الكوكب القزم ( بلوتو / Pluto
) كما لم يعرف سابقا
إن الكويكب ( بلوتو / Pluto ) عالم غريب
وجميل وبعيد جدا لدرجة أن الشمس / Sun تبدو كمجرد نجم / Star لامع فى
سماء الكويكب ( بلوتو ) فالكوكب القزم الجليدى الذى يقع على حافة حزام كايبر / Kuiper
Belt
فحزام كايبر عبارة عن منطقة على شكل قرص من الأجسام المتناثرة خارج مدار كوكب
نبتون / Neptune
فبلوتو موطن فريد من القمم الشاهقة والأنهار الجليدية من النيتروجين والأودية
المتعرجة فبلوتو صغير جدا أصغر كثيرا من قمر كوكب الأرض / Earth لكنه ملون
أكثر ويختلف لون سطح بلوتو من الأبيض إلى الأحمر إلى البرتقالى المحترق والأسود
الفحمى وكجسم مختلف فهو يحتل المرتبة ( 2 ) فى المجموعة الشمسية / Solar
System
بعد قمر كوكب زحل / Saturn إيابيتوس / Iapetus حتى
التلسكوبات القوية جدا كتلسكوب ( هابل الفضائى ) كان يمكن لها أن تظهر بعض النقاط
من الألوان على كويكب بلوتو حيث أن
( بلوتو / Pluto ) صغير جدا
وبعيد على بعد ( 5 مليار كم ) من الأرض فى أقرب اقتراب لبلوتو لدرجة أنه لم يكن
لدى البشرية سوى إحساس غامض بالشكل الذى يبدو عليه كويكب ( بلوتو / Pluto ) حيث تغير
كل ذلك سنة ( 2015 ) عندما أرسل مسبار الفضاء ( نيوهوراينز ) التابع لناسا أول صور
عن قرب لبلوتو تم التقاطها على الإطلاق وكانت الصور مذهلة للكويكب ( بلوتو / Pluto ) حيث ما
زال لدى البشرية العديد من الأسئلة أكثر من الإجابات إذن ما الذى يمكن أن تتعلمه
البشرية عن بلوتو وما الذى فاجأ العلماء وكيف غيرت الدراسات الحديثة فهم البشرية
لماضى وحاضر الكوكب القزم بلوتو .
تم إطلاق المسبار الفضائى ( نيوهوراينز ) فى
( 1 / 2006 ) حيث كانت مهمته الأساسية هى تصوير وجمع المعلومات عن بلوتو وأقماره (
شارون / ستيكس / نيكس / كنبيروس / هيدرا ) التى لم يتم اكتشافها بعد ففى ( 14 / 7
/ 2015 ) على بعد
( 9 سنوات ) من مهمة ( نيوهوراينز ) كانت (
نيوهوراينز ) قد اقتربت لأقصى درجة من بلوتو حيث التقطت صورة أخاذة لسطح بلوتو
تجاوزت كل تخيلات البشرية فالجبال الجليدية والأنهار الجليدية النيتروجينية
والبراكين الجليدية والأودية ولكن بالنظر إلى المسافات الهائلة حيث اقتصر الإرسال
على ( 1 أو 2 كيلوبايت / ث ) حيث استغرق الإرسال ( 15 شهرا ) لربط مجموعة
المعلومات الكاملة مما تسبب فى ضجة كبيرة فى كل مرة تصدر فيها ناسا صورة جديدة
فعند إلقاء نظرة على الصور فيوجد الكثير من المعلومات لتحليلها فإن الصورة الكاملة
لا تكشف عن نفسها إلا بعد قضاء الوقت فى تجميعها معا لنبدأ بميزة فريدة ( المفاصل
النحاسية ) وتقع بالقرب من خط استواء ( بلوتو / Pluto ) وهى تتألف
من ( 6 مناطق منخفضة ) ( البقعة ) ويبلغ متوسط عرضها ( 480 كم ) فعن طريق النظرة
الفاحصة يمكن رؤية أنها متداخلة مع شبكة من الأخاديد حيث يعتقد العلماء أن (
المفاصل النحاسية ) تحصل على لونها الداكن من القطران المصنوع من الثولين وهى
هيدروكربونات تشكلت من تفاعل الميثان والنيتروجين مع الأشعة الكونية ويتواجد
الثولين بكثرة فى جميع أنحاء بلوتو كما يظهر فى المنطقة المجاورة على شكل حوت حيث
تظهر كل بقعة منفصلة لأنها مقسمة من خلال المرتفعات الشاهقة المغطاة بالجليد والتى
يبلغ ارتفاعها عدة كيلومترات ومن المحتمل أنها تتكون من النيتروجين والميثان وأول
أكسيد الكربون المتجمد فوق طبقة صخرية من جليد الماء فالجليد المائى قوى بما يكفى لتشكيل
الجبال على بلوتو بسبب جاذبيته المنخفضة .
من ناحية أخرى فإن الجليد النيتروجينى أكثر
ليونة وهذا هو السبب فى أنه يميل إلى إغراق الأراضى المنخفضة على بلوتو حيث ستكون
الجبال الجليدية ضخمة بمشهد خلاب من منظور الوادى فالنيتروجين هو المادة الأكثر
شيوعا على سطح بلوتو حيث يمثل ( 98 % ) منه ويشكل جليد النيتروجين جزءا كبيرا من
المنطقة التى على شكل قلب فى بلوتو فالفص الغربى للقلب عبارة عن حوض أملس ملىء
بسائل جليدى من النيتروجين ( سبونتيك بلانتيا ) بينما الفص الشرقى أكثر خشونة
ويظهر فى الصورة الفرق بين الفصين حيث يبدو الجانب الشرقى مثقوبا وتحمل رياح بلوتو
النيتروجين من ( سبونتيك بلانتيا ) إلى الغلاف الجوى وترسبه مرة أخرى فى المرتفعات
الشرقية وهو ما يفسر السبب فى شدة بياضها فالمرتفعات لها لمعان جليدى بسبب كل جليد
النيتروجين المترسب وينزلق بعض النيتروجين مرة أخرى إلى الأراضى المنخفضة عبر
التدفق الجليدى مما يعنى أن النصفين الغربى والشرقى للقلب بينهما علاقة قوية على
الجانب الغربى من ( سبونتيك بلانتيا ) حيث توجد سلسلة جبال شاهقة ( الإدريسى
ماونتن ) أو ( جبال الإدريسى ) وتهب الرياح بجزيئات صغيرة من جليد الميثان باتجاه
الجبال وترسبها مرة أخرى على السطح حيث أن الغلاف الجوى لبلوتو رقيق جدا ولم يتوقع
العلماء أن تكون رياحه قادرة على هذا النوع من النقل فغالبا ما يتم رفع جسيمات
الميثان عن طريق تسامى جليد النيتروجين وهى عملية تغير طور المادة من الحالة
الصلبة إلى الغازية حيث يعتقد العلماء أن النيتروجين المتسامى يمزق جزيئات صغيرة
بحجم حبيبات جليد الميثان والتى تحمل فى الغلاف الجوى وتستقر بالقرب من الجبال
وتشكل رواسب الميثان حقلا شاسعا تبلغ مساحته ( 2000 كم مربع ) مصنوع من الكثبان
الرملية وتتشكل الكثبان الرملية فى درجات حرارة شديدة البرودة تقل عن ( - 230 درجة
س ) = ( - 382 ف ) تحت الصفر وتكون حبيبات الميثان الصغيرة التى تشكل الكثبان
الرملية أخف بكثير من الرمل وليست الكثبان الرملية هى العنصر الوحيد الذى يثير
الاهتمام فى هذه الزاوية من ( سبونتيك بلانتيا ) حيث يوجد على الجانب الغربى من
الجبال خندق عميق يظهر كشريط أزرق داكن على الخريطة الملونة ويتراوح ارتفاع القمم
المجاورة للخندق العميق من ( 200 م : 1 كم ) فى حين أن القمم الأبعد تكون أعلى
بكثير حيث يصل ارتفاعها إلى ( 3 كم ) فهذا يعنى أن الجبال تصبح أطول كلما ابتعدت
عن الخندق العميق فلماذا هذا مهم ؟ حيث يعتقد العلماء أنه قد يكون مرتبطا بما يحدث
تحت سطح بلوتو فأحد أكثر الاكتشافات الرائعة التى تم الكشف عنها عن بلوتو هو أنه
ربما كان وربما لا يزال يحتوى على محيط شاسع تحت سطح بلوتو فهذه خاصية يشاركها مع
عدة أقمار فى النظام الشمسى ( كجانيميد ويوروبا ) التابعين لكوكب ( المشترى / Jupiter ) و
( انسلادوس ) التابع لكوكب ( زحل / Saturn ) فالحقيقة
أن بلوتو يمكن أن يستضيف الماء السائل فعند التفكير فى بعد بلوتو عن الشمس حيث
سيتعين على بلوتو توليد حرارة كبيرة من الاضمحلال النووى فى قلبه حيث أن بلوتو
أصغر من قمر الأرض نظرا للحجم الضئيل لنواة بلوتو فمن غير المتوقع أن تولد الكثير
من الحرارة لذا فاجأ الدليل على وجود محيط تحت سطح بلوتو الكثير من الماس حيث يوجد
تساؤل عن علاقته بالجبال حيث أجريت دراسة سنة ( 2019 ) إلى أن جبال ( الإدريسى ) قد
تحركت على الأرجح شرقا من خلال الحمل الحرارى فى الحالات الصلبة فمن الممكن أن
تنتج هذه الحركة كل من الخندق العميق على الجانب الشرقى للجبال فضلا عن الارتفاع
من الغرب للشرق فإذا كانت النظرية صحيحة فإن العمليات الديناميكية التى تحدث على
سطح بلوتو ستدعم على ما يبدو فكرة وجود طبقة من الماء السائل تحت قشرة بلوتو
الجليدية كما أنهم لاحظوا أدلة أخرى على شكل براكين جليدية ( رايتس مونس ) هو أحد
البراكين المحتملة حيث يظهر فى الصورة عالية الدقة التى قام بها فريق ( نيوهوراينز
) بتجميعها فهو مركب من الصور التى التقطتها كاميرتين موجودتين على المسبار (
نيوهوراينز ) فالبركان الجليدى ( رايتس مونس ) هو عبارة عن هيكل ضخم يتكون غالبا
من جليد مائى يبلغ ارتفاعه ( 4 كم ) مع انخفاض كبير فى المنتصف وقد يكون نشطا إلى
حد ما كما يتضح من عدم وجود حفر تؤثر فى المنطقة المحيطة حيث اكتشف العلماء بركانا
مجمدا آخر محتملا فى جنوب غربه وهو أكبر حجما حيث يبلغ ارتفاعه ( 7 كم ) للأسف كان
فى الظلام فعلا فى الوقت الذى تمكنت فيه ( نيوهوراينز ) من تصويره فلم تكن الصور
واضحة كصور ( رايتس مونس ) ولكن يمكن رؤيتها فى الخريطة الطبوجرافية الملونة حيث
إنه يعانى من انخفاض هائل فى وسطه حيث تذكر المنخفضات فى كلا الهيكلين بالبحيرات
البركانية على الأرض حيث أنها أكبر بكثير بالنسبة لحجم البراكين فيبدو أنه يوجد
حلقات متحدة المركز تحيط بالمنخفضات مما يشير إلى ربما سلسلة من الانفجارات تليها
تراجع الصهارة والانهيار اللاحق للفتحات ولم يؤكد العلماء وجود براكين جليدية ولكن
من الصعب انكار كل هذه الأدلة إذن لدينا مجموعة أخرى من الميزات المذهلة التى
اكتشفتها ( نيوهوراينز ) على بلوتو وبالنظر إلى الاكتشافات المفاجئة حول المحيط
الجوفى المحتمل يمكن التأكد من أنه يوجد الكثير من الأبحاث حول المحيط الجوفى
المحتمل لبلوتو فالمزيد من الاكتشافات التى ستتحقق فهل يمكن أن نجد الحياة ذات يوم
فى محيط بلوتو فهل سيتم ارسال مسبارا آخر إلى كوكب قزم آخر من الكواكب القزمة فى
حزام كايبر مثل ( ايريس ) فقد تم اقتراح ذلك فعلا لكن رحلة الفضاء وحدها ستستغرق
أكثر من ( 20 سنة ) وهذا سبب إضافى لتقدير الصور الرائعة التى تم التقاطها بواسطة
( نيوهوراينز ) .
أسامه ممدوح عبد الرازق مصطفى شرف
12 / 3 / 2023
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق