السبت، 31 مارس 2012

المادة المضادة أعظم ألغاز الكون


المادة المضادة أعظم ألغاز الكون
إن المادة والمادة المضادة تحطم كل منهما الأخرى عند اصطدامهما لكن النتائج الجديدة المستمدة من التجارب التى أجراها فريق دولى من علماء الفيزياء فى مختبر مسرع فيرمى التابع لوزارة الطاقة الأمريكية تفترض أن المادة تنتصر فى النهاية .
وقد أثبتت التجارب أن هناك فرقا صغيرا قدره واحد فى المائة بين المادة والمادة المضادة الناتجة وهو ما يعتبر مؤشرا على الكيفية التى بزغ من خلالها وجودنا الذى تسوده المادة .
وقد ظلت المادة المضادة لغزا كبيرا أمام علماء الفلك والفيزياء ومنذ أن سن أينشتاين فى عام 1905 قانونه الشهير ( الطاقة = الكتلة × مربع سرعة الضوء ) أدرك العلماء تلك العلاقة الفريدة والشديدة التعقيد التى تربط بين المادة والطاقة وأن بوسع كل منهما التحول إلى الصورة الأخرى وأدركوا أن تحول المادة إلى طاقة هائلة .
وفى عام ( 1928 ) أدخل عالم الفيزياء البريطانى ( ديراك ) تعديلا على قانون آينشتاين ليفترض نظريا أن المادة يمكن أن تكون ذات شحنة سالبة وليس شحنة موجبة وحول صيغة معادلة آينشتاين  إلى ( الطاقة = الكتلة × ( + / - مربع سرعة الضوء ) وافترض ( ديراك ) نظريا وجود البوزيترون وهو جسيم يماثل الالكترون فى الكتلة ويختلف معه فى الشحنة .
وفى عام ( 1932 ) أثبت عالم الفيزياء الأمريكى ( أندرسون ) وجود المادة المضادة عندما اكتشف البوزيترون أثناء دراسته للأشعة الكونية ودعم هذا الإثبات فى عام ( 1933 ) الفيزيائى البريطانى
( بلاكيت ) والإيطالى ( أوكيالينى ) .
والكون يتكون من المادة فى شكل ذرات وجسيمات دون ذرية والذرات نفسها تتكون من جسيمات مثل البروتون والنيوترون والإلكترون واصطدام الذرات والجسيمات دون الذرية يؤدى إلى تفاعلات تطلق ذرات وجسيمات جديدة ذات كتلة مختلفة والفارق يتحول إلى طاقة وهناك جسيمات دون ذرية عديدة ومن بينها الجسيمات الأولية ( الكواركات / الليبتونات / البوزونات ) وفى فيزياء الجسيمات تعد الجسيمات الأولية هى الجسيمات الأساسية التى تتكون منها باقى الجسيمات الأكبر والأعقد وهى الأشكال الأبسط للوجود المادى حسب نظرية ( النموذج المعيارى ) ويفترض أن هذه الجسيمات الأولية على أساس أنها البنية الأولى لكل مادة الكون ويحاول علماء فيزياء الجسيمات وعلماء الفلك الوصول إلى نظرية شاملة تفسر كل هذا والتفاعلات المختلفة التى تحدث بينها .
ولكل جسيم من المادة هناك جسيم مضاد يساويه فى الكتلة ويختلف معه فى الشحنة مثل الإلكترون المضاد هو البوزيترون ( إلكترون ذو شحنة موجبة ) وفى فيزياء الجسيمات تعتبر المادة المضادة امتدادا لمفهوم الجسيم المضاد بحيث تتكون المادة المضادة من جسيمات مضادة بالطريقة نفسها التى تتكون بها المادة العادية ولكن بشحنة عكسية وعندما تصطدم المادة والمادة المضادة فإنهما تفنيان معا لتظهر طاقة كبيرة من الفوتونات ( أشعة جاما ) .
ويعتقد العلماء أن الانفجار العظيم الذى بزغ الكون بعده أطلق كميات متساوية من المادة والمادة المضادة فلماذا أصبح الكون المدرك مكونا من المادة ؟ وأين ذهبت المادة المضادة ؟ فإن عدم التماثل الواضح بين المادة والمادة المضادة ظل إحدى المشكلات الصعبة على التفسير فى علوم الفيزياء والفلك وفيزياء الجسيمات .
وتتوقع النظرية ( النموذج المعيارى ) لفيزياء الجسيمات هامشا فائق الصغر فى التناظر بين المادة والمادة المضادة لكنه ليس كافيا لتفسير كيفية بزوغ الكون متكونا فقط من المادة مع أثر لا يذكر من المادة المضادة
لكن هذه التجربة جاءت بنسبة غير متوازنة بين المادة والمادة المضادة تفوق بكثير الهامش الفائق الصغر الذى توقعته نظرية النموذج المعيارى واكتشف العلماء فارقا قدره واحد فى المائة بين عدة أزواج من الميوونات والميونات المضادة ( الميوون جسيم أولى مشابه للإلكترون بشحنة كهربائية سالبة ) نشأت عن تحلل جسيمات تعرف ( الميزونات بى ) ( الميزون جسيم أولى دون ذرى له شحنة موجبة أو سالبة أو متعادلة ) وتتفق الميزونات فى أن كتلتها ( 200 ضعف ) كتلة الإلكترون وتدور داخل الذرة فى اتجاه واحد .
وجاءت النتائج محصلة لتحليل بيانات تجارب استمرت ( 8 أعوام ) داخل صادم تيفاترون التابع لمختبر مسرع فيرمى التابع لوزارة الطاقة الأمريكية فى باتافيا بولاية إيلينوى .
ومسرع الجسيمات هو جهاز يقوم بتسريع جزيئات المادة لسرعة تقارب سرعة الضوء ثم يقوم بصدمها بعضها مع بعض لسحق المادة إلى أبسط مكوناتها ثم تقوم أجهزة رصد فائقة برصد هذه الجسيمات التى تظهر لأجزاء من الثانية لتحليلها .
وبوسع صادم تيفاترون وشقيقه الأكبر صادم الهيدرون الكبير فى سرن فى سويسرا أن يصدم الجسيمات دون الذرية والجسيمات المضادة بعضها ببعض لتوليد الطاقة والجسيمات الجديدة وجسيماتها المضادة لكن فى الطبيعة لا تتولد هذه الجسيمات المضادة إلا نتيجة لأحداث بالغة العنف كالانفجارات النووية أو الأشعة الكونية المنبعثة من موت أحد النجوم .
ويفكر العلماء فى الإمكانات الواعدة للاستخدامات المختلفة للطاقة المتولدة من اصطدام المادة والمادة المضادة حتى إن علماء وكالة الفضاء الأمريكية ( ناسا ) وضعوا تصميما لصاروخ يمكن أن ينطلق إلى الفضاء مدفوعا بوقود من المادة المضادة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق