رحلة من بداية الخلق إلى نهاية الكون
إن الكون عالم هائل لا يمكن تصوره يتخلله ما
لا يقل عن ( 1.600 تريليون نجم ) حيث توجد لوحات من الضوء تخترق الظلام فعدد
النجوم فى الكون يفوق عدد حبات الرمل الموجودة على كل شواطىء الأرض وعلى الرغم من
العدد الهائل من الأجرام الكونية الضخمة إلا أنه يوجد مفارقة غريبة جدا فى الكون (
Universe
) حيث تعبش البشرية فى كون من الجزء المضىء الصغير التى تتخلل مساحات شاسعة من
الظلام والفراغ وكل جزبرة كوتبة من المادة المركزة ضئيلة الحجم أمام الحجم الكبير
للكون والأغرب أن الجزر الكونية ( المجرات / Galaxies ) متباعدة
جدا عن بعضها فكل نجم وعن طريق تقريب الصورة من حجمه الهائل إلى حجم الرمل الصغير
سنجد أن ما بين حبة الرمل والأخرى والتى
تمثل النجوم ( Stars ) فى الكون مسافة كبيرة جدا
وتقاس المسافات بين النجوم والمجرات فى الكون بالسنة الضوئية = ( 9 كم ) بالمسافة
الأرضية بين كل نجم والآخر وبين كل مجرة وأخرى فيوجد حجم هائل جدا فى المسافات
الكونية العملاقة حيث توجد نظريات معينة ومتعددة لنهاية الكون فكيف سينتهى الكون
الشاسع الهائل الحجم ؟ فعن طريق اقتراح ( 3 سيناريوهات ) لنهاية الكون الهائل
الحجم فما هو مصير الكون ؟ هل سيستمر فى التوسع للأبد ؟ ولا سيتقلص حجم الكون
وينهار على نفسه ؟ ولا سيتجمد الكون ويموت من البرودة ؟ فكيف يمكن معرفة مصير
الكون ؟ حيث لا يمكن رؤية المستقبل فالجواب مخفى ومتعلق بدراسة البشر للماضى
والحاضر والمستقبل المحتمل للكون باستخدام قوانين الفيزياء والرياضيات والفلك بفضل
التقدم التكنولوجى والعلمى حيث تمكن العلماء من تطوير نظريات ونماذج تشرح كيف بدأ
الكون ؟ وكيف تتطور ؟ وكيف سيتغير فى المستقبل ؟ فالنظريات والنماذج تعتمد على
معطيات وقياسات مهمة كسرعة توسع الكون وكثافته وطبيعة المادة والطاقة التى يحتويها
الكون حيث أن المعطيات والقياسات غير كافية وليست دقيقة بما يكفى لكى تعطى صورة
واضحة عن مصير الكون حيث يوجد الكثير من الغموض والتحديات التى تواجه العلماء فى
مجال علم الفلك ( Astronomy ) فما هى طبيعة المادة المظلمة
( Dark Matter ) والطاقة المظلمة ( Dark
Energy
) التى تشكل أغلبية كبيرة من محتوى الكون حيث توجد احتمالات مختلفة لسلوك الكون فى
المستقبل بحسب الظروف والعوامل المؤثرة فدراسة سيناريو مصير الكون هى دراسة صعبة
جدا وتحتاج لجهد علمى كبير وخيال إبداعى واسع فعن طريق الإنتقال فى رحلة عبر
الزمان والمكان لاستكشاف أسرار الكون وأسئلته المحيرة .
1 ) ما هو الكون ؟ وكيف يمكن دراسته
وقياسه ؟
إن الكون يشمل كل الفضاء والمادة والطاقة
التى يحتويها الفضاء الكونى الشاسع والعميق جدا حيث يشمل الزمان نفسه ولكن الأرض
والقمر هما جزء من الكون والكواكب والأقمار والنيازك والشهب والمذنبات والكويكبات
والشمس حيث أن الشمس هى واحد من ( 100 المليارات ) من النجوم فى مجرة ( الطريق
اللبنى ) والتى هى مجرة واحدة من بين مليارات المجرات فى الكون حيث أن المجرات
تتجمع فى مجموعات وعناقيد تشكل هياكل ضخمة ( الخلايا أو الأقسام ) وتحتوى على
فراغات كبيرة بينها .
2 ) كيف ندرس الكون ؟
فعن طريق دراسة الكون فلا بد من استخدام علم
الفلك وهو العلم الذى يبحث فى أصل وتطور وخصائص الأجرام والظواهر الفضائية
فباستخدام التلسكوبات سواء الأرضية أو الفضائية التى تساعد على رؤية وتضخيم النجوم
والمجرات والكواكب
( Planets ) سواء
كواكب المجموعة الشمسية أو الكواكب الموجودة خارج المجموعة الشمسية والبعيدة جدا
فى الكون عن كوكب الأرض حيث أن التلسكوبات الأرضية لا يمكن لها رؤية كل شىء فى
الكون حيث توجد كل من ( المادة المظلمة والطاقة المظلمة ) وهما غير مرئيتان حيث
يمكن استخدام الأشعة وهى أنواع ( الأشعة تحت الحمراء / الأشعة فوق البنفسجية / الضوء
المرئى / الأشعة السينية / أشعة جاما ) والأشعة هى موجات مختلفة من الأشعة
الكهرومغناطيسية التى تحمل المعلومات عن المصادر التى تنتجها والإشعاع أنواع :
1 ) الأشعة تحت الحمراء ( Infrared ) 2 ) الأشعة فوق البنفسجية ( Ultraviolet ) 3 ) الضوء المرئى ( Visible
Light
) 4 ) الأشعة السينية ( X
Rays
) 5 ) أشعة جاما ( Gamma
Rays
) 6 ) موجات الميكروويف .
3 ) كيف نقيس الكون ؟
يتم قياس الكون عن طريق لا بد من استخدام علم
( الفيزياء الفلكية ) وهو العلم الذى يبحث فى مبادىء وقوانين الطبيعة الفضائية
وكيفية تطبيقها على الظواهر الفضائية حيث تستخدم علم ( الفيزياء الفلكية ) حيث يتم
استخدام المعادلات وهى تعابير رياضية تصف العلاقات بين المتغيرات والثوابت .
4 ) ما هى بعض الأسئلة المطروحة عن الكون
؟
س 1 ) ما هو مصير الكون ؟ س 2 ) كيف بدأ الكون ؟ س 3 ) كيف تطور الكون ؟
5 ) ما هى النظرية الكونية القياسية ؟
فلمعرفة مصير الكون لا بد من معرفة بداية
الكون وكيف تطور الكون ؟ فعن طريق استخدام النظرية الكونية القياسية
( نموذج الثابت الكونى للمادة المظلمة
الباردة ) وهى أبسط نظرية تحاول شرح كيف بدأ الكون ؟ وكيف تطور ؟ وما الذى سيحدث للكون
فى المستقبل ؟ فالنظرية الكونية القياسية تعتمد على أساس نظرية ( الإنفجار العظيم
/ Big Bang
) حيث أن الكون نشأ من حالة من الطاقة الخاصة للكون قبل ( 13.8 مليار سنة ) وأنه
يتوسع باستمرار وبتسارع لانهائى واعتماد النظرية الكونية القياسية الرئيسى على
نظرية ( النسبية العامة ) التى تصف كيفية تأثير قوى الجاذبية على المادة والطاقة
والزمان والمكان فى الكون .
6 ) ما هى مكونات الكون ؟
إن النظرية الكونية القياسية تفترض أن الكون
يتألف من ( 3 مكونات ) رئيسية :
1 ) الثابت الكونى :
وهو رمز يستخدم للدلالة على الطاقة المظلمة (
Dark Energy ) وهى قوة غامضة تجعل الكون
يتوسع بشكل سريع حيث أن الطاقة المظلمة تشكل ( 68 % ) من كثافة طاقة الكون .
2 ) المادة المظلمة ( Dark
Matter
) :
وهى نوع من المادة لا تتفاعل مع الضوء ولا
تصدر ضوء ولا تمتص ضوء ولا يمكن رؤيتها بشكل مباشر فيمكن اكتشافها من خلال تأثيرها
على المادة المرئية من خلال قوة الجاذبية ويقدر أن المادة المظلمة تشكل ( 27 % )
من كثافة طاقة الكون .
3 ) المادة العادية ( Ordinary
Matter
) :
وهى المادة التى يمكن رؤيتها والإحساس بها
والتى تشكل الكواكب والنجوم والمجرات وغيرها من الأجرام الفضائية ويقدر أن المادة
العادية تشكل ( 5 % ) من طاقة مادة الكون .
7 ) كيف نصف بداية وتطور الكون ؟
إن النظرية الكونية القياسية تصف بداية وتطور
الكون بشكل موجز وبإختصار قبل ( 13.8 مليار سنة ) حيث كان الكون عبارة عن نقطة
صغيرة جدا تحمل كل المادة والطاقة فى حالة من الكثافة والحرارة الشديدة حالة (
الفترة المفرغة ) فالفيزياء الكلاسيكية لا تستطيع شرح ما حدث وقتها وفى لحظة معينة
بدأ الكون فى التمدد بشكل مفاجىء وسريع جدا فى عملية الانتفاخ العملية التى استمرت
لجزء من الثانية وجعلت الكون مسطحا فالكون ليس كوكب الأرض حيث أن التضخم أنشأ
نواتج أولية كالجسيمات والإشعاعات الأولية حيث بدأ الكون فى البرودة تدريجيا بسبب
توسعه وتوزيع الحرارة على مساحة أكبر حيث يسمح لبعض الجسيمات الأولية أنها تتحول للبروتونات
والنيوترونات والبوزيترونات والكواركات الموجودة داخل نواة الذرة ثم الإلكترونات
والتى تدور فى مدارات معينة حول نواة الذرة وكل عنصر من العناصر له فى ذراته عدد
معين من الإلكترونات والتى تحدد نوع المادة التى تتكون منها ( مرحلة عصر الحديد )
ثم انضمت البروتونات والنيوترونات مع بعض مكونة نواة الذرة الخفيفة كالهيدروجين /
الهليوم / اللبثيوم ( عصر التضامن ) ثم إختفت المادة وراء سحابة كثيفة من
الإشعاعات التى لا يستطيع الضوء اختراقها ( عصر الضباب ) و ( عصر الظلام ) وبعد (
300000 سنة ) إختفى الضباب حيث تحرك الضوء بحرية فى الفضاء ( عصر الإشعاع ) وهى
المرحلة التى تم فيها إنتاج الخلفية الكونية الميكروية وهى أقدم ضوء فى الكون
وأهم دليل على نظرية الإنفجار العظيم ( Big
Bang
) وبعد ( 400 مليون سنة ) حيث بدأت الذرات الخفيفة تتجمع مع بعض لتشكل النجوم
والمجرات وبدأت المادة المظلمة ( Dark Matter ) تشكل
هياكل كبيرة ( الخيوط المظلمة ) التى تربط المجرات ببعضها ( عصر المادة ) فى
المستقبل من المتوقع أن الكون سيستمر فى التوسع بشكل أسرع بسبب تأثير الطاقة
المظلمة
( Dark Energy ) مما يجعل
الكون يبرد وتتفرق وتتلاشى النجوم والمجرات والذرات ( عصر الطاقة المظلمة )
المرحلة التى يمكن أن تشهد نهاية الكون .
8 ) أهم المعطيات والقياسات المؤثرة على
مصير الكون :
هل سيستمر الكون فى التوسع ولا سيتقلص ولا
سيتغير لشكل مختلف عما هو عليه الآن فلمعرفة مصير الكون سوف نحتاج لقياس بعض
المعطيات والقياسات الأساسية التى تحدد خصائص الكون وتطوره .
9 ) ما هى المعطيات والقياسات الأساسية ؟
توجد ( 3 معطيات وقياسات أساسية ) تؤثر على
مصير الكون :
1 ) معدل التوسع :
وهو مقدار سرعة ابتعاد المجرات عن بعضها فى
الفضاء ويقاس معدل التوسع بثابت هابل وهو رقم يحدد سرعة ابتعاد المجرات عن الأرض
لكل وحدة من المسافة بين كوكب الأرض والمجرات كل واحدة منها على حدة فكلما كان
ثابت هابل أكبر كلما كان التوسع أسرع .
2 ) الكثافة :
هى مقدار كمية المادة والطاقة فى وحدة حجم
الفضاء حيث تؤثر الكثافة على قوة الجاذبية التى تجذب المادة والطاقة وتبطىء التوسع
وكلما كانت الكثافة أكبر كلما كانت الجاذبية أقوى .
3 ) الإنحناء :
وهو شكل الفضاء نفسه وهل هو مسطح أم منحنى ؟
فالإنحناء يؤثر على طريقة رؤية المجرات وكلما كان الإنحناء أكبر كلما كان الفضاء
أكثر تشوها .
10 ) كيف تؤثر المعطيات والقياسات على
مصير الكون ؟
كيف تؤثر المعطيات والقياسات على التنبؤ
بمصير الكون ونهايته الحتمية ؟ فالمعطيات تؤثر بشكل متفاوت حسب نظرية الانفجار
العظيم ( Big Bang
) المستخدمة لمعادلة ( فريدمان ) والمنشقة عن نظرية ( النسبية العامة / لآينشتين )
وتتنبأ بنهاية الكون ( Universe ) فى أكثر من سيناريو فعن طريق
استخدام المعادلة التى طورها ( فريدمان ) فهى تصف كيف يتغير معدل وتوسع الكون مع
مرور الزمن ؟ والتى تعتمد على قيمة ثابت هابل وإنحناء الزمكان والكثافة ووفقا
لمعادلة فريدمان توجد ( 3 سيناريوهات ) محتملة لمصير الكون :
1 ) التوسع الأبدى :
إن التوسع الأبدى يحدث إذا كانت الكثافة أقل
من الكثافة الحرجة وهى الكثافة التى تجعل الإنحناء مسطحا حيث سيستمر الكون فى
التوسع لما لا نهاية ولكن بمعدل يتناقص تدريجيا بسبب تأثير الجاذبية ( Gravity ) مما يعنى
أن المجرات / Galaxies ستبتعد عن بعضها البعض بشكل
مستمر ولكن بسرعة أقل ومع مرور الزمن يظهر عصر ( البرودة الكبرى ) أو التجمد
الكبير لأن الكون سيبرد تدريجيا مع التوسع حتى يصبح غير قادر على إنتاج أول احتفاظ
بأى شكل من أشكال الطاقة ( Energy ) .
2 ) الإنهيار الكبير :
إن الإنهيار الكبير يحدث إذا كانت الكثافة
أكبر من الكثافة الحرجة حيث ستتغلب قوة الجاذبية على قوة التوسع وتبدأ المادة
والطاقة ( Matter and Energy ) فى التقارب وتحوى بعضها
البعض مما يعنى أن المجرات ستقترب من بعضها البعض بشكل مستمر وستزداد سرعتها مع
مرور الزمن وفى النهاية سيكون كل شىء فى نقطة صغيرة جدا ذات كثافة وحرارة عالية
جدا تشبه حالة الكون قبل الإنفجار العظيم ( Big Bang ) .
3 ) الإنفجار المضاد :
إن الإنفجار المضاد قد يؤدى إلى إنفجار جديد
وولادة كون جديد .
11 ) التوسع المسرع أو التمزق الكبير :
إن التوسع المسرع أو التمزق الكبير يحدث
عندما يكون شكل من المادة له ضغط سالب قوى جدا كالطاقة المظلمة التى تبعد المادة
العادية عن بعضها وتوسعها بسرعة حيث سيستمر توسع الكون إلى ما لا نهاية بمعدل
يزداد تدريجيا بسبب تأثير الطاقة المظلمة مما يعنى أن المجرات ستبتعد عن بعضها
بشكل مستمر وستزداد سرعتها مع مرور الزمن وبما أن الطاقة المظلمة ممكن تكون قوية
جدا فى المستقبل مما يؤدى لتمزق النجوم والمجرات والكواكب والأقمار والكويكبات
والشهب والنيازك والمذنبات .
12 ) ما هى أحدث القياسات والنتائج ؟
أما بالنسبة لأحدث القياسات والنتائج
المتعلقة بمصير الكون من مشروعات وتجارب ومهمات فضائية مختلفة كالقمر الصناعى
( WMAP ) والذى
أطلقته ( ناسا ) سنة ( 2001 ) لقياس الخلفية الكونية الميكروية وهو أقدم ضوء فى
الكون والتى تحمل معها معلومات عن حالة الكون فى بدايته فالقمر الصناعى ( WMAP ) يستخدم
ثابت هابل والكثافة والإنحناء بدقة عالية حيث أظهر أن الكون مسطح ويحتوى على ( 4.6
% ) من المادة العادية و ( 24 % ) من المادة المظلمة و ( 71 % ) من الطاقة المظلمة
.
إن القمر الصناعى ( بلانك ) هو قمر صناعى
أطلقته وكالة الفضاء الأوروبية ( إيسا ) سنة ( 2009 ) لقياس الخلفية الكونية
الميكروية بدقة أعلى من القمر الصناعى التابع لناسا ( WMAP ) حيث قام
بقياس ثابت هابل والكثافة والإنحناء بدقة أعلى حيث أظهر أن الكون مسطح ويحتوى على
( 4.9 % ) من المادة العادية و ( 26.8 % ) من المادة المظلمة و ( 68.3 % ) من
الطاقة المظلمة فهل من الممكن معرفة مصير الكون ؟ هل يمكن التنبؤ بالذى سيحدث
للكون فى المستقبل ؟ وهل يمكن التأثير على الكون بطريقة ما ؟
أسامه ممدوح عبد الرازق مصطفى شرف
4 / 8 / 2023
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق