السبت، 31 مارس 2012

البرمجة البكتيرية


البرمجة البكتيرية
عندما نظر الباحثون فى أحد أطباق ( بترى ) ( طبق زجاجى صغير رقيق ذو غطاء مرن يستعمل فى المختبرات لزرع البكتريا ودراستها ) إذ تموجت مجموعات من البكتريا خلال سائل طبق بترى فى أشكال دائمة التغير من الدوامات والنقط المتحركة التى يمكن رؤيتها بالعين المجردة التى تسمى
( باليه البكتريا ) وأن تلك الكائنات فائقة الصغر تتحرك خلال سائل طبق بترى فى شكل متناسق يشبه سرب من الطيور أو الأسماك وبمرور الوقت تكونت تيارات ودوامات عندما سبحت تركيزات كبيرة للبكتريا خلال السائل .

الإحساس الجماعى البكتيرى :
إن هذا السلوك التجمهرى ربما لا يقتصر على الطيور أو الأسماك وهذه هى المرة الأولى التى يلحظ فيها فى عالم البكتريا والبكتريا التى لاحظها فريق الباحثين هى البكتريا العصوية الرقيقة وهى تسبح بلف سلسلة من الزوائد ( الزوائد السوطية ) والتى يزيد طول الواحد منها عن طول أى من البكتريا العصوية بنحو ( 5 مرات ) وفى المستنبت عندما يستهلك واحد من البكتريا الأكسجين المذاب المجاور له فإنه يسبح باتجاه السطح الغنى بالأكسجين وهكذا يفعل كل رفاقه من البكتريا .
ولكن فى نفس الوقت تعمل الجاذبية على جذب البكتريا إلى أسفل وتؤدى عملية السباحة لأعلى والغوص لأسفل إلى حدوث تيار حملى .
وتؤثر التيارات التى يحدثها واحد من البكتريا على باقى رفاقه وبمجرد الوصول إلى تركيز حرج البكتريا تعمل حركات آلاف الزوائد السوطية على خلق تيارات اضافية كبيرة فى السوائل تحدث دوامات منظمة .
وأحيانا تتصرف البكتريا بانسجام عندما يحتشد عدد معين منها فى مكان واحد وتتمكن من اكتشاف وجود البكتريا الأخرى من خلال المواد الكيميائية التى تفرزها فى الوسط المحيط بها ( الاحساس الجماعى ) فتستخدم البكتريا ذات الاضاءة الحيوية ظاهرة ( الإحساس الجماعى ) لإطلاق أنوارها كما تستخدم هذه الظاهرة بواسطة البكتريا المسببة للأمراض .

أجهزة حيوية ذكية :
الخطوة القادمة لفريق البحث هى طرح نماذج رياضية يمكنها التنبؤ بظاهرة ( الإحساس الجماعى ) ووصفها ودراستها عن كثب .
لعل هذه الأبحاث تؤدى إلى بعض التطبيقات فى مجال التكنولوجيا الحيوية فى الحالات أو الظروف التى يحتاج فيها العلماء إلى وجود مقادير متناهية الصغر من محاليل جيدة الخلط .
كما أمكن برمجة البكتريا لكى تتصرف كالكمبيوترات وذلك بتجميعها بأعداد هائلة فى أشكال معقدة بناء على تعليمات أدخلت فى جيناتها بالهندسة الوراثية .
ويمكن أن يفضى هذا البحث إلى صنع أجهزة حيوية ذكية يمكنها أن تكتشف المواد الخطرة أو الكيماويات المستخدمة فى الإرهاب البيولوجى .
ويعتقد العلماء أنه يمكن استخدام هذه العملية فى توجيه صنع أجهزة وأدوات نافعة أو إنماء أنسجة جديدة وربما إعادة الحبل الشوكى المقطوع إلى وظائفه الطبيعية .
وهناك مجالات كثيرة من الأبحاث تتفق فى أنها تبشر بالسيطرة على الخصائص الحيوية لصنع أشياء مفيدة للإنسان والجديد فى هذا النشاط العلمى هو أن البكتريا تم حثها على إيجاد وسائل اتصال ببعضها البعض بحيث تحتشد ملايين أو بلايين منها معا بطريقة تم التنبؤ بها من قبل .
وهناك تجارب لإثبات ذلك فقد استخدم الباحثون أساليب الهندسة الوراثية لبرمجة بعض البكتريا
( اى كولاى ) العصوية التى تعيش فى أمعاء الانسان لإطلاق ضوء أحمر أو أخضر استجابة لإشارة أطلقت من مجموعة أخرى من البكتريا التى من نفس النوع وصدر أمر إلى الخلايا الحية بإتخاذ شكل حلقى حول خلايا مركزية بناء على الاتصالات التى تتم بين البكتريا وذلك باستخدام أسلوب جديد ( الخصائص الحيوية الاصطناعية ) .

الخصائص الحيوية الاصطناعية :
يهدف اسلوب ( الخصائص الحيوية الاصطناعية ) إلى ترويض الخلايا الحية واستخدامها كوسائل للبحث عن الأجسام الخطرة أو فى بناء إنشاءات حيوية أو اصلاح عيوب الأنسجة وأعضاء جسم الانسان .
حيث يقوم بعض الباحثين على صنع جزء خاص من الحامض النووى ( DNA ) وهو برنامج عمل لكافة عمليات الخلية ( بلازميد ) والبلازميدات هى جزيئات ( DNA ) تحمل جينات فى البكتريا وتستخدم فى نقل الجينات من وإلى الكائنات .
وينظم البلازميد الوقت الذى يجب صنع البروتينات فيه وتحت أى ظروف ويتم إدخال البلازميد فى الخلية التى لا تلبث أن تنفذ كل التعليمات بشكل صحيح حيث يحتاج الأمر إلى عدة سنوات حتى يبدأ الاستخدام الفعلى لهذه الطريقة فإن بعض الباحثين يعتقدون أنه فى غضون ( 3- 5 سنوات ) سوف يمكن صنع أجهزة وأدوات يمكنها الكشف عن الكيماويات المستخدمة فى عمليات الارهاب البيولوجية .
ويؤكد الباحثون أن البكتريا العصوية ذات قدرة فائقة على الإحساس بالجزيئات الموجودة بالبيئة المحيطة بها والحلقات البكتيرية المتحدة المركز يمكنها أن تحدد لنا وجود ( الجمرة الخبيثة ) وهو مرض معد قاتل قد يصيب الانسان .
وقد أثبتت الأبحاث أنه يمكن إدخال ( DNA ) فى الخلايا لجعلها تتصرف كدوائر رقمية ويمكن جعل تلك الخلايا تنفذ أعمالا منطقية رياضية أساسية وتوسع الأبحاث باستخدام عدد كبير من البكتريا المستجيبة بشكل متسق حيث أن هناك خلايا لديها القدرة على بث رسائل وهناك خلايا أخرى لديها القدرة على تنفيذ مضمون هذه الرسائل .
والحقيقة إن العلماء ينتقلون من القدرة على برمجة خلايا قليلة فردية إلى برمجة أعداد هائلة منها تصل إلى الملايين أو البلايين لكى تقوم بأعمال مثيرة ومفيدة .
وقد تمكن بعض الباحثين من برمجة بكتريا الأمعاء ( أى كولاى ) لكى تطلق ضوءا أحمر أو أخضر استجابة لإشارة تنطلق من مجموعة أخرى من بكتريا الأمعاء .
وفى إحدى تلك التجارب توهجت البكتريا بضوء أخضر عندما أحست بوجود تركيز عال من المادة الكيماوية وتوهجت بضوء أحمر عندما أحست بتركيز منخفض من نفس المادة الكيماوية .
وفى أحد أطباق ( بترى ) اتخذت شكل عين أى دائرة خضراء داخل دائرة حمراء وأحاطت بالبكتريا المرسلة للإشارة وخلق أشكال مثل العين من تجمعات البكتريا أى جعل البكتريا تفرز مواد تصنع أجهزة فيزيائية كالهوائيات أو أجهزة الارسال والاستقبال فى أماكن يصعب على البشر الوصول إليها .
كما يمكن استخدام البكتريا المبرمجة للتحكم فى عملية إصلاح أو بناء أنسجة الجسم وربما فى توجيه خلايا جذعية أولية إلى أماكن سوف تقوم فيها بإنماء عصب جديد أو خلايا عظمية عن طريق
( هندسة الأنسجة المبرمجة ) .

�ل�F � � � �͢ �V�

دور الحاسبات الدقيقة :
تعتمد الأسلحة الذكية على استخدام الحاسبات الدقيقة التى تقوم بمعالجة كم هائل من المعلومات تستخدم فى تحديد مسارات الطائرات والتحكم فى توجيه القنابل والصواريخ .
إن الأجهزة المزودة بالحاسبات الدقيقة أثبتت نجاحا فى القيام بالتنسيق بين أداء هذه الأجهزة وفى تحقيق أكبر قدر ممكن من الدقة فى اصابة الأهداف .
وقد أثبت استخدام صواريخ ( توماهوك ) فعالية كبيرة حيث تنطلق هذه الصواريخ من السفن الحربية وتصيب أهدافها بكفاءة عالية نتيجة أن برمجة نظم الكمبيوتر الخاصة بهذه الصواريخ قد بلغت حدا من التقدم إلى درجة توفير القدرة لهذه الصواريخ ذاتية التوجيه على تصحيح مسارها لاصابة أهدافها وتفادى العوائق غير المبرمجة .
ودقة الصاروخ ( توماهوك ) الذى يطلق من السفن يمكن تقديرها إذا عرف أن ( 50 ) من بين
( 51 ) من هذه الصواريخ أصابت أهدافها بدقة بالغة فى الحروب التى خاضتها .
تم اطلاق ( 100 ) صاروخ ( توماهوك ) من فوق السفن الحربية وقطعت هذه الصواريخ مسافة
( 1100 كم ) لتصل إلى أهدافها حيث أن مدى الصاروخ الواحد ( 2500 كم ) .
بسرعة لا تزيد عن سرعة الطائرة المدنية ويستخدم الصاروخ تكنولوجيا الخرائط الرقمية ليطير على ارتفاعات منخفضة بحيث يصعب على أجهزة الرادارات اكتشافه .
وتبلغ دقة اصابة هذا الصاروخ ( 18 م ) عن الهدف المخطط له حيث يقوم رادار الصاروخ بمقارنة الأهداف التى يمر فوقها بتلك المخزنة فى ذاكرة الجزء الخاص بالتوجيه وقد استخدم هذا الصاروخ فى تدمير منشآت نووية زكيماوية وبيولوجية .

القنابل الذكية توقف تسرب البترول :
يعتبر النجاح فى وقف تسرب البترول من خزاناته وتدمير محطة الضخ أحد الأدلة على نجاح المقذوفات الذكية .
حيث تقرر استخدام قنبلة موجهة بالليزر بحيث يتم اضاءة المضخة بشعاع ليزر من طائرة ثم تقوم طائرة أخرى بالقاء قنبلة تتوجه إلى حيث يسقط شعاع الليزر وتحدث هذه القنبلة موجة انفجارية مركزة فى بقعة محدودة دون أن تنتشر فى مساحة واسعة كما أنه لا يحدث عند انفجارها حريق اعتمادا على وجود غازات لا تسمح بوصول الأكسجين إلى نقطة الانفجار .
إن القنابل الذكية من طراز ( GPU-24B ) تستطيع أن تحقق ما لا تستطيع تحقيقه ( 10 قنابل ) عادية والجيل الجديد من هذه القنابل الموجهة يأتى فى ( 3 أحجام ) ( 225 / 450 / 900 كجم ) ويمكن اطلاقها بدقة بالغة من مقاتلات على بعد ( 25 كم ) عن الهدف .

حماية الطائرات والطيارين :
قامت طائرات ( F- 15E ) ( F-16 ) وطائرات البحرية ( FlA-18 Hornet ) بالقاء قنابل ذكية موجهة بالليزر بينما قامت القاذفات الثقيلة طراز ( ب -52 ) ذات المحركات ال ( 8 ) باستخدام صواريخ موجهة طراز ( AGM-142A ) وأطلقتها من مسافة ( 88 كم ) من الأهداف المطلوب اصابتها فإن الصواريخ والقنابل دقيقة التوجيه تساعد فى حماية الطائرات والطيار لامكانية استخدامها من مسافات بعيدة عن الهدف .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق