الجمعة، 2 ديسمبر 2016

تبسيط نظرية الكم

تبسيط نظرية الكم
توفر فيزياء الكم قاعدة صلبة لعلوم ( ق / 20 ) وهى نظرية ذات أهمية عملية تفوق الأهمية العملية لنظرية النسبية العامة وتشكل قاعدة دعم سواء للكيمياء أم البيولوجيا الجزيئية ولكن فيزياء الكم تستند لمفهوم غريب غير مفهوم .
فيزياء الكم عبارة عن نظرية عملية ذات تطبيقات عديدة تمس الحياة اليومية عن قرب وهى تكمن وراء التطورات الحديثة فى الكمبيوترات والاتصالات والهندسة الوراثية فيوجد فى قلب فيزياء الكم مجموعة من المفاهيم التى تبلغ من الشذوذ حدا يستحيل معه فهمها عن طريق الكلمات المستعملة يوميا .
وإن ميكانيكا الكم يتعامل مع الفرصة والاحتمال وعدم اليقين ومع عالم تكون الجسيمات فيه عبارة عن موجات والموجات عبارة عن جسيمات دون ذرية حيث يغير فعل مراقبة نظام ما وإن غموض نظرية الكم لا بد من محاولة لفهمها .
فى بداية ( ق / 20 ) اتضح لبلانك أنه يمكن تفسير طبيعة طيف الاشعاع الذى يبثه جسم حار
( منحنى الجسم الأسود ) إذا ما اعتبر الاشعاع مؤلفا من وحدات صغيرة أو جسيمات كما تتألف المادة من ذرات والوحدات ( كموما ) جمع كم .
إن للإشعاع المنطلق من جسم حار شكل جسم أسود مميز دوما يكون فيه قليل جدا من الإشعاع طويل الموجات وقليل جدا من الاشعاع قصير الموجات مع ذروة فى الكثافة الاشعاعية فى نقطة ما بينهما وتنتقل الذروة باتجاه أطوال الموجات الأقصر عندما يصبح الجسم أكثر سخونة من الأشعة تحت الحمراء إلى الحمراء فالزرقاء فما فوق البنفسجية وهكذا .
وكانت نظرية الموجات الكلاسيكية التى عاملت الموجات الكهرومغناطيسية بنفس الطريقة التى يمكن بها معاملة اهتزازات وتر الكمان وقد تنبأ فيزيائيو ( ق / 19 ) بأنه لا بد من وجود كمية هائلة من الاشعاعات التى تبث على موجات قصيرة جدا أى فوق البنفسجية واستنادا للنظرية الكلاسيكية فإن الطاقة التى تبث على أية موجة تتناسب طردا مع التردد وعكسا مع طول الموجه فعندما يتجه طول الموجة إلى قيمة ( 0 ) تميل الطاقة إلى ما لا نهاية ( الكارثة فوق البنفسجية )
وقد حلت الكارثة فوق البنفسجية من خلال مقولة ( بلانك ) بأنه لا يمكن لاشعاع كالضوء أن يبث إلا فى رزم أكبر من حجم معين وبدلا من انتشار الطاقة المتوافرة بشكل مستمر لأنها مؤلفة من عدد لا متناه من الفوتونات ) ولقد وصفت نظرية بلانك الجديدة احصائيات الطاقة الكهرومغناطيسية على أنها مقسمة لعدد محدد من الفوتونات ويتطابق الوصف الاحصائى مع منحنى الجسم الأسود الملاحظ وإن الطاقة ( E ) لكل فوتون من الاشعاع ترتبط بتردده ت ( F ) بموجب المعادلة :
( ط  =  ث ت ) حيث ( ث / H ) ( ثابت بلانك ) .
فكيف يمكن لثابت بلانك أن يحل ( الكارثة فوق البنفسجية ) فالطاقة اللازمة لبث كم واحد من الاشعاع فى الترددات العالية جدا تكون كبيرة لأن التردد كبير ولا تمتلك كل الطاقة إلا ما صدر بث قليل أما فى الترددات المنخفضة جدا فيوجد الكثير من الإلكترونات التى تمتلك ما يكفى من الطاقة لبث الكموم الملائمة المنخفضة الطاقة ولكن كلا من الكموم يحمل القليل من الطاقة التى لن تصل إلى الكثير حتى ولو جمعت معا وفى منتصف منحنى الجسم الأسود حيث يوجد عدد معتدل من الإلكترونات التى لكل منها ما يكفى من الطاقة لبث كموم كثيرة باعتدال تكون ذروة إشعاع .

كميات محددة من الطاقة :
تفسر الاحصائيات المفصلة تفسيرا تاما ونظرا لاعتقاد الفيزيائيين فى مطلع ( ق / 20 ) أن الإشعاع الكهرومغناطيسى عبارة عن ظاهرة موجات وإن ( التكمية ) على علاقة ببنية الذرات وليس بطبيعة الموجات الكهرومغناطيسية وإن الذرات لا تبث إلا كميات معينة من الإشعاع على رغم وجود كميات بينية متوسطة .
وكان لنظرية الكم أن تساهم فى فهم بنية الذرات فالذرة تتألف من نواة مشحونة ايجابيا محاطة بسحابه من الإلكترونات المشحونة سلبا ولأن الشحنات المتعاكسة تتجاذب فلماذا لا تسقط الإلكترونات السلبية على النواة الايجابية ؟
فلو سقطت الإلكترونات لتابعت بث الطاقة باستمرار أما استنادا لنظرية الكم فإنه لا يمكن للإلكترونات أن تشغل إلا مستويات طاقة معينة محددة بدقة حول النواة ويمكن للإلكترون أن يقفز من مستوى طاقة أعلى إلى مستوى طاقة أدنى والعكس وأن يبث أو يمتص الكم المناسب من الطاقة
ولكنه لا يستطيع أبدا القفز إلى حالة متوسطة لأنه ليست هنالك حالات بينية متوسطة وتبقى الإلكترونات متباعدة أحدها عن الآخر مع السماح لعدد محدود منها على كل مستوى من مستويات الطاقة ولا تستطيع الإلكترونات أن تسقط بإتجاه النواة .
ولو جاءت الطاقة نفسها ضوءا كانت أم أى إشعاع كهرومغناطيسى آخر بأية كمية من الطاقة بدلا من أن تكون متكمية ولكن ( ألبرت آينشتاين ) قدم اقتراحا أكثر إثارة ففى عام ( 1905 ) أشار آينشتين إلى أن الطريقة التى تطرد بها الإلكترونات من سطح معدنى بواسطة الإشعاع ( التأثير الكهروضوئى ) لا يمكن تفسيرها إلا إذا كان الضوء نفسه مكمما أى على شكل تيار من الجسيمات
( الضوئيات / الفوتونات ) وكانت الخواص المطلوبة من الفوتونات لتفسير التأثير الكهروضوئى  هى نفس الخواص المطلوبة لتفسير منحنى الجسم الأسود مع عدم السماح للطاقة الكهرومغناطيسية أن توجد إلا بكتل صغيرة ويعتمد حجم كل كتلة من الضوء على طول الموجة ولكن يوجد أطوال موجات معينة تكون فيها الطاقة التى يحملها كل فوتون ضوئى هى نفسها .
وكان هذا العمل الذى تلقى عليه ( آينشتاين ) جائزة نوبل للفيزياء عام ( 1921 ) مما أدخل علم الفيزياء فى إرباك إذ يوجد ثروة من الأدلة التى تؤكد أن الضوء إشعاع كهرومغناطيسى عبارة عن ظاهرة موجية ولقد أثبت العلماء بواسطة حزمة الضوء التى تمر من خلال شقين ضيقين أن موجات الضوء تنتج نمط تداخل مماثل للتداخل الناجم عن مجموعتين من التموجات المتحركة عبر سطح بركة ماء ولقد برهنت تجربة الشقين على أن الضوء عبارة عن موجة بينما برهن التأثير الكهروضوئى أن الضوء عبارة عن تيار من الجسيمات .




تزايد الغموض : الموجات الإلكترونية :
عثر طومسون فى عام ( 1897 ) على جسيمات مشحونة سلبا وذات كتلة تبلغ ( 1 / 11837 ) من كتلة ذرة الهيدروجين واكتشف طومسون الإلكترون وعرفه على أنه من مكونات الذرة وتلقى طومسون جائزة نوبل للفيزياء عام ( 1906 ) لتعرفه على الإلكترون كجسيم قائم بذاته .
وعن طريق تكييف وصف آينشتاين الضوئى للضوء المتماشى مع الإلكترونات وكان بالامكان الدوران حول المعادلات التى أظهرت أن موجات الضوء تتصرف كجسيمات لوصف جسيمات إلكترونية تتصرف كموجات وإن لكل إلكترون موجة تترافق معه بطريقة ما وتوجه حركته وأن مستويات الطاقة المسموح بها للإلكترون فى الذرة تتطابق مع مدارات فيها عدد محدد من أطوال الموجات مثبتة حول النواة .
وعن طريق دراسة الطريقة التى تحرف فيها ذرات الشبكة البللورية حزم الإلكترونات وأظهرت الدراسات أن الإلكترونات تنعرج فى ظل الشروط المناسبة بواسطة الشبكة البللورية وتنتج أنماط تداخل وأثبتت التجارب أن الإلكترونات عبارة عن موجات وإن الإلكترونات عبارة عن جسيمات وموجات فالإلكترونات تتصرف كجسيمات وكموجات وكل إلكترون يملك زخما ( P ) له طول موجة
ويرتبط الاثنان فيما بينهما بموجب معادلة رياضية معينة .
وليست الطبيعة المزدوجة للجسيمات والموجات إلا أمرا ظاهريا على المستوى الذرى وتحت الذرى ولكن الازدواجية أمر مهم بالنسبة للإلكترونات لأن للإلكترون كتلة صغيرة .
وازدواجية الموجة الجسيم هى ما يشكل النقطة المركزية فى غموض عالم الكم وهى ترتبط عن قرب بمفهوم عدم يقين الكم أى أنه لا يمكن معرفة موقع وزخم أى جسيم ما بدقة مطلقة فى أى وقت كان .
إن الموجة هى انتشار شىء ما وتنتشر تموجات سطح البركة لمسافة بعيدة ومن الصعب تحديد أين يبدأ خيط التموج ( رتل الموجات ) وأين ينتهى أما الجسيم فعبارة عن شىء محدد يشغل مكانا محددا فى زمن محدد فعن طريق النظر للإلكترون الضوئى أو الفوتون على أنه موجة وجسيم فى وقت واحد .
إن الصورة المناسبة صورة ( رزمة ) صغيرة من الموجات رتل موجات قصيرة لا يمتد إلا إلى مسافة قصيرة تكاد تطابق حجم الجسيم ومن السهل وصف الرزم الموجية رياضيا ولكن طريقة خلق رزمة موجية محددة الموقع فى الفضاء تكون من خلال السماح لموجات عديدة من أطوال مختلفة بالتداخل فيما بينها وكلما كانت الرزمة الموجية أصغر كانت الحاجة أكبر إلى تنوع من الموجات ذات الأطوال الموجية المختلفة اللازمة للإبقاء عليها محصورة بقوة .
ويتطابق الانتشار لأطوال الموجات مع الانتشار فى الزخم نظرا لأن كل طول موجة مفرد زخمه المحدد المرافق له بحسب معادلة رياضية فكلما ازدادت دقة تحديد موقع الرزمة الموجية = جسيم نقصت دقة تحديد زخمها .


عدم يقين الكم : آينشتاين ينكر نفسه :
يمكن معرفة وجود جسيم ما أو المكان الذى يتوجه إليه الجسيم فزخم إلكترون ما بدقة فقد أطلق من الرزمة الموجية وإن له طول موجة وحيد وتمتد الموجة الوحيدة ذات التردد النقى إلى ما لا نهاية ولن يكون للإلكترون موقع فريد فعن طريق قياس موقع الإلكترون فيجبر على حالة تعدد لأطوال الموجات بزخم غير مؤكد وعند هذا المستوى تعتمد نفس طبيعة الواقع على نوع القياسات المجراه
وإن عدم يقين الكم يشير لصعوبة عملية فى قياس الأشياء الصغيرة كالإلكترونات وما زال عدم اليقين يوصف خطأ بكلمات تدور حول الطريقة التى تجرى فيها القياسات ولمراقبة الإلكترون يجب طرد الإشعاع منه وأن مجرد حث الإلكترون بهذه الطريقة سيغير موقعه وزخمه ولكنه يخطىء الهدف المراد ولقد أظهر ( هايزنبرج ) الذى كان أول من قدر أهمية عدم يقين الكم حق قدره فإن عدم اليقين يمثل مظهرا أساسيا من المظاهر الطبيعية للإلكترون أو لأى جسيم آخر وفى عالم الكم لا تمتلك الأجسام خاصيتين منفصلتين احداهما الزخم والأخرى الموقع بل هى تحمل خليطا من الزخم والموقع خليط لا يمكن فصله أبدا وليس نتيجة للحدوديات التجريبية وإن فكرة الزخم والموقع وحتى فكرة الجسيم ذاتها إنما تنبع من الخبرة بالعالم الميكروسكوبى وهى لا تعمل على المستوى الميكروسكوبى .
وعن طريق تفسير عالم الكم ( تفسير كوبنهاجن ) حيث يمكن فهم مظاهره الأساسية بشكل أفضل من خلال ما يحصل عندما يقوم العالم بمراقبة تجريبية .
1 ) إن مجرد مراقبة الشىء تؤدى إلى تغييره فنحن جزء من أية تجربة كم وليست هنالك ساعة ألية تتكتك خلف الستار بالطريقة نفسها .
2 ) إن كل ما نستطيع معرفته ليس إلا نتائج التجارب ويمكن النظر إلى إلكترون ما فنجده فى الموقع ( أ ) ثم ننظر فنجده فى الموقع ( ب ) وتتكهن بأنه انتقل من ( أ ) : ( ب ) ولكن لا نستطيع معرفة كيف فعل ذلك .
وعن طريق التعلم من التجارب هو وجود احتمال محدد أوعن طريق عدة احتمالات لأجوبة مختلفة ولأن هناك عدد لا نهائى من الإلكترونات فى أنظمة الحياة اليومية كجهاز التليفزيون فإنه يمكن تطبيق الاحتمالات بثقة كبيرة ومن بين كل مليون من الإلكترونات المتحدة بطريقة ما بواسطة حقل كهرومغناطيسى تكون هناك نسبة معينة تتجه فى منحنى معين وطالما انتقل عدد كاف من الإلكترونات بطريقة متوقعة للموقع الصحيح على شاشة التلفزيون فلا نهتم بكيفية وصولها لهناك أو بما حدث لبقية الإلكترونات المنتهية فى مواقع أخرى .
أما خلف الاعتبارات العملية فإن فيزياء الكم لا تتعامل إلا مع الاحتمالات وليس مع الأمور المؤكدة وهو الاكتشاف الذى قاد ( آينشتاين ) لإنكار ملكية الاكتشاف ومن الواضح أن المظاهر الغريبة لفيزياء الكم التى وجدها آينشتاين غير مقنعة وقابلة للاعتراض عليها لا تظهر فى أعمال جهاز التلفزيون بل فى الحالات التى تكون الاحتمالات فيها موزعة بتساو أكبر .
ولكن كل الاختبارات المطبقة تنبىء بأن جسيمات وموجات على المستوى ما تحت الذرى عبارة عن مظهرين لواقع واحد وأن نتيجة أى تفاعل إنما تعتمد على الفرصة وأن الطريقة التى نقيس بها الأشياء تحدد الأجوبة التى نحصل عليها وليست هنالك ساعة آلية تقود بقسوة أعمال الكون من الانفجار الأعظم وحتى نهاية الزمن .

استعمال نظرية الكم فى الحياة اليومية :
إن نظرية الكم هى التى تشرح سواء عملية الانشطار أو الاندماج النووى وإن معادلة ( آينشتاين )
الطاقة = الكتلة × مربع سرعة الضوء حيث الكتلة قد تتحول إلى طاقة ولكن فيزياء الكم هى التى تخبر كيف يتم تحولها وأنه يمكن جعل الإلكترونات تقفز فى الذرة من مستوى طاقة إلى آخر مما يشكل عاملا رئيسيا فى نظرية الكم وهو مفتاح تطوير الليزر حيث يتم إقناع الإلكترونات الموجودة على درجة طاقة متساوية فى ذرات عديدة مختلفة بالقيام بقفزة هابطة معا فينحنى كل إلكترون عن فوتون من نفس التردد النقى وهكذا تتجمع الفوتونات فى حزمة من ضوء الليزر .
ويعتمد جهاز تشغيل القرص المضغوط المدمج على فيزياء الكم فى عمله وبغض النظر عن الليزر الذى يمسح القرص فإن تأثيرات الكم تشكل نقطة أساسية فى تحديد تصرف الإلكترونات فى دارة حالة الصلابة وفى الموصلات شبه الناقلة فى الكمبيوترات الصغرى ( الميكروكمبيوتر ) .
ويدخل الكم فى قصة الحياة نفسها فحمض ( الدنا ) ذلك الجزىء اللولبى المزدوج الذى يحمل الرمز الوراثى إنما يتماسك كلولب مزدوج بواسطة تأثير كيميائى ( الترابط الهيدروجينى ) وهو عبارة عن ظاهرة تفسرها طبيعة الموجة للإلكترون المفرد وخلافا للجسيم النقى يمكن حتى لإلكترون واحد أن ينتشر حول ذرة موزعا شحنة بفاعلية عبر سحابة والطريقة التى يتفاعل فيها هذا التوزع من الشحنة مع الشحنة الايجابية فى نواة الهيدروجين تساعد فى تشكيل الرابط الهيدروجينى .
فيوجد الطاقة النووية والليزر والكمبيوترات وسر الحياة المفسرة بفضل نظرية الكم .

الماص والمشع المثالى :
الجسم الأسود هو الماص المثالى للطاقة وهو أسود لأنه يمتص كل الإشعاع الكهرومغناطيسى الذى يسقط عليه ولكن لأن القوانين التى تصف سلوك الإشعاع يمكنها أن تنعكس مع الزمن فإن الماص الكامل هو المشع الكامل كذلك .
والجسم الأسود الساخن هو مشع الطاقة الكهرومغناطيسية الأكثر فعالية الذى تسمح بها قوانين الفيزياء فيمكن للجسم أن يكون ساخنا أحمر أو حتى ساخنا أبيض .
ويشع الجسم الساخن الأبيض بذروة كثافته فى اطار الطيف البصرى فإن الأعين ترى خليطا من أطوال الموجات التى تطابق كل ألوان قوس القزح على أنها لون أبيض .


ترجمة / عفيف الرزاز
تنقيح / أسامة ممدوح عبد الرازق مصطفى شرف

15 / 10 / 2016 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق