت هابل كانت تقيس
النتائج التى قاسها تلسكوب ( هابل الفضائى ) حيث اكتشف العلماء أنهم أمام لغز فى
فهم الكون أو الفيزياء التى تحكم الكون وتم تأكيد أنه لم يوجد خطأ فى القياسات .
تفسيرات لتوتر هابل :
1 ) أنه كان فى بداية الكون والتسارع كانت
الطاقة المظلمة وهى طاقة غامضة لا يمكن رصدها بل يمكن رصد تأثيرها على النجوم
والمجرات والكواكب فى الكون بأكمله حيث كانت الطاقة المظلمة فى شكل آخر غير الشكل
الموجود عليه فى الكون الحالى عندما برد الكون وإن الطاقة المظلمة هى السبب فى
تسارع تمدد الكون لكن الاقتراح مبهم وغير واضح فمن غير المعروف أى شىء عن طبيعة
الطاقة المظلمة ؟ ومم تتكون الطاقة المظلمة ؟ وكل ما هو معروف عن الطاقة المظلمة
أنها تشكل
( 68 % ) من حجم الكون وتعتبر تأثير معاكس
لتأثير الجاذبية فافتراض تأثير الطاقة المظلمة هو السبب الشائع لتمدد الكون بمعدل
متسارع .
2 ) إن التناقض سببه ( الإشعاع المظلم ) ( Dark
Radiation
) والتى تقترح وجود جسيمات دون ذرية ( كالإلكترونات / البروتونات / النيوترونات /
البوزويترونات / الليبتونات / الجالونات / الفوتونات ) والجسيمات دون الذرية تتحرك
بسرعة قريبة من سرعة الضوء وتدور حول الكون حيث تؤدى لتوسعة الكون وأنه كان فى
الكون المبكر كمية من الإشعاع أثرت على التوسع الكونى كجسيمات ( الفوتونات المظلمة
) وهى جسيمات تشبه فوتونات الضوء لكنها غير مرئية .
3 ) إن السبب قد يكون موجودا ولكنه مجهول حيث
أنها ممكن تؤثر بشكل ما على ( توتر هابل ) فأحدث الدراسات التى تم نشرها التى
حاولت تفسير ظاهرة ( توتر هابل ) حيث أنه ممكن يكون السبب فى اختلاف القياس هو
مكان وجود مجرة الطريق اللبنى فى الكون يعنى المكان الذى توجد فيه مجرة ( درب
التبانة / اللبانة / الطريق اللبنى / Milky Way ) البيئة
الكونية التى تجلس فيها مجرة ( الطريق اللبنى ) فالمجرات فى الكون موزعة فى
مجموعات بشكل ما مع بعض ( العناقيد المجرية ) ومجرة
( الطريق اللبنى ) موجودة فى عنقود ( لانيكيا
) وعنقود ( لانيكيا ) يضم ( 100000 مجرة ) فى مسافة نصف مليار سنة ضوئية ومجمعين
مع بعض بشكل معين ومجرة ( الطريق اللبنى ) تقع فى منطقة شديدة الكثافة من العنقود
المجرى ( لانيكيا ) على مسافة ( 500 مليون سنة ضوئية ) وعن طريق النظر بعيدا سيظهر
العكس كأن البشر ينظرون بعدسة مكبرة فى منطقة صغيرة ولكن عند إزالة العدسة المكبرة
ورؤية المسافة من بعيد حيث يمكن رؤية تفاصيل أكثر وهى أن مجرة الطريق اللبنى تقع
بالقرب من منطقة كثافتها أقل من المتوسط فى الكون وقطرها ( 2 مليار سنة ضوئية ) (
الفراغ الفائق ) ( Super void ) ووجود ( الفراغ الفائق ) يمكن
له أن يؤثر على القياسات الخاصة لمعدل التوسع الكونى لكن المجرات الموجودة داخل
الفراغ الفائق تتجه فى تحركها فى اتجاه حافة الفراغ الفائق لكى يتمكن من الاقتراب
فى الأماكن الأكثر كثافة فعن طريق قياس مدى سرعة تمدد الكون نجد أن التمدد أسرع
بسبب الدفعة التى سببها التدفق الخارجى للمجرات المتجهة نحو حافة منطقة الفراغ
الفائق مما يجعل القياسات لثابت هابل يكون أكبر من المتوقع ولكن هذا التفسير لم
يكن مقنعا للعلماء وتم التشكيك فى وجود
( الفراغ الفائق ) بالنسبة للنماذج الكونية
القياسية التى يقاس بها المسافات .
فرضية ( ديناميكيات نيوتن المعدلة ) :
إن فرضية ( ديناميكيات نيوتن المعدلة ) فرضية
بديلة للجاذبية اقترحت فى الأساس لكى تفسر سلوك المجرات من دون الاحتياج لوجود (
المادة المظلمة / Dark Matter ) ولكن الفرضية فى حد ذاتها لا
يمكن لها شرح خصائص أكبر الهياكل الموجودة فى الكون حيث إنها تفسير ضعيف فعن طريق
إضافة عنصر آخر وهو نوع جديد من الجسيمات ( النيوترينو العقيم ) وهو نوع مختلف من
المادة المظلمة التى يمكن لها أن تتماشى مع فرضية ( ديناميكيات نيوتن المعدلة ) من
أجل شرح الهياكل الكونية الفائقة كعنقود ( لانيكيا ) و ( الفراغ الفائق ) الموجود
فيه وبوجود ( الفراغ الفائق ) وصعوبة قياس الكثافة الإجمالية للكون بهذا النوع من
القياسات .
وفكرة ( النيوترينو العقيم ) من أجل تحقيق
النموذج هى فكرة افتراضية بحتة وليست موجودة على أرض صلبة وأهم شرط لنجاح النموذج
أن مجرة ( الطريق اللبنى ) تكون فى مركز ( الفراغ الفائق ) وليس على حافة ( الفراغ
الفائق ) .
أسامه ممدوح عبد الرازق مصطفى شرف 6 / 5 / 2024
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق