رصد حدث عمره أكبر تريليون مرة من عمر الكون
نفسه
فى واحدة من أكثر التجارب حساسية على كوكب
الأرض وعلى عمق أكثر من ( 3000 م ) تحت الأرض وتحديدا فى إيطاليا تمكن العلماء من
مراقبة واحدة من أكثر الأحداث الفيزيائية ندرة من بداية الكون حتى الوقت الحاضر
حدث استعصى على علماء الفيزياء فهمه لأنه أطول وأبطأ عملية تحدث فى الكون هو
التحلل الإشعاعى لنظير عنصر
( الزينون / 124 ) وهذه عملية تأخذ وقت يعادل
( 18 استليون سنة ) وهذا رقم أكبر من عمر الكون ( بتريليون مرة ) والكشف عن هذا
الحدث جاء ضمن تعاون ( زينون ) لحل واحدة من أكبر ألغاز الكون ( المادة المظلمة )
( Dark Matter ) فالمادة
المظلمة هى واحدة من المكونات الأساسية للكون والتى تشكل ( 25 % ) من الكون كله
وجاء من خلال القياسات الفلكية التى أكدت على وجودها ومن وقتها العلماء يحاولون
اكتشاف ماهيتها وتفسيرها وهذا هو السبب فى بناء أجهزة كشف حساسة من أجل معرفة أكثر
عن خصائص المادة المظلمة وطبيعة تفاعلها مع المادة العادية حيث جاء تعاون ( زينون
) الذى يضم أكثر من ( 135 باحث ) من دول مختلفة كثيرة حيث أن الهدف من المشروع هو
بناء الكاشف ( زينون 1 T ) والذى يعتبر الكاشف الأكثر
حساسية على وجه الأرض بالكامل والذى تم تصميمه من سنة ( 2016 : 2018 ) على عمق
يتجاوز ( 3500 م ) تحت سطح الأرض فى مختبر ( LNGS ) بإيطاليا
من أجل البحث عن الجسيم المرشح لتكوين المادة المظلمة ( WIMPS ) ( الجسيم
الضخم ضعيف التفاعل ) فلا بد من معرفة الجهاز ( زينون ) يتكون من ماذا تحديدا
الحقيقة عند الذهاب لموقع تحت سطح الأرض هى عبارة عن خزان معدنى اسطوانى عملاق
ملئان بالمياه فائقة النقاء ومبنى شفاف بطول ( 3 طوابق ) ملىء بالأجهزة أما عن
الكاشف المركزى ( زينون 1 T ) فهو موجود فى منتصف خزان
المياه داخل غرفة ( LXETPC ) والذى بداخلها ( زينون سائل
) وهى غرفة ليست ظاهرة فلماذا تم وضع الماء داخل الخزان المعدنى الاسطوانى العملاق
الحقيقة أنها مغمورة بالمياه من أجل حماية الكاشف من النشاط الإشعاعى الطبيعى فى
الكهف فلماذا تم وضع الكاشف داخل كهف على عمق كبير تحت الأرض الفكرة أن الكهف يحمى
الكاشف والأجهزة من الأشعة الكونية لأنه سيتم دراسة وكشف جسيمات معينة فلا بد من
الابتعاد عن كل شىء يسبب التشتت فكيف سيتم العثور على الجسيم ( WIMP ) حيث أن
تفاعل الجسيمات فى الزينون السائل ستحدث ومضات صغيرة من الضوء حيث أن العلماء
يقومون بتسجيله ليتمكنوا من استنتاج موقع وطاقة الجسيم المتفاعل وهل هو مادة مظلمة
أم ماذا ؟ وعلى الرغم من الحساسية الكبيرة للكاشف إلا أنه لم يرصد الجسيمات ولكنه
رصد شىء آخر مهم جدا ولكى يتم فهم الشىء المهم المرصود لا بد من فهم بعض الأشياء
حيث أن المادة تتكون من ذرات حيث أن الهيدروجين هو أبسط ذرة والتى تحتوى على
بروتون واحد فى النواة وإلكترون واحد خارج النواة حيث أن عدد البروتونات الموجود
فى النواة يحدد هوية العنصر ( الرقم الذرى ) ( Z ) إنما عدد
البروتونات والنيوترونات الموجودة بالنواة يحددوا كتلة الذرة ( العدد الكتلى ) ( A ) حيث أن
عدد النيوترونات ممكن يختلف بالنسبة لذرات نفس العنصر وذلك الذى يجعل أغلب العناصر
فى الطبيعة ( النظائر ) حيث أن ( الكربون / 12 ) و ( الكربون / 14 ) هما نظائر
الكربون ( كربون / 12 ) به ( 6 بروتونات و 6 نيوترونات ) ولكن ( الكربون / 14 ) به
( 6 بروتونات ) و
( 8 نيوترونات ) حيث أن كل الذرات فى الطبيعة
ليست مستقرة مما يعنى أنها لا تستطيع الحفاظ على شكلها مدى الحياة لأنها تحتوى على
أنوية غير متوازنة مما يعنى أنها تحتوى على عدد كبير جدا أو قليل جدا من النيوترونات
مقارنة بالبروتونات وعندما يوجد ذرة غير مستقرة أو مشعة حيث أنها ستحلل لذرة
مختلفة عن طريق إنبعاث إشعاع يعيد توازن واستقرار الذرة والإشعاع الذى يحدث له ( 3
أنواع ) رئيسية :
1 ) إشعاع ألفا 2 ) إشعاع بيتا 3 ) إشعاع جاما
حيث أن استقرار الذرة يعتمد على نسبة
البروتونات للنيوترونات الموجودة فى نواتها ويوجد مجموعة من النسب تسمح للذرة بأن
تكون مستقرة ( نطاق الاستقرار ) أما الذرات التى تحتوى على عدد كبير جدا أو قليل
جدا من النيوترونات مقارنة بالبروتونات فهى ذرات تقع خارج ( نطاق الاستقرار ) (
ذرات غير مستقرة ) حيث نلاحظ أن العناصر الأثقل تميل إلى أن تكون غير مستقرة أكثر
من العناصر الخفيفة والسبب وراء استقرار الذرات وعدم استقرارها يرجع للقوى التى
تؤثر على النواة حيث توجد قوتين رئيسيتين تؤثر على أنوية الذرات :
1 ) القوة النووية القوية 2 ) القوة الكهرواستاتيكية
1 ) القوة النووية القوية : هى عبارة عن قوة
جاذبة تربط البروتونات والنيوترونات مع بعض داخل النواة وهى أقوى قوة من ( 4 قوى )
الأساسية للطبيعة ولكنها قصيرة المدى مما يعنى أنها تؤثر على الأنوية القريبة جدا
من بعض .
2 ) القوة الكهرواستاتيكية : فهى قوة تنافر
تنتج بسبب تشابه الشحنات والتى تدفع البروتونات الموجبة بعيدا عن بعض وهى أضعف من
القوة النووية القوية ولكنها تشتغل على مسافات أطول مما يعنى أنها تؤثر على كل
البروتونات بغض النظر عن بعدهم ولما يكون للذرة نسبة متوازنة من البروتونات
والنيوترونات حيث أن كل القوتين ( النووية القوية / الكهرواستاتيكية ) يلغوا بعض
حيث توجد نواة مستقرة ولكن عندما تكون الذرة عندها نسبة غير مستقرة من البروتونات
والنيوترونات وقتها القوتين لا يتساووا حيث يوجد نواة غير مستقرة حيث أن كل شىء فى
الطبيعة يميل للاستقرار لذلك يحدث ( الاضمحلال الإشعاعى ) للذرات لكى تستقر
والمسئول عن العملية هى ( القوة النووية الضعيفة ) والتى تسمح للبروتونات بالتحول
للنيوترونات والنيوترونات للبروتونات من خلال ( اضمحلال بيتا ) و ( الاضمحلال
الإشعاعى ) هو عملية عشوائية لا يمكن التنبؤ بها بالنسبة للذرات الفردية ولكن يمكن
وصفها احصائيا لأعداد كبيرة من الذرات ويتم قياس معدل ( الاضمحلال الإشعاعى ) (
بنصف العمر ) وهو الوقت الذى تستغرقه نصف عينات الذرات المشعة لكى تتحلل لذرة
مستقرة حيث يختلف نصف العمر باختلاف النظائر ويتراوح زمنه من أجزاء من الثانية إلى
مليارات السنين وواحدة من أكثر عمليات ( الاضمحلال الإشعاعى ) الأكثر اهتماما هى (
الالتقاط المزدوج للإلكترون ) وهذا يحدث عندما يلتقط اثنان من البروتونات الموجودة
بالنواة إلكترونان من الغلاف الذرى الأعمق فى نفس الوقت يذهبوا لكى يتحولوا
لبروتونان الفكرة أن فى خلال التحول يطلقوا كمية من جسيمات ( النيوترينو ) حيث أن
فى هذه العملية تتغير عدد البروتونات والنيوترونات فى النواة حيث أن هوية الذرة
كلها تتغير حيث أن الطريقة مهمة جدا ولأنها نادرة جدا ويصعب ملاحظتها لأنها تتطلب
اختلاف عدد فى الكتلة من الذرات الأم والذرات الجديدة غير أن الطريقة تنتج إشارات
منخفضة الطاقة ويصعب اكتشافها حيث أن واحدة من الذرات القليلة التى تخضع للالتقاط
المزدوج للالكترون هى ذرات عنصر
( الزينون / 124 ) وهو نظير مستقر للزينون
وتحتوى على ( 54 بروتون و 70 نيوترون ) ويتحلل ( الزينون / 124 ) إلى ( التليريوم
/ 124 ) عن طريق التقاط إلكترونان من غلافه ( K ) ( الغلاف
الأعمق ) إلا أن عملية الاضمحلال الإشعاعى لها احتمالية منخفضة جدا لأنه يقدر نصف
عمره ب ( 18 استليون سنة ) وهو رقم أكبر بتريليون مرة من عمر الكون كله ورغم ندرة
الاضمحلال الإشعاعى لصعوبة رصده ولكن فى سنة ( 2019 ) نشر فريق علمى بحث عن
تجاربهم داخل مختبر ( زينون 1 T ) بإيطاليا حيث أنه تحدث
الأنشطة بشكل مباشر بالتقاط الإلكترون المزدوج لذرة
( الزينون / 124 ) وهذا حدث فى المختبر الذى
يقع على عمق ( 3500 م ) تحت سطح الأرض والذى يعتبر اسطوانة كبيرة مليئة بالمياه
فائقة النقاء بداخلها اسطوانة مليئة ب ( 500 كجم ) من ( الزينون السائل ) حيث أن
التجربة لم يكن أساسها رصد الزينون واضمحلاله إنما كان الغرض الكشف عن المادة المظلمة
حيث تم مشاهدة أطول وأبطأ عملية وهذا يعتبر أندر حدث تم تسجيله فى تاريخ البشرية
لأن الاضمحلال الإشعاعى لذرة ( الزينون / 124 ) هى عملية تستغرق وقت طويل لأن هذا
النوع من ( الزينون ) له نصف عمر يقدر بأكثر من ( 1 تريليون مرة ) من العمر الحالى
للكون فكيف حدث هذا الحدث بالرغم من أنه أكبر من عمر الكون نفسه ؟ فنصف العمر هو
مقياس احتمالى وهو عبارة عن الزمن الذى يستغرقه اضمحلال نصف الذرات الموجودة
بالعينة ولكن الكاشف به ( 3500 كجم ) من ( الزينون ) والذى كان يحتوى على ما يقرب
( 17 مليار مليار مليار ذرة ) فيه ومن بين كل الذرات تحللت ذرة واحدة وتم اكتشافها
وهذا معناه أن نصف العمر هو مدة زمنية لتحلل نصف العينة الموجودة إنما الذى تحلل
فعليا هو ذرة واحدة من ضمن العدد الهائل من الذرات وعلى الرغم من عدم تصميم الكاشف
لمثل هذه المهمة إلا أنه يحدث له تحول لكى يتحول من
( الزينون 1 T ) ( للزينون
NT
) والذى سيحمل بداخله ( 8 أطنان ) إضافية من ( الزينون ) بحيث يمكن إجراء التجارب
عليه بشكل ونطاق أوسع فما الذى تم استفادته من هذه التجارب وما هى تطبيقاته
العملية وفائدته فى حياة البشر ؟ الحقيقة أن التحلل الإشعاعى له تطبيقات كثيرة فى العلوم
والتكنولوجيا كمعرفة عمر الحفريات والصخور وتوليد الطاقة النووية وتشخيص الأمراض
وعلاجها والكشف عن المتفجرات والممنوعات وتكوين عناصر جديدة حيث أن التحلل
الإشعاعى له بعض المخاطر على الكائنات الحية والبيئية كالتسبب فى الطفرات
والسرطانات والأمراض الإشعاعية والنفايات النووية .
س : هل التجارب الخطرة مطلوب تستمر لكى تنقل
العلم والتكنولوجيا لمنطقة أخرى ولا من الأفضل أن يتم ايقافها من أجل الأضرار التى
من الممكن أن تسببها ؟
أسامه ممدوح عبد الرازق مصطفى شرف
7 / 12 / 2023
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق