السبت، 31 مارس 2012

الكاشف الضخم للجسيمات


الكاشف الضخم للجسيمات
لماذا ينفجر نجم على هيئة سوبرنوفا بينما يعانى نجم آخر من انهيار تجاذبى مروع ؟ إن الرأى الراجح لدى علماء الفلك هو أنه يوجد عامل قاطع يؤثر فى شكل النهاية التى تحدث للنجم ويؤدى إلى تحديد طريقة موته فما هو هذا العامل ؟
على عمق ( 60 م ) تحت الأرض وفى حقل سويسرى شمال مدينة ( جنيف ) وبالقرب من الحدود مع فرنسا يقع كاشف ضخم للجسيمات بضخامة مبنى من دورين ويزن ما يزيد على وزن ( 5 ) طائرات عملاقة ( UAI ) وهو ما يعنى منطقة ( I ) تحت سطح الأرض وينتج هذا الكاشف مناظر رائعة تظهر مسارات العشرات من الجسيمات دون الذرية المشحونة الناتجة من تصادم بروتون مع بروتون مضاد وتكون هذه المسارات غير مرئية كالإشارات الالكترونية ثم يقوم الكمبيوتر بتحويل هذه الإشارات إلى صورة مضيئة مميزة يمكن دراستها للتعرف على الجسيمات دون الذرية الناتجة .

تصادم البروتون والبروتون المضاد :
إن الكاشف ( UAI ) يوجد فى قاع حفرة عميقة كأنه قبة ضخمة من الألمنيوم وأن الألمنيوم لا يشكل إلا الغطاء الخارجى للكاشف أما داخل الكاشف فإن البروتونات ومضاداتها تتصادم فى أنبوبة للحزمة تقع فى قلب الكاشف حيث تتطاير الجسيمات الناجمة عن هذا التصادم فى كل اتجاه عبر الطبقات العديدة للكاشف ( UAI ) .
وتغطى كل طبقة من طبقات الكاشف ( UAI ) نوعا معينا من المعلومات الصادرة من تصادم البروتون والبروتون المضاد فالطبقة الداخلية ( الكاشف المركزى ) تشمل مسارات الجسيمات المشحونة ويملأ هذا الجزء من الجهاز بخليط من غاز ( الايثين ) وهو غاز عديم اللون والرائحة قابل للاشتعال يستعمل كوقود وغاز تبريد وغاز ( الأورجون ) عنصر غازى كيميائى لا لون له ويستخدم فى مصابيح الفلورسنت وكغاز واق فى اللحام القوسى ويحاط بالألاف من الأسلاك الدقيقة وتلتقط الأسلاك الإشارات الكهربائية البالغة الصغر من المسارات الأيونية التى تتركها الجسيمات المشحونة وتوجد غرفة الأسلاك بداخل مجال مغناطيسى يحنى مسارات الجسيمات تبعا لشحناتها الكهربية وطاقة حركتها .

المسعر الهادرونى اللونى :
يحيط بالكاشف المركزى عدة طبقات أخرى وضعت بطريقة خاصة حتى يمكنها التعرف على أنواع معينة من الجسيمات وهناك نوعان من المسعرات يقومان بقياس طاقة الجسيمات .
إن مقياس الحرارة الكهرومغناطيسى الذى بنى من طبقات متبادلة من الوامضات ( مواد لها القدرة على تحويل طاقة إشعاع مؤين إلى ضوء منظور ) والرصاص وهذا المقياس يوضح مرور الالكترونات والفوتونات .
وتصدر هذه الجسيمات رذاذا مميزا من الالكترونات عندما تمر فى الرصاص وتجرى متابعتها فى طبقات الجهاز وتمر ومضات الضوء الصادرة فى كل مرة يعبر فيها جسيم مشحون عبر قضبان من البلاستيك ( مرشدات الضوء ) فى اتجاه أنابيب ضوئية تحول الضوء إلى إشارات كهربية .
وبنفس الطريقة صممت الطبقة التالية حتى توضح البروتونات والبيونات والهادرونات الأخرى أى الجسيمات المبنية من الكواركات وهذا هو المسعر الهادرونى اللونى ويتكون من طبقات متبادلة من الحديد والوامضات وفى هذه الحالة يخدم الحديد أهدافه حيث إنه يعد جزء من المغناطيس الكهربائى المستخدم ليثنى مسارات الجسيمات المشحونة .
وتتعرف الطبقة الخارجية للكاشف ( UAI ) على الميونات وهى الجسيمات الوحيدة عدا النيوترينوات القادرة على اختراق تلك الكمية الضخمة من الرصاص والحديد وتكون كاشفات الميون فى صناديق من الألمنيوم بيضاوية مسطحة حيث تغطى الكاشف ( UAI ) وتعطيه مظهر الوعاء الضخم .
والكاشف ( UAI ) بالغ الضخامة ويحتوى على ما يقرب من ( 2000 طن ) من الحديد وما يزيد عن ( 100 طن ) من الرصاص ويحتوى المسعر الهادرونى اللونى على ما يقرب من ( 6300 م ) مربع من عداد الومضات من البلاستيك المقوى فى ( 7000 شريحة ) بسمك ( 1 سم ) .

الإشارات الكهربائية ومنظومة القدح :
يصدر تصادم واحد للبروتون والبروتون المضاد المئات من الإشارات الكهربائية فى أثناء تطاير الجسيمات الناجمة عن هذا التصادم عبر الطبقات المختلفة للكاشف ( UAI ) وتمر هذه الإشارات عبر العديد من الكمبيوترات ثم إلى كمبيوتر رئيسى يقوم بتسجيل كل المعلومات التى تتضمنها الإشارات على شريط مغناطيسى ويعطى كل حدث حوالى ( 70000 كلمة ) آلية الكلمة هى الوحدة الأساسية للبيانات فى ذاكرة الكمبيوتر .
ويأخذ الكمبيوتر حوالى ربع الثانية لتسجيلها جميعا على الشريط المغناطيسى ولكن مجموعات البروتون والبروتون المضاد تتقابل كل 6 و 7 ميكروثانية ( الميكروثانية = واحد على مليون من الثانية ) فنجد أنه أثناء كتابة الكمبيوتر الرئيسى التقرير الكامل لتصادم واحد أوحدث واحد نجد أن
( 3000 تصادم آخر ) لبروتون وبروتون مضاد قد حدثت .
فيأتى دور منظومة القدح المكونة من معدات للمعلومات وأجهزة كمبيوتر إضافية وقد جهزت هذه الأجهزة حتى تؤدى وفى خلال ( 4 من المليون من الثانية الواحدة ) مجموعة من التكنولوجيات السريعة الهدف منها معرفة ما إذا كانت الإشارات الصادرة من كل تصادم تقع تحت ما يطلق عليه علماء الفيزياء إشارات مثيرة للاهتمام أم لا ؟
فمن حوالى ( 12000 تصادم ) تحدث كل ثانية فى أنبوبة الحزم بداخل الكاشف ( USI ) تقوم منظومة القدح بتنقيتها جميعا ما عدا واحد أو اثنين .
وبواسطة منظومة القدح يعطى الكمبيوتر الرئيسى صورا ملونة للتصادمات التى يقوم بتسجيلها بحيث يراها العلماء العاملون على جهاز المعلومات مباشرة وما أن تسجل المعلومات على شريط ممغنط حتى تمرر إلى الكمبيوتر فيقوم بإعادة تكوين مسارات الجسيمات ويحسب كمية الطاقة التى وضعت فى المسعرات ويقوم العلماء بفحص التصادمات ذات الأهمية الخاصة وتسجيلها على أشرطة مما يساعدهم على إعادة تشغيلها كلما أرادوا إزالة ما لا يرغبون فيه .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق