الأربعاء، 11 سبتمبر 2024

كيف لعطارد والزهرة أن يرشدا البحث عن الحياة خارج المجموعة الشمسية

 

كيف لعطارد والزهرة أن يرشدا البحث عن الحياة خارج المجموعة الشمسية

لقد تحول جيران الأرض إلى جحيم وقد يساعد ذلك على فهم تحولها على معرفة أى من الكواكب الصخرية خارج المجموعة الشمسية صالح للحياة .

حيث تقبع قرب الشمس جمرتان متفحتمان حيث أنهما كتلتان من الجحيم هما عطارد سهل أسود معطوب والزهرة عالم فائظ مبتلى بمطر من الحمض الصافى .

ولكن على الرغم من جميع السمات المرعبة لمظهرهما الخارجى فإن باطنها مألوف على نحو مدهش حيث تشكل كل من الزهرة وعطارد مع الأرض والمريخ وهى الكواكب الصخرية الوحيدة فى المجموعة الشمسية فى تناقض صارخ مع عمالقة الغاز المنتفخة التى تقبع على أطراف المجموعة الشمسية وهى ( المشترى / زحل / أورانوس / نبتون ) وعن طريق البحث عن الحياة خارج الأرض تعتبر هذه الكواكب كواكب ربما تكون صالحة للحياة وفى الواقع إذا وجدت كواكب كعطارد والزهرة فى مجموعة شمسية بعيدة عن المجموعة الشمسية فقد تعتبر أنها مشابهة للأرض .

ولكن كيف تحولت هذه الكواكب التى تبدو مشابهة للأرض إلى كواكب بعيدة كل البعد عن كونها كذلك ؟ هل هى مصادفة تكوينية أم الملايين من السنين التى قضتها فى بيئة غير مضيافة ؟ إن التوصل إلى أجوبة عن هذه الأسئلة إضافة إلى فهم تنوع الكواكب الصخرية ذو أهمية عظيمة لعلم الفلك ومن دون أجوبة حاسمة فالبشرية لن تجهل تاريخ المجموعة الشمسية فحسب بل ستكون البشرية محدودة فى بحثها عن الحياة فى مكان آخر حيث يكمن جزء من المشكلة فى أن الكواكب الداخلية تصعب زيارتها فلم تصل إلى عطارد إلا مركبتان فضائيتان ومن بين المسابير الكثيرة التى انطلقت إلى الزهرة لم يظل أى منها يعمل لأكثر من ( 90 دقيقة ) ورسم صورة أكثر دقة سيتطلب جيلا جديدا من المسابير كمثل بعثة ( بيبى كولومبو ) التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية ووكالة الاستكشاف الفضائى اليابانية التى هى فى طريقها الآن إلى عطارد وعلى الرغم من أن احتمال العثور على أى أثر للحياة شبه معدوم فإن المعلومات التى سترسلها ستساعد البشرية على البحث عن هذه الحياة فى مكان آخر ولكى نتعلم أى شىء عن عطارد على البشرية أن تصل إليه أولا .

إن المشكلة الرئيسية فيما يتعلق بالتخطيط لزيارة عطارد هى الشمس فعندما يكون جارك نجما أكبر منك

ب ( 6 ملايين ضعف ) ولديه مجال جاذبية أقوى بنحو ( 80 ضعف ) فعادة ما يميل الزوار إلى الانحراف عن مسارهم نحوه .

وإذا مرت مركبة فضائية بجانب عطارد بسرعة فستأسرها جاذبية الشمس القوية وتجرها نحو هلاكها ولكن حتى السفر مباشرة نحو الكوكب لن يضمن الوصول ففى اللحظة التى توجه فيها الصاروخ إلى عطارد ستكون السرعة قد تخطت كثيرا ما يمكن لمجال جاذبية عطارد الإمساك بالصاروخ فاللشمس جاذبية قوية لدرجة ستنحرف معها أى بعثة مباشرة نحو عطارد عن مسارها .

كما لم تتعلم البشرية الكيفية التى تدخل بها مدار عطارد قبل منتصف ( 80 / ق 20 ) عندما حل المعضلة أحد العلماء وعلى المركبة الفضائية أن تتخذ طريقا طويلا ذا مناظر خلابة فيلتف حول الأرض والزهرة ويدور بضع دورات حول عطارد لإبطائها قبل أن تدخل مدار كوكب عطارد .

حيث كانت المركبة الفضائية ( مارينر / 10 ) المسبار الأول الذى طار بمحاذاة كوكب عطارد ( 3 مرات ) فى

( 1974 / 1975 ) بدلا من أن يدور حوله وبعد ذلك تبعه المسبار ( مسنجر ) الذى استمر دورانه حول عطارد

( 4 سنوات ) بدءا من عام ( 2011 ) فكان المسبار ( مارينر / 10 ) الذى مر بمحاذاة عطارد ولم يلتقط سوى صور فوهات وأشياء أخرى غير مهمة لكن ما زالت البشرية تتساءل عما إذا كان عطارد مثيرا فعلا لو لم يتم ارسال المسبار ( مسنجر ) إلى عطارد ليثبت أنه ليس كذلك حيث أن أحد الأمور التى أخبرها المسبار مسنجر مباشرة كان المدى الذى يسخن إليه عطارد حيث كان على المسبار ( مسنجر ) الابتعاد دوريا عن سطح عطارد لإبقاء أجهزته تحت درجة حرارة معينة ففى النهار قد تصل الحرارة إلى نحو ( 430 درجة سيليزية ) ولأنه لا يوجد لعطارد أى غلاف جوى لحبس الحرارة وتوزيعها حول عطارد حيث تهبط الحرارة فى الليل عندما تغرب الشمس إلى ما دون ( - 175 سيليزية ) والليل والنهار طويلان جدا بمعدل ( 176 يوما ) أرضيا بين شروق وآخر أى اليوم الواحد أطول من سنة على عطارد حيث أن درجات الحرارة القصوى تعنى أن الحياة شبه مستحيلة على عطارد وتوجد بضع فوهات لا تصل إليها أشعة الشمس قرب القطبين قد تحوى كميات محدودة من الماء المتجمد لكنها شديدة البرودة لتكون ماء سائلا بكميات قليلة أو معدومة من الاكسجين حيث تتأرجح جميع المناطق بين السخونة والبرودة الشديدتين حيث أن ضغط السطح المنخفض وغياب الهواء يجعلان من عطارد أقل مضيافا للحياة وتنبع مشكلات أكثر من داخل عطارد حيث إن عطارد ذو نشاط بركانى مكثف والسهول الشمالية بمجملها ما يشكل أكثر من ( 10 % ) من سطح عطارد مكون من حمم بركانية متحجرة ويظهر عطارد أدلة على النشاط البركانى المتفجر وهو نوع من الانفجار البركانى أكثر دراماتيكية فالعناصر التى تغلى عند درجات حرارة منخفضة نسبيا ( المواد المتطايرة ) حيث تشكل فقاعات غاز فى الحمم البركانية تنبثق عند سطح عطارد لتلفظ صخرا سائلا وساخنا فى جميع الاتجاهات بحيث يبدو أن معظم الانفجارات حدثت منذ نحو ( 3.8 تريليون سنة ) عندما كان باطن عطارد لا يزال منصهرا بفعل حرارة تكون عطارد .

 

طبيعة متطايرة :

  كان من المفترض أن تتبخر جميع العناصر المتطايرة على سطح عطارد بسبب قربها من الشمس حيث كانت البشرية تظن قبل وصولها إلى عطارد أن عناصره المتطايرة قد نفذت حتى تم زيارة عطارد وتم اكتشاف وفرة العناصر المتطايرة على سطح عطارد فعلى كوكب خال من الماء السائل حيث تؤدى المتطايرات دورا أساسيا فى تشكيل ملامح سطح عطارد فعن طريق تزويد براكين عطارد بالطاقة فهى مسؤولة عن السمة التى تجعل عطارد مختلفا عن الأرض فبدلا من غلاف جوى لدى عطارد الصغير الحجم ( إكزوسفيرا ) وهو عبارة عن طبقة رقيقة وهشة من الجسيمات تطفو فوق سطح عطارد وهى ليست غلافا جويا بل تبخر بطىء لعطارد .

ويتكون ( الإكزوسفير ) فى مجمله من الهيدروجين والاكسجين مع القليل من الهليوم والصوديوم والبوتاسيوم وفى الغالب يتشكل الإكزوسفير بفعل تسلل جسيمات مشحونة من الشمس عبر مجال عطارد المغناطيسى وارتطامها بسطح عطارد فتتطاير جسيمات صغيرة من الغبار والغاز وباستمرار يتشكل الإكزوسفير ويتشتت فى الفضاء فعطارد يتقلص ببطء والتبخر ليس الدافع الوحيد فبعد أن بدأت حرارة لب عطارد المنصهر بالانخفاض بدأ عطارد بالتحجر متسببا بتقلص سطح عطارد وتظهر المنحدرات على سطح عطارد التى قد تمتد عبر 1000 كم ويبلغ ارتفاعها ( 3 كم ) حيث أن قطر عطارد تقلص بضعة كيلومترات منذ بدأت قشرته بالتشكل مجعدة بذلك المشهد الطبيعى لسطح عطارد حيث أن سطح عطارد عبارة عن قشرة واحدة بدلا من كونه صفائح تكتونية عديدة فلم يكن بإمكان المنحدرات التشكل بأى طريقة أخرى لكن على الرغم من ملايين السنين من التبريد لا يزال جزء من لب عطارد سائلا وقد يكون أحد أسباب استغراقه وقتا طويلا ليتجمد هو ضخامة لب عطارد بحيث يشكل لب عطارد حوالى ( 85 % ) من قطر عطارد وهى نسبة أكبر بكثير من أى كوكب آخر معروف فعن طريق الحفر لبضع مئات من الكيلومترات داخل القشرة ستجد البشرية حديدا منصهرا وعلى الأرض يتعين على البشرية حفر نحو ( 3000 كم ) لتصل البشرية إلى الحدود الخارجية  للب الأرضى .

حيث أن القشرة الرقيقة من الصخر التى تغطى لبا ضخما إضافة للمواد المتطايرة غير المتوقعة حيث يوجد استنتاج مفاده أن عطارد تشكل بعيدا عن الشمس ثم ارتطم بكوكب ناشىء أكبر منه فأثناء انتقاله للداخل من المجموعة الشمسية مما جرده من طبقته الصخرية الخارجية وقد يرتطم كوكب كهذا بالأرض أو الزهرة فى وقت مبكر من تكونهما فتفقدان غطائهما الصخرى ولكن ليس المواد المتطايرة حيث سيكون عطارد كوكبا أكبر مشابها للأرض من حيث البنية فلولا الارتطام لا يزال علماء الكواكب يفكرون فى الألغاز التى كشفها المسبار مسنجر وهنا يأتى دور بعثة ( بيبى كولومبو ) فعن طريق الإجابة عن بعض الأسئلة ويتكون المسبار ( بيبى كولومبو ) من مسبارين دوارين مستعدين للانفصال عند وصولهما عند عطارد لتزويد البشرية برؤية كاملة لم يتم مشاهدتها من قبل فهذا العالم الصغير والغريب حيث أطلقت البعثة عام ( 2018 ) لكنها لن تصل قبل عام ( 2025 ) بسبب المسار الملتوى الذى يجب عليها اتباعه لدخول مدار عطارد بأمان .

وفى هذه الأثناء صارت ( الزهرة ) كوكبا غير جذاب فالزهرة تشبه الطفل الأوسط فهى تحظى بمحبة وتفضيل أقل من الشقيق المفضل ( المريخ ) والأشقاء من العمالقة الغازية من بين ( 27 زيارة ) ناجحة منذ عام 1962 أطلق منها ( 5 ) بعد عام ( 1990 ) وهذا يعنى أن معرفة البشرية بالزهرة أقل تحديثا من معرفة البشرية بعطارد وهذا ليس لأن الوصول إلى الزهرة صعب بل لأنه من الصعب استكشافها إذا تم الوصول للزهرة فعلى سطح الزهرة استطاعت المسابير الروسية الصمود بين ساعة وساعة ونصف قبل أن تحترق إذ تقارب درجة حرارة سطح الزهرة ( 470 درجة سيليزية ) بضغط ساحق من الغلاف الجوى الأثقل بنحو ( 90 مرة ) من الضغط عند مستوى سطح البحر على الأرض .

ولظروف الزهرة غير المضيافة للحياة حيث أن الزهرة تختلف عن عطارد حيث أن الزهرة شديدة السخونة لأنها أقرب إلى الشمس ولكن هذا غير صحيح حيث تعكس الشمس غيومها حوالى ( 70 % ) من الأشعة التى تتلقاها الزهرة من الشمس ولكن الزهرة ساخنة بسبب تأثير يشبه تأثير الاحتباس الحرارى فيحبس غلافها الجوى السميك المكون من ثانى أكسيد الكربون الحرارة بالقرب من سطح الزهرة حيث أن الغبش السميك الذى يدور لسبب غير مفهوم بسرعة تتجاوز سرعة دوران الزهرة بنحو ( 60 مرة ) مما يعنى أن الحرارة تتوزع حول الزهرة بدلا من أن تنبعث نحو الفضاء البارد فى الليل وبعكس عطارد لا يوجد جانب بارد من الزهرة كما يحجب الغلاف الجوى لسطح الزهرة عن المركبات المدارية فلا يوجد أى فكرة عما يقع تحت غيوم الزهرة فلا تعرف البشرية مما تتكون الزهرة فلا تعرف البشرية إن كانت صفائح الزهرة التكتونية لا تزال نشيطة ولا تعرف البشرية معدل تشكل الفجوات على سطح الزهرة ولا سبب حركة غلافها الجوى بسرعة .

حيث أن الزهرة كوكب يلفه الغموض حيث تظهر بيانات الرادار ما يبدو أنها تضاريس بركانية قنوات شقتها الحمم وسهول من الصخور البركانية وأكثر من ( 1600 بركان ) رئيسى أكثر مما هو موجود على أى كوكب آخر فى المجموعة الشمسية مع أنه لا يوجد أى دليل على أنها نشيطة كما أنها موطن أطول قناة فى المجموعة الشمسية التى حملت يوما ما الحمم عبر ما يقارب ( 7000 كم ) ولكن لا أحد يعلم مصدر الحمم ولا مكان اختفائها بعد أن شكلت القناة فلا يمكن رؤية كومة كبيرة من الحمم أسفل القنوات ولا يمكن رؤية أى جبال أو فجوات بركانية فالقنوات لا منبع لها على الزهرة ولا مصب ومع هذا فهى موجودة .

كما توجد مساحات مضيئة غريبة من التضاريس ( مكعبات ) وعادة ما تكون ممتلئة بقمم سلاسل مرتفعات وأحواض تتشكل عندما تتحرك القشرة بفعل النشاط التكتونى وأظهرت بعض الإشارات من المركبات التى هبطت على الزهرة أن هذه المناطق قد تكون غنية بالسيليكا كالقشرة القارية على الأرض .

فإذا تم إثبات أن التيسيرى كانت قشرة قارية سيكون اكتشافا مهما لأنه سيعن أن لسطح الزهرة تاريخا جيولوجيا وكيميائيا أكثر تعقيدا مما يحدث الآن على سطح الزهرة بحيث سيكون أحد أوجه التشابه مع الأرض بحيث يجب أن يكون كوكبا الأرض والزهرة توأمين فهما يتكونان من العناصر نفسها ويبعدان عن الشمس المسافة نفسها تقريبا ويبلغان الحجم نفسه ولكن ولو تشكلت كل من الزهرة والأرض فى مكان غريب من موقعهما الحالى لكان لديهما كمية الماء نفسها سواء إذا تكونتا مع وجود الماء عليهما أم حصلتا عليه من النيازك فى وقت لاحق فلا يوجد تعليق واضح لاختلاف الزهرة اختلافا كبيرا فيما عدا افتقادها لصفائح تكتونية مما منع دون تخزين ثانى أكسيد الكربون فى الصخور مبكرا فى تاريخها فقد تكون الزهرة فى الماضى مكانا مناسبا للحياة بمياه سطحية وغلاف جوى أقل سماكة ولكن فالكون على سطح الزهرة هو كالغوص فى المحيط على عمق ( 1 كم ) ويشبه الوجود داخل محرقة ولكن استحالة الحياة على الزهرة وعطارد قد تكون السبب وراء صعوبة حشد الاهتمام لزيارتهما فعلى الأغلب أن البشرية لن تجد حياة على الزهرة ولا يمكن ارسال رائد فضاء يوما ما وغرس علم فى تربتهما لكن قد يكون كل من عطارد  والزهرة مهمين فالهدف ليس فهم عطارد أو الزهرة فحسب بل فهم عالم الأرض وفهم عوالم أخرى حول نجوم أخرى ولفهم العوالم الأخرى من المهم أن يتم تفسير الاختلاف الكبير بين الكواكب الصخرية ( عطارد / الزهرة / الأرض / المريخ ) فى المجموعة الشمسية ولم واحد منها يبدو صالحا للحياة ولفهم كوكب الأرض وحتى الكواكب الخارجية علينا فهم ال ( 3 الباقية ) ولكن فى واحد منها المريخ فهل نعلم أصلا مما يتكون سطح الزهرة أو أين ذهب معظم الماء ؟

فعن طريق فهم الاختلافات التى قد تبدو مفصلية فقد يساعد على تفسير الاختلافات الطفيفة التى ترى بين العوالم التى تدور حول نجوم أخرى بعيدة فقد يكون كوكب خارجى ويشبه الأرض جدا كالأرض أو جحيما كالزهرة .

أسامه ممدوح عبد الرازق مصطفى شرف   21 / 5 / 2021   

 

 

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق