السبت، 5 ديسمبر 2015

إصدار الأشعة عالية الطاقة عبر الكون

إصدار الأشعة عالية الطاقة عبر الكون
إن الجسيمات الأكثر قوة أو طاقة فى الكون فطاقتها تتجاوز مئات مليارات مليارات الإلكترونفولط  فإن طاقة الجسيمات فى المسرعات أقل بعشرة ملايين مرة فإن السر الذى يحيط بطبيعة وأصل الأشعة الكونية عالية الطاقة يشكل أحد أكبر الألغاز فى الفيزياء الفلكية .
س : من أين تأتى الأشعة عالية الطاقة ؟ وما طبيعتها ؟ أهى بروتونات أم نوى ذرات ثقيلة أم جسيمات شاردة ؟ وكيف تصل لهذه الطاقات الفائقة ؟
ج  : تم بناء أوسع وأكبر مرصد فلكى فى العالم ( مرصد بييرأوجيه ) الذى بنى فى منطقة ألبامبا فى ( الأرجنتين ) ( 35 خط عرض / 65 خط طول غرب ) عند سفح سلسلة جبال الانديز ويشتمل المرصد على ( 1600 لاقط ) و ( 24 مرصد ) موزعة على مساحة ( 3000 كم2 ) وقد شاركت
( 17 دولة ) ممثلة بعدة مئات من العلماء والتكنولوجيين فى هذا المجمع الهائل من المراصد .
وأن الأشعة الكونية عالية الطاقة نادرة جدا بحيث يصل إلى سطح الأرض منها جسيم واحد كل قرن فى مساحة ( 1 كم2 ) ولا يتم رصدها بشكل مباشر فهى عندما تصل إلى سطح الغلاف الجوى للأرض تتفاعل معه بشدة وعنف وتنتج سلسلة من مليارات الجسيمات ( الحزم الكبيرة ) وعبر السلاسل من الجسيمات الثانوية التى تضرب الأرض ويأمل العلماء اكتشاف طبيعة ومصدر الشعاع الكونى ومصدر طاقته العالية .

ماهى الأشعة الكونية ؟
الأشعة الكونية عبارة عن نوى ذرية وجسيمات أولية ترتحل فى الفضاء بسرعات قريبة من سرعة الضوء ويقترب بعضها من الأرض بدرجة كافية بحيث يمكن اكتشافها بأجهزة وضعت على الأقمار الصناعية فى مدار حول الأرض أو فى تلسكوبات فضائية ويخترق بعضها الغلاف الجوى للأرض وتتصادم مع نوى اكسجين أو أزوت وتنتج سلاسل متتابعة من الجسيمات الثانوية التى يمكنها أن تصل إلى مستوى سطح البحر وتغوص عميقا فى التربة ( التكاثرات ) للأشعة الكونية فى الغلاف الجوى للأرض ( الحزم الكبيرة ) فإن الأشعة الكونية هى أشعة أولية وأخرى ثانوية .
الأشعة الأولية هى ما يصل إلى سطح الغلاف الجوى للأرض وعند اصطدامه بالغلاف الجوى يطلق سلسلة من التفاعلات مع ذراته مما يؤدى إلى ( سلسلة الأشعة الثانوية ) .
والأشعة الكونية الأولية هى العينة الوحيدة من المادة التى تصل للأرض من خارج المجموعة الشمسية وهى تتألف فى القسم الأعظم من نوى ذرية محملة بشحنة موجبة حيث إن النوى فقدت ما يحيط بها من الكترونات بسبب سرعاتها العالية جدا .
وتتمثل فيها جميع أنواع الذرات الكيميائية من الهيدروجين إلى اليورانيوم ولا تشكل الإلكترونات سوى ( 1 % ) من مجمل الأشعة الكونية أما البوزيترونات والبروتونات المضادة فهى أندر من الإلكترونات فيها .
إن أهم صفة تميز الأشعة الكونية الأولية هى الطاقة العالية جدا التى يمكن أن تحملها بشكل فردى فنواة ذرة الهيدروجين الواحدة يمكن أن تحمل معها نحو عدة مئات من مليارات مليارات
الإلكترونفولط أى نحو بضعة عشرات من الجول وهى طاقة تصبح على المستوى الجهارى ويمكن أن ترفع نحو عشرات ال ( كجم ) عدة أمتار فإن غالبية الأشعة الكونية الأولية التى تم رصدها كانت تحمل طاقة من بضعة مليارات من الإلكترونفولط لكنها تمثل مجموعة خاصة جدا فى الكون فإذا كان أقل من جسيم واحد من ( 10 ملايين ) جسيم فى سحابة ما بين نجمية هو جسيم أشعة كونية فإن الطاقة المتوسطة وفق الحجم لمجمل الأشعة الكونية تكون مساوية بشكل واضح لطاقة السحابة ما بين النجمية حيث أن مجموعة ضئيلة من الجسيمات تكون قد اكتسبت جزءا أساسيا من الطاقة المتوافرة فى الكون فإن دراسة الجسيمات أصبحت تشكل حجر الزاوية فى فيزياء الطاقات العالية .

اكتشاف الأشعة الكونية :
اكتشفت الأشعة الكونية فى عام ( 1912 ) حيث حلق الفيزيائى النمساوى ( فيكتورفرانزهس ) عن طريق منطاد على ارتفاع ( 5 كم ) واستنتج عند تجاوزه لارتفاع ( 1 كم ) أن الوريقات الرفيعة فى المكشاف الكهربائى ( إلكتروسكوب ) سجلت شحنة كهربائية كانت تزداد بشكل منتظم مع ارتفاع المنطاد واستنتج وجود إشعاع مؤين من أصل كونى وكررت تجاربه فى عام ( 1913 ) على يد أحد العلماء الذى مد القياسات حتى ارتفاع ( 9300 م ) وكان لا بد من انتظار الأعوام الممتدة بين
( 1927 / 1936 ) حيث اخترع عداد ( جيجر . مولر ) لكى يتم التعرف على طبيعة الاشعاع المؤين بدراسة تغيرات دفقه تبعا للارتفاع عن الأرض واتجاه وصول الإشعاع حيث تبين أن معظم الأشعة الكونية عبارة عن جسيمات مشحونة وليست فوتونات .
وفى عام ( 1938 ) أكتشف أحد العلماء الفرنسين ( الحزم الكبيرة / حزم الشعير الكبيرة ) فى الغلاف الجوى للأرض حيث استطاع أحد العلماء وضع عدة لواقط عند سفوح جبال الألب فالتقط بشكل متزامن وصول شعاع كونى عالى الطاقة حيث كانت أول حزمة من التفاعلات الناجمة عن اصطدام شعاع كونى بالغلاف الجوى للأرض حيث استطاعت مع تقدير الطاقة حيث سمح لهما بتأكيد وجود أشعة كونية أولية من رتبة ( 10 اس 15 إلكترونفولط ) وكانت الطاقة أعلى طاقة يتم تسجيلها لجسيم كونى وفى عام ( 1948 ) استطاع العلماء فى الولايات المتحدة الأمريكية
( U.S.A ) التعرف على نوى الهيدروجين ( البروتونات ) ونوى عناصر أثقل ذات طاقة تصل إلى نحو مليار إلكترونفولط باستخدام مستحلبات تصويرية نووية مرسلة لإرتفاعات عالية عن طريق مناطيد تصل إلى ( الستراتوسفير ) أما الطاقة ( 10 أس 20 إلكترونفولط ) فلم يتم تجاوزها إلا عام
( 1962 ) حيث سجل أول شعاع كونى عالى الطاقة فى لواقط شبكة نشرت فى ( نيومكسيكو ) بالولايات المتحدة الأمريكية ( U.S.A ) .
أما المركبات الأكثر ندرة للأشعة الكونية فقد تم اثباتها بعد عام ( 1962 ) فالنيوترينوات لم ترصد للمرة الأولى إلا فى ( 23 / 2 / 1987 ) عندما اجتازت الأرض مجموعة من النيترينوات مصدرها انفجار ( السوبرنوفا / SN1987A ) فى سحابة ماجلان الكبرى وهى ( مجرة تبعد عن الأرض مسافة 179000 سنة ضوئية ) قبل أن تلتقطها وتسجلها الكواشف الموجودة فى الولايات المتحدة الأمريكية ( U.S.A ) واليابان وقد بلغ تعداد الدفق عدة مليارات من الجسيمات فى ال ( سم2 ) وفى الثانية الواحدة واستمر عدة ثوان ( إن الدفق المستمر من النيترينوات الآتية من الشمس يكون مرتفعا أكثر نحو 6 مرات ) .


الأشعة الكونية فى المجموعة الشمسية :
إن الانسان عرف بفضل الله سبحانه وتعالى وبالأقمار الصناعية الفضائية وجود أشعة كونية فى الفضاء ما بين الكواكب إلى ما بعد مدار كوكب ( نبتون ) .
وقد تم اكتشاف مصادر محلية للأشعة الكونية فى المجموعة الشمسية فالشمس تصدر عواصف من الجسيمات ذات الطاقة العالية خلال بعض الثورانات فى الغلاف الشمسى بحيث يسمح الطابع الانتقالى بوصول الجسيمات إلى الأرض كما وطاقتها المنخفضة نسبيا تكون أقل من مليار
( إلكترونفولط ) بتميزها بسهولة عن الدفق شبه الثابت للأشعة الكونية الأتيه من خارج المجموعة الشمسية فقد تم اكتشاف مصدر محلى ثان للأشعة الكونية غنى جدا بالإلكترونات فى الغلاف المغناطيسى للمشترى وعلى مصدر ثالث إنما أقل كثافة فى الغلاف المغناطيسى للأرض .
إن الشفق القطبى عبارة عن تجل لهذا الاصدار من الأشعة وأحزمة إشعاع ( فان آلن ) أو تسارع بعض ذرات ثورانات البراكين كما على القمر ( إيو ) أحد أقمار المشترى فإن النسبة العظمى من الأشعة الكونية تأتى من أعماق مجرة ( درب التبانة / اللبانة ) .
أما الأشعة الأعلى طاقة فهى تأتى من خارج مجرة ( درب التبانة / اللبانة ) فمن الصعب أن نحصل على برهان أكيد ومباشر لأن الأشعة الكونية المشحونة كهربائيا لا تنفك بل تنقسم وتتفرع بسبب عدم انتظامات الحقل المغناطيسى ما بين النجوم بحيث لا نستطيع تتبع اتجاه مصادرها .

أصل وتشكيل الأشعة الكونية :
إن الأشعة الكونية قد صدرت عن ( فريتززويكى ) عام ( 1938 ) وإن السوبرنوفا تنتج الأشعة الكونية بتسريعها للمادة المنتجة كنجوم عبر التمدد السريع جدا لغلافها وكانت النظرية مرضية على المستوى الطاقى وظلت مقبولة حتى عام ( 1985 ) أما اليوم فنعلم أن الغزارة النسبية لمختلف الأنواع الكيميائية فى مصادر الأشعة الكونية ( التركيب الأولى ) تختلف بشكل جذرى عن التركيب الأولى للمادة التى تم تركيبها عن طريق ( السوبرنوفا ) والتى انقذفت إلى الفضاء بسبب انفجارها وإن كانت بعض النجوم التى تثور أو تطلق انقذافات هائلة من الطاقة يمكن أن تكون مصدر جزء من الأشعة الكونية لكن الانسانية ما زالت تجهل مصدر أو مصادر الجزء الأكبر من الأشعة الكونية عالية الطاقة .
س : كيف تكتسب الأشعة الكونية طاقتها العالية ؟
ج  : فى عام ( 1966 ) عندما بين أن موجة الصدم الناتجة عن انفجار ( سوبرنوفا ) يمكن من خلال ضغطها بعنف للحقل المغناطيسى ما بين النجمى الطاقة لبعض الجسيمات وبعد ( 10 سنوات ) تم الجمع بين النظرية وأخرى قد طرحت عن طريق ( إنريكوفيرمى ) منذ عام ( 1948 ) ووفقها يمكن للأشعة الكونية أن تكتسب الطاقة بارتدادها على السحب ما بين النجمية وهى فى حركة دائمة
فإن النظرية الحديثة تخبرنا بأن الجسيمات التى تصبح أشعة كونية ترتد على تموجات الحقل المغناطيسى ما بين النجمى من على طرفى موجة الصدم ففى اللحظة التى تغلف فيها موجة الصدم القادمة من ( سوبرنوفا ) نجما ثورانيا يطلق الجسيمات المنخفضة الطاقة إنما تكتسب الجسيمات التسارع بفضل الله تعالى حتى تصل طاقتها إلى نحو ( 10 أس 14 إلكترونفولط ) فلا بد من آلية أكثر فعالية لتفسير الطاقات الأعلى والتى لوحظت حتى حدود ( 10 أس 20 إلكترونفولط ) .
س : هل يختلف تركيب الأشعة الكونية عند مصدرها عن تركيب المادة المحلية ؟
ج : إن تركيب الأشعة الكونية الواصلة إلى جوار الأرض تختلف كثيرا عن التركيب الذى كان لها فى بداية انطلاقها قرب مصدرها .
وفى الواقع فإن الأشعة عندما تصادف ذرات فى الوسط ما بين النجمى فإنها يمكن أن تنشرخ فإنها تغتنى بنوى ذات رقم ذرى ( Z ) أضعف أى بنوى تشتمل على عدد أقل من البروتونات فإن الدوتريوم والهليوم 3 والليثيوم والبيريليوم وبشكل أعم العناصر ذات الرقم الذرى الفردى لتكون عناصر أغزر بكثير قرب الأرض منها قرب مصادر الأشعة الكونية .
وعندما نعرف غزارة العناصر قرب الأرض نستنتج فى إطار نموذج لانتشار الأشعة الكونية فى مجرة ( درب التبانة / اللبانة ) كمية المادة التى تكون قد اجتازتها الأشعة الكونية بين مصدرها والأرض وهى تقدر بنحو ( 70 كجم / م2 ) .
إن التركيب الأولى للأشعة الكونية عند المصدر يذكرنا بتركيب المادة المجرية المحلية وهو تركيب يقاس فى النيازك والشهب ويفترض أنه يصف تركيب الغيمة الغازية التى تشكلت منها المجموعة الشمسية منذ ( 4.6 مليارات سنة ) فإن بعض العناصر الثقيلة ( الكربون / الآزوت / الأكسجين / النيون ) أقل وفرة فى الأشعة الكونية بمعدل ( 3 : 6 مرات ) وهذا المعدل يصل إلى ( 50 مرة ) بالنسبة للهيدروجين وإلى ( 20 مرة ) بالنسبة للهليوم وهذا الاختلاف الكبير يظل غير مفسر .
س : لماذا يكون الهيدروجين والهليوم الغزيران جدا فى المجرة ( درب التبانة / اللبانة ) أقل
ب ( 50 ضعف ) و ( 20 ضعف ) فى الأشعة الكونية منهما فى المادة المجرية المحلية عن طريق الدراسات بآليات تسارع الأشعة الكونية .
إن نسبة غزارة كل عنصر عند مصدر الأشعة الكونية وفى المادة المجرية المحلية ينتظم تبعا لأول كمون من تأين العناصر فالعناصر ذات كمون التأين الأول المرتفع هى أقل وفرة من معامل يتراوح بين ( 3 : 6 % ) نسبة إلى العناصر التى يكون من الأسهل تأينها .
أما نوعيا فإن عدم الترابط يوحى بأن الأشعة الكونية تكون قد تسارعت ابتداء من غاز تصل درجة حرارته إلى نحو ( 10000 كالفن ) .
إن بعض العناصر الماثلة فى المجموعة الشمسية ( البريليوم ) لا تتشكل فى النجوم بل تنتج من خلال التفاعلات النووية للأشعة الكونية مع الوسط ما بين النجمى خلال مليارات السنين فهل تلعب النجوم الثورانية دور الحاقنات فى تسارع الأشعة الكونية ؟ وبما أن تركيب الجسيمات المسرعة أثناء الثورانات فى الغلاف الجوى الشمسى يكون مختلفا جدا تبعا للزمن والطاقة فنعتمد تركيب متوسط على عدد كبير من الثورانات الشمسية وينتظم التركيب المتوسط تبعا لكمون التأين الأول للعناصر بشكل مشابه جدا لتركيب الأشعة الكونية .
إن الفرق الوحيد الذى يؤخذ بعين الاعتبار هو ( تركيب الكربون ) وهو أوفر فى مصادر الأشعة الكونية بمقدار الضعف أو ثلاثة أضعاف .
فالتفسير المعقول سيكون بأن الجسيمات المسرعة بواسطة الشمس تعكس تركيب الوسط الذى أتت منه أى الهالة الشمسية فهذه الهالة تغذيها ظاهرة انتقاء بين الذرات الحيادية والذرات التى تأينت على السطح البينى للغلاف الجوى الشمسى والهالة الشمسية حيث ترتفع درجة الحرارة بشكل عنيف من ( 8000 : مليون درجة ) وهكذا فإن الارتباط مع كمون التأين الأول فى الأشعة الكونية يمكن أن ينتج من حقن جسيمات مسرعة فى مسرع الأشعة الكونية بواسطة النجوم الثورانية المشابهة للشمس .
وفى عام ( 1966 ) كانت الأشعة الكونية موضوع تنبؤ نظرى مهم جدا فوجود خلفية إشعاعية كونية هى ميراث الإشعاع الصادر عن الكون بعد نحو ( 380000 سنة ) من الانفجار الكبير وقد أثبت قبل نحو سنة .
إن الأشعة الكونية يجب أن تتفاعل بالضرورة مع فوتونات الخلفية الإشعاعية ومثل هذا التفاعل يجب أن يقلص بشكل كبير من طاقتها فإن الأشعة الكونية التى تسافر على مسافات ما بين مجرية لا يجب أن تتجاوز طاقتها ( 60 × 10 أس 18 إلكترونفولط ) وهى تعرف ب ( GZK ) فإذا كان التنبؤ صحيح فإن جسيما يصل الأرض بطاقة أعلى لا بد أن يكون أتيا من منطقة قريبة نسبيا أى تقع على مسافة أقل من ( 500 مليون سنة ضوئية ) .
وعندما تم إعلان التنبؤ لم تكن هناك إمكانية تجريبية لاختباره بشكل موثوق واستمر حتى مطلع التسعينات من ق ( 20 ) ففى منتصف التسعينات أجريت تجربتان مختلفتان فى مبدأيهما .
1 ) عين الذبابة فى الولايات المتحدة الأمريكية ( U.S.A ) .
2 ) أغاسا فى اليابان استطاعتا تحقيق الاختبار لكن المفاجأة كانت أن نتائجهما جاءت متناقضة فالتجربة الأمريكية لم تسجل سوى بضعة أحداث لأشعة تجاوزت طاقتها ( 100 × 10 أس 18 ) إلكترونفولط وكان بينها رقم قياسى تجاوز ( 300 × 10 أس 18 إلكترونفولط ) الأمر الذى كان متوافقا مع حد ( GZK ) حيث أخذ بعين الاعتبار أن المصادر القادرة على تسريع الجسيمات لهذه الطاقة .
بدأ طيف الأشعة الكونية وفق تجربة ( أغاسا / اليابان ) أنه يمتد دون تغير ملحوظ بما يتعلق بالطاقات العالية جدا .

مرصد على مساحة ( 3000 كم2 ) :
توجد عدة نقاط خلاف بين التجربتين فالتجربة اليابانية كانت ترصد عدة تراكمات لشعاعين أو ثلاثة أشعة كونية بطاقة ( 40 × 10 أس 18 إلكترونفولط ) مصدرها الاتجاه نفسه فى حين أن التجربة الأمريكية بعيدة جدا عن المنحى الرصدى لكن التجربتين كانتا تلتقيان حول نقطة واحدة وهى أنه لا يوجد أى مصدر فيزيائى فلكى قريب من مجرة ( درب التبانة / اللبانة ) مرصود باتجاه وصول الأشعة ومع الكشف عن نحو ( 10 أحداث ) فوق ( 100 × 10 أس 18 إلكترونفولط ) .
فقد ظلت الاجابة على تساؤلات طبيعة ومصدر الأشعة الكونية ضئيل جدا وكان لا بد من زيادة كبيرة فى القياسات وتوفير تجهيزات أكثر امتدادا لكى تعطى الأمل فى امكانية التخلص من التناقضات .
فى عام ( 1992 ) تم انشاء مرصد ( أوجيه ) الكبير وفى عام ( 1993 ) تم تصميم النموذج المزدوج الذى يدمج بين تكنولوجيتين الكشف عن الأشعة الكونية فى كل من تجربتى عين الذبابة الأمريكية و ( أغاسا ) اليابانية ضمن نفس اللاقط .
وفى عام ( 1995 ) قدمت دراسة من ( 250 صفحة ) الأهداف الدقيقة العلمية والخيارات التكنولوجية لبناء المرصد وتصف الدراسة مرصدا مؤلفا من جهازين تجريبيين شبكة من
( 1600 لاقط ) من نوع ( شرنكوف ) موزعة على مساحات مثلثية طول ضلعها ( 1.5 كم ) وتغطى مساحة تصل إلى ( 3000 كم2 ) وهذا النشر للواقط ضرورى لرفع فرص تسجيل الجسيمات من الحزمة نفسها إلى الحد الأقصى بحيث تتوزع الفرص على مساحات كبيرة جدا ويمكن الرجوع بالرصد إلى الشعاع الكونى الذى حرض الحزمة كما اشتملت على بناء ( 24 تلسكوب ) ذا حساسات استشعاعية بحيث توضع على ( 4 مواقع ) فى التوزيع المثلثى والتى تتميز بأن قياساتها  
أكثر دقة وتسمح بمعايرة مجمل القياسات بشكل أفضل فإن قياس الظاهرة بواسطة جهازين مختلفين كثر





  
يساعد بشكل أفضل على فهم الانحرافات التجريبية المحتملة .
إن اضاءات ( شرنكوف ) أو ( أسر حزم ضوء شرنكوف ) تنتج فى هذا المرصد فى أحواض بلاستيكية ارتفاعها ( 1.2 م ) وعرضها ( 3 م ) وهى مملوءة بالماء النقى وتنتج الجسيمات الناجمة عن حزمة التفاعلات الناجمة عن الأشعة الكونية فى الغلاف الجوى للأرض عند تماسها مع الماء شعاعا ضوئيا ( شعاع شرنكوف ) وهذا الشعاع ضعيف جدا ويتم كشفه بواسطة ( 3 ) مضخمات ضوئية عبارة عن أنبوب مهبطى يعمل بشكل معاكس حيث يحول الضوء إلى كهرباء وعندها يتم تأريخ الاشارة الكهربائية بواسطة ساعة تزامنية مضبوطة على الساعة الذرية الخاصة بتحديد المواقع عن بعد ( GPS ) بدقة تصل إلى عشر الجزء من المليار من الثانية وفى كل ثانية تجتاز آلاف الجسيمات الأحواض البلاستيكية وتترك أثر صغير فيها وتحفظ منها محليا فى المرصد
وهذه التسجيلات المستمرة التى تعد أكبر عدد من الجسيمات ويتم اختيار ال ( 20 ) الأكثر أهمية من بينها وترسل إلى الجهاز المركزى الواقع على بعد عدة عشرات من ال ( كم ) وبعد تحليل ومقارنة النتائج بالتسجيلات الأخرى التى تتم فى نفس اللحظة على شبكة الانترنت حيث يطلب النظام المركزى التسجيل الكامل المسجل فى الأحواض البلاستيكية وهذه المركزية فى مقارنة النتائج هى التى تسمح باكتشاف الروابط بين توزيعات الجسيمات عبر الغلاف الجوى للأرض على مسافات واسعة فى شبكة الانترنت وإعادة بناء حزم الجسيمات الناتجة عن التفاعل الأساسى لاصطدام الشعاع الكونى بالغلاف الجوى للأرض .
أما التلسكوبات الشعاعية هى أجهزة بصرية عالية الحساسية تسمح بالكشف على بعد أكثر من
( 40 كم ) عن مصباح لا يتعدى ضوءه بضع عشرات من الواط ويجتاز السماء بسرعة الضوء والتشعع هو اصدار ضوئى تحرضه أشكال مختلفة غير الحرارة .
وعن طريق الضوء البارد عند حصول حزمة التفاعلات فى الغلاف الجوى للأرض يتم تأيين ذرات الآزوت ويؤدى انتهاء تهيجها إلى اطلاق ضوء مشعع تكشفه تلسكوبات المرصد الحساسة وهذه الأجهزة لا يمكن أن تعمل فى النهار ولا حتى عندما يكون القمر مرئيا فإن التلسكوبات لا تستقبل على الرغم من عمل شبكة الانترنت ( 24 ساعة ) دون توقف سوى معطيات لا تتعدى ( 10 % ) من زمن عمل المرصد ككل وبالمقابل تقدم للانسانية منفذا مباشرا أكثر إلى طاقة الجسيم ولا يمكن الاستغناء عنها فى تحديد مجمل عملية الكشف عن الأشعة الكونية عالية الطاقة .




مرصد أوجيه واقعى :
إن كيفية تحويل مشروع ( مرصد أوجيه ) بحيث يكون واقعا إلى بناء على الأرض فيجب أساسا تحقيق المعايير التى يتطلبها المشروع والتى تكون متناقضة أحيانا فتغطية أكبر مساحة ممكنة دون أن تكون التكاليف عالية وايجاد موقع مكشوف فى الهواء الطلق ومرتفع وبعيد عن التلوث فيمكن الوصول إليه بسهولة ولابد أن يكون الموقع مهيأ بالبنى التحتية وإلى اقتناع المجتمع العلمى الدولى لما يتضمنه من جانب تجريبى .
وفى عام ( 1995 ) بدأ علماء الفيزياء الفلكية عن رحلة البحث عن الموقع الأمثل وقد تم اختيار الأرجنتين لاستقبال المرصد خلال اجتماع تأسيسى عقد فى ( اليونسكو ) فى ( باريس / فرنسا ) وفى نهاية عام ( 1996 ) تم تقديم الملف النهائى للممولين .

تسجيل ( 27 ) حدث :
بعد ( 3 سنوات ) تم تأمين معظم التمويل وبدأ بناء المرصد وبعد ( 4 سنوات ) من بدء التشغيل والاختبارات وتثبيت النماذج الأساسية للرصد أصبحت ما يقارب ( 100 ) من أحواض اللواقط جاهزة للاستخدام وسجل المرصد أول معطياته القابلة للدراسة فى مطلع عام ( 2004 ) وتحول حلم بناء المرصد بعد ( 10 سنوات ) إلى واقع وبدأت الجهود تنال مكافأتها .
ففى يوليو من عام ( 2005 ) بينت التحليلات الأولية لأول المعطيات الرصدية التى قدمت فى المؤتمر الدولى حول الأشعة الكونية فى ( بونه / الهند ) أهمية ما بدأ مرصد ( أوجيه ) فى تقديمه للعلماء وأصبح أكثر وضوحا مع إيقاع الاكتشافات المتوالية التى كانت أكثر ب ( 30 مرة ) من التجارب السابقة .
وفى نوفمبر عام ( 2007 ) كان إنشاء شبكة المساحة لا يزال قيد الإنشاء وكانت المعطيات المتراكمة قد أصبحت كافية لنشر نتائج مهمة حول الأشعة الكونية فى المجلة العلمية .
كان المرصد قد اكتشف ( 27 حدث ) لطاقة أشعة كونية أعلى من ( 60 × 10 أس 18 إلكترونفولط ) أى طاقات تتجاوز حد ( GZK ) وقادت المعطيات إضافة إلى تسجيل آلاف التسجيلات من الأشعة الكونية ذات الطاقة الأقل إنما الأعلى من ( 3 × 10 أس 18 إلكترونفولط ) إلى ملاحظات جوهرية فبالدرجة الأولى لاحظ العلماء أن ال ( 27 حدث ) من الطاقات العالية ليست موزعة بشكل عشوائى على السماء حيث توجد بالنسبة ل ( 20 منها ) وضمن شعاع لا يتجاوز
( 3 درجات ) زاوية حول اتجاه وصولها إلى مجرة نشطة تقع على مسافة أقل من ( 300 مليون ) سنة ضوئية عن الأرض وهو ما يوافق على مستوى الكون مسافة صغيرة والمجرة النشطة هى مجرة تملك نواة مركزية فائقة اللمعان وبالتحدث عن نواة نشطة للمجرة غير أن الأجسام هى مصادر مستقرة للضوء ومن أكثر الأجسام شدة فى إصدار الطاقة فى الكون كما أنها مركز لظاهرات تحدث فيها انطلاقات لطاقات هائلة .
ولهذا الاكتشاف نتائج فهو يبين بداية أن أصل الأشعة الكونية العالية الطاقة يقع على الرغم من قربه من الأرض خارج مجرة ( درب التبانة / اللبانة ) فإنه يدعم إحدى الفرضيات المقدمة فيما يتعلق بالآلية التى تحصل فيها الأشعة الكونية على طاقتها وهى الآلية التى توافق فيها الأشعة الكونية جسيمات مشحونة وفى حالة راحة مسرعة بواسطة الحقول الكهربية والمغناطيسية الهائلة المحيطة ببعض الأجسام أو الظواهر الفيزيائية الفلكية كالثقوب السوداء مبتلعة المجرات أو النجوم الفتية النيوترونية أو تصادمات المجرات فإن الجسيمات تكون على الأغلب بروتونات أو نوى ذرية جديدة وإن معظم الأشعة الكونية ذات الطاقة العالية تنتج من مصادر فيزيائية فلكية قريبة نسبيا وهى على الأرجح مجرات نشطة أو على الأقل من أجسام لها توزع مشابه فى السماء فإن شعاعا زاويا من ( 3 درجات ) هو فى الحقيقة مساحة واسعة جدا على السماء فإن قطر القمر البدر لا يتعدى نصف درجة زاوية فالعديد من الأجسام يمكن أن توجد ضمن المساحة ولا يكفى فى الحقيقة قرب المجرات النشطة لاعتبارها المصادر المؤكدة للأشعة الكونية .

خاتمة :
 إن قياس دفق الأشعة الكونية تبعا للطاقة إضاءة جديدة للعلماء فقد أظهر وجود انخفاض مفاجىء إلى ما بعد ( 60 × 10 أس 18 إلكترونفولط ) فى دفق الأشعة وهو أمر يتوافق مع حد ( GZK )
وقبل تدشين المرصد كانت المجموعة الأولى من أحداث وصول الأشعة الكونية عالية الطاقة إلى الغلاف الجوى الأرضى التى رصدت فيه وقد بدأت بالبحث عن أصل الجسيمات بل قدمت أول الأرصاد حول حد ( GZK ) .
فإن نافذة جديدة على الكون بدأت تتفتح أمام العلماء فعلى غرار الضوء فى مجال علم الفلك الكلاسيكى يمكن للأشعة الكونية عالية الطاقة أن تشكل رسلا جديدة لعلم فلك جديد فإن بناء مرصد أكبر من مرصد ( أوجيه ) فى نصف الأرض الشمالى ليغطى مجمل السماء وتوسعة مرصد
( أوجيه ) فى الجنوب لمضاعفة عدد الأحداث التى يتم كشفها ويمكن أن يساعد العلماء على فهم أفضل للأشعة الكونية عالية الطاقة ومصادرها وطبيعتها وفهم أفضل للكون البعيد .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق