الثلاثاء، 22 فبراير 2022

الثوريوم وقود نووى آمن بديلا لليورانيوم

يتوافر الثوريوم كبقايا أكسدة للعناصر النادرة وفى الرمال السوداء والثوريوم عنصر كيميائى من عناصر الجدول الدورى لمندليف وله الرمز ( Th ) وعدده الذرى ( 90 ) ويتواجد بصورة طبيعية لأنه فلز له نشاط إشعاعى طفيف فإنه يعتبر من أنواع الوقود النووى البديلة لليورانيوم .

والثوريوم فلز يتصف بلون أبيض فضى فى حالة نقائه ويحافظ على لمعانه لشهور عديدة بينما إذا وجدت به شوائب أكسيدية فإن لمعانه يخبو فى الهواء ويصبح رماديا ويتحول لونه للأسود ولأكسيد الثوريوم ( ThO2 ) حيث أن درجة ذوبانه عالية جدا وعند تسخين الثوريوم فى الهواء عند درجة حرارة ( 3300 درجة مئوية ) فإن فلز الثوريوم بشتعل ويحترق بلهب أبيض .

 

استخدامات الثوريوم :

وللثوريوم العديد من الاستخدامات فيستعمل الثوريوم لعمل سبيكة مع المغنسيوم يكون لها مقاومة عالية لقوة الشد والزحف فى درجات الحرارة العالية كما يستخدم لتغطية أسلاك التنجستن المستخدمة فى الأجهزة الإلكترونية مما يحسن الانبعاث الإلكترونى للكاثود عند تسخينه .

وتستخدم تكنولوجيا تحديد العمر بواسطة ( اليورانيوم / الثوريوم ) لتحديد عمر الحفريات الآدمية وتستخدم كمادة خصبة لإنتاج الوقود النووى الآمن باستعمال الثوريوم فى مفاعل مضخم للطاقة بديلا لليورانيوم حيث يجب استخدام الثوريوم لأنه متوفر عن اليورانيوم كما أن بعض تصميمات المفاعلات النووية تأخذ مساهمة الثوريوم فى دورة وقودها النووى .

ويعتبر الثوريوم واقى أشعة قوى بالرغم من أنه لم يستخدم كواقى أشعة بطريقة فعلية كالرصاص أو اليورانيوم المستنفد ويمكن استخدام الثوريوم فى المفاعلات تحت الحرجة بدلا من اليورانيوم كوقود مما ينتج عنه كمية من النفايات أقل خطرا بكثير من اليورانيوم وغير قابل الثوريوم للذوبان .

ويتم استخدام ثانى أكسيد الثوريوم ( Tho2 ) كمصدر إنارة فى المصابيح الغازية المتنقلة حيث أن لها بريق ضوئى لا يعتمد على النشاط الإشعاعى عندما يتم تسخينها فى لهب غازى كما يتم استخدامه للتحكم فى حجم حبيبات التنجستن المستخدم فى المصابيح الكهربية كما يدخل الثوريوم فى صناعة البوتقات المعملية التى تتحمل درجات الحرارة العالية وعند إضافتها للزجاج ينتج زجاج له معامل انكسار عال وتشتت منخفض ويتم استخدام الزجاج الناتج فى تصنيع عدسات الكاميرات .

ويعتبر ثانى أكسيد الثوريوم من العوامل المحفزة والتى تدخل فى تحويل الأمونيا إلى حمض نيتريك وعمليات تكسير البترول وإنتاج حمض الكبريتيك .

وتم إكتشاف الثوريوم سنة ( 1828 ) بواسطة علم الكيمياء حيث تم عزل الثوريوم من عينة فلز سوداء اللون وجدت فى إحدى الجزر فى النرويج أما النشاط الإشعاعى للثوريوم فقد اكتشف سنة ( 1895 ) .

وفى سنة ( 1997 ) قامت وزارة الطاقة الأمريكية بتمويل بحوث فى مجال وقود الثوريوم حيث تم فى عام ( 1996 ) دراسات وبحوث من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية لدراسة إمكانية استخدام مفاعلات الثوريوم الآمنة حيث أن الثوريوم يعتبر وقود نووى آمن حيث يوجد الثوريوم بكميات ضئيلة فى معظم الصخور وأنواع التربة ولكنه يتواجد ( 3 مرات ) أكثر من اليورانيوم ويوجد بكمية تماثل الرصاص وتحتوى التربة بصفة عامة على ( 6 أجزاء فى المليون ) من الثوريوم فى المتوسط ويتواجد فى عدة معادن 1 ) المونازايت ويحتوى على ( 12 % ) من أكسيد الثوريوم والثوريوم كاليورانيوم والبلوتونيوم يمكن استخدامه كوقود فى المفاعلات النووية بالرغم من أنه لا ينشطر بمفرده إلا أن   نظير الثوريوم 232 يقوم بامتصاص النيترونات البطيئة لإنتاج اليورانيوم ( 232 و 232 يو ) والذى يحدث له انشطار ومثله مثل اليورانيوم

( 232 يو ) فإنه يورانيوم مخصب وبالترتيب طبقا للأهمية فإن ( 232 يو ) أفضل من النظيرين المستخدمين كوقود وهما

1 ) اليورانيوم ( 235 / 235 يو )   2 ) البلوتونيوم ( 239 / 239 بى يو ) بسبب إنتاجه العالى من النيترونات لكل نيترون ممتص ويوجد من معدن الثوريوم مخزون طبيعى فى العديد من دول العالم وتقدر نسبته ( 10 اس – 3 ) وزنا من القشرة الأرضية وببطء شديد يضمحل نظير الثوريوم ( 232 ) فقد يصل عمر النصف له ( 3 مرات ) كعمر الأرض فعمر الأرض ( 4.54 مليار سنة ) ولكن توجد نظائر أخرى للثوريوم تنتج من الاضمحلال التسلسلى لليورانيوم ومعظمها له فترة عمر نصف قليلة وتكون مشعة ولكنها ضئيلة عند مقارنتها مع ( الثوريوم 232 ) .

ويوصف الثوريوم بأنه وقود محتمل رائع ويعتقد أن عنصر ( الثوريوم ) يمكن أن يستخدم فى جيل جديد من مصانع الطاقة النووية حيث أن الثوريوم وقود نووى آمن لإنتاج طاقة آمنة نسبيا منخفضة الكربون وأكثر مقاومة لخطر المفاعلات النووية المعتمدة على اليورانيوم حيث أن المخزون العالمى الطبيعى للثوريوم مقدر بالطن فى دول العالم هى :

1 ) ( 360000 / الهند )  2 ) ( 300000 / استراليا )  3 ) ( 170000 / النرويج )  4 ) ( 160000 / أمريكا )

5 ) ( 100000 / كندا )  6 ) ( 35000 / جنوب افريقيا )  7 ) ( 16000 / البرازيل )  8 ) ( 95000 / الدول الأخرى ) ويعتقد توافر الثوريوم فى الطبيعة أكثر من اليورانيوم ب ( 3 : 4 أضعاف ) وغالبا ما يوجد المعدن الفضى الأبيض / الثوريوم كبقايا أكسدة من تعدين العناصر الأرضية النادرة حيث أن الثوريوم عنصر مشع وكذلك اليورانيوم عنصر مشع ولكن الفرق بين كل من الثوريوم واليورانيوم أن اليورانيوم عندما يستخدم كوقود نووى يكون انشطاريا أى أنه يخرج منه إشعاعات وعناصر مصاحبة كثيرة كما يخرج عنصر البلوتونيوم وعنصر البلوتونيوم يسبب مشاكل كثيرة أما الثوريوم فهو عنصر لاانشطارى حيث أن الثوريوم آمن جدا لو استخدم كوقود نووى فى المفاعلات .

فعن طريق الاهتمام بالثوريوم بديلا عن اليورانيوم لأن مشاكل الثوريوم البيئية محدودة جدا حيث أن المفاعلات التى تعمل بعنصر الثوريوم ( المفاعلات الخضراء الآمنة ) التى لا يتخلف منها نفايات مشعة كثيرة ولا يتخلف منها عنصر البلوتونيوم والذى يعد السبب الرئيسى فى المشاكل حيث اتجه العالم لاستخدام الثوريوم بديلا من اليورانيوم فى المفاعلات بالرغم أنه ما زال فى طور التجربة .

ومن أهم المميزات أن عنصر ( الثوريوم ) متوفر جدا فى مصر فى باطن الأرض فى الرمال السوداء والاحتياطى من الرمال السوداء يقدر بملايين الأطنان حيث أن نسبة الثوريوم الموجود فى الرمال السوداء التى تحتوى معدن / المونازيت

هو الذى يحمل عنصر ( الثوريوم ) وفى مصر يوجد ( 11 موقعا ) مليئا بالرمال السوداء .

وعن طريق إجراء دراسة جديدة على منطقة البرلس قدر نسبة الاحتياطى بها من الرمال السوداء المحتوية على الثوريوم حيث أنه يمكن استغلال المعادن الموجودة فى الرمال السوداء والمحتوية على ( الثوريوم ) ومنها معدن ( المونازيت ) المحتوى على ( الثوريوم ) كذلك ويلى معدن المونازيلت ) كل من ( اليورانيوم / الثوريوم ) وهو متوفر بكثرة بحيث أنه يغطى احتياجات المفاعلات التى تحتاجها مصر واليورانيوم موجود كذلك ولكن أمامه الكثير من الدراسات وبعد استخلاص الثوريوم يحتاج لعملية الإثراء والتخصيب .

ويتكون الثوريوم الطبيعى بالكامل من ( الثوريوم / 232 ) وهو نظير غير قابل على الانشطار نوويا ويتحول الثوريوم عند قذفه بالنيترونات عبر سلسلة من التحللات إلى ( يورانيوم / 233 ) وهو عنصر معمر وقابل للانشطار وتبلغ فترة منتصف عمره ( 160000 سنة ) كما أنه يوجد ناتج جانبى ( يورانيوم / 232 ) والذى يتحلل إلى نظائر أخرى تطلق أشعة جاما الكثيفة التى من الصعب إقامة حاجز يحتويها ومن الصعب التعامل مع الثوريوم المستهلك بطريقة نموذجية لذلك فهو صعب الانتشار .

وإن مسحوق فلز الثوريوم يشتعل تلقائيا فى الهواء ولذا يجب التعامل معاه بحرص شديد كما أنه يزيد معدل احتمال الإصابة بسرطان الرئة والبنكرياس والدم فعند التعرض لدخان الثوريوم كما أن تعرض الجسم من الداخل للثوريوم يؤدى إلى لزيادة معدل الإصابة بأمراض الكبد ولا يوجد لعنصر ( الثوريوم ) أى دور حيوى .

 

 

مزايا السلامة :

إن الطاقة النووية وخاصة طاقة الثوريوم تمثل أفضل طريقة لمحاربة التغير المناخى فعن طريق التوقف عن استخدام أصناف الوقود الكربونية حيث أن الثوريوم ليس سوى طريقة واحدة من طرق ممكنة عديدة لتحسين سلامة محطات الطاقة النووية كما أن مفاعلات الثوريوم تنطوى على تحديات فريدة لا بد من التغلب عليها قبل التوصل إلى أى تطبيقات عملية لها على أرض الواقع .

 

كيف يعمل مفاعل الثوريوم ؟

يوجد فى قلب مفاعل الثوريوم حجرة مملوءة بالثوريوم المذاب فى الملح المصهور كفلوريد الليثيوم فى ظروف حرارة تبلغ مئات الدرجات المئوية ولكن الثوريوم نفسه يكاد يكون غير مشع فتضاف إليه كمية قليلة من نظير اليورانيوم ( 235 ) لإطلاق شرارة التفاعلات النووية واليورانيوم ( 233 ) عنصر مشع كاليورانيوم ( 235 ) لذلك فهو ينشطر نوويا منتجا الحرارة والإلكترونات المصطدمة بذرات الثوريوم محولة إياها إلى ذرات يورانيوم ( 233 ) ومنتجة الحرارة خلال العملية ثم تنشطر ذرات اليورانيوم ( 233 ) بدورها منتجة المزيد من الإلكترونات حيث أنها عملية متواصلة من تحويل الثوريوم إلى يورانيوم ( 233 ) ثم حرقه وتوليد ذرات يورانيوم جديدة ويتم تبريد الوقود النووى خلال مروره عبر مبادل حرارى يحتوى على مزيد من الملح المصهور ويمكن استخدام الملح المسخن لإدارة التوربينات وتوليد الكهرباء دون استخدام الماء فى عملية التبريد حيث تنخفض مخاطر حدوث انفجارات فى المفاعل إلى حد بعيد .

حيث أن الانفجارات التى وقعت فى إحدى المحطات النووية نتجت عن تراكم البخار وتوليد الهيدروجين نتيجة لتفكك ذرات الماء كما أن من شأن استخدام وقود سائل أن يعمل على تقليص حجم النفايات المشعة ففى مفاعلات اليورانيوم التقليدية يتعين نزع قضبان الوقود الصلب من قلب المفاعل قبل فترة طويلة من اضمحلال نفاياتها المشعة وقبل أن يستهلك وقود اليورانيوم بالكامل لأن مستويات الإشعاع المفرطة تجعل قضبان الوقود تنتفخ وتتصدع مما يسمح بتسرب الإشعاعات وفى المقابل فإن الوقود فى المفاعل السائل لا يتأثر بالإشعاعات فمن الممكن الاستمرار فى استخدامه إلى أن يتم استهلاك جميع مكوناته المشعة أو تفككها إلى نفايات غير مشعة .

ومن المزايا لمفاعل الثوريوم أن الأملاح الفلوريدية غير قابلة للاشتعال بخلاف قضبان الوقود الصلب التى إذا اشتعلت يمكن أن تطلق ألسنة من الأدخنة المشعة لكن الصعوبة الأساسية فى استخدام الأملاح الفلوريدية هى أنها شديدة التآكل مما يحتم استخدام طريقة خاصة للمحافظة عليها كما أن قدرة مفاعلات الصوديوم السائل على استهلاك معظم فضلاتها المشعة تعنى الاستغناء عن استخدام مخازن آمنة لبعض المواد المشعة الأطول أمدا .

فعن طريق إجراء المزيد من أبحاث السلامة المستفيضة لإثبات جدوى التحول إلى مفاعلات الثوريوم على المدى الطويل حيث أن استخدام الثوريوم ليس طريقا لمستقبل نووى خال من مخاطر الانتشار النووى فما يزال ينبغى تعزيز سياسات استخدام الثوريوم فى الأنشطة النووية ولا بد من تغطية شديدة للأنشطة غير الظاهرة التى يدخلها عنصر الثوريوم حيث أن الثوريوم يعتبر هو الثروة القادمة للطاقة وأنه رخيص جدا ولكنه سيكون غاليا فى المستقبل .

 

 

د / محمد عبد الرحمن سلامه

تنقيح / أسامه ممدوح عبد الرازق مصطفى شرف

26 / 1 / 2022

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق