الخميس، 3 سبتمبر 2015

المتراكبات النانونية وتطبيقاتها المتقدمة

المتراكبات النانونية وتطبيقاتها المتقدمة
إن التطور التكنولوجى المذهل فى شتى الميادين أصبحت الصناعات والتطبيقات الحديثة تتطلع لأنواع جديدة من مواد غير تقليدية ( المواد المتقدمة / Advanced Materials ) لكونها مواد حديثة يتم توظيفها فى تطبيقات تكنولوجية متقدمة لم تكن معروفة من قبل فإن التطبيقات المتقدمة والصناعات الحديثة تتطلب مواد تجتمع فيها خواص فريدة ومتعددة قد لا تتوافر مجتمعة فى مادة واحدة من المواد التقليدية كالمواد الفلزية / المواد السيراميكية / البلمرات وتعد المواد المتراكبة نانونية الحبيبات ( المتراكبات النانونية / Nanocomposite Materials ) واحدة من أهم فئات المواد المتقدمة كنتيجة لتزاوج العقل البشرى بإمكاناته الخلاقة مع التكنولوجيات الحديثة فى مجالات إنتاج الفلزات والمواد الهندسية .

ماهية المتراكبات النانونية :
يقصد بالمتراكبات أو المواد المتراكبة ( Composite Materials ) تلك المجموعة من المواد الهندسية التى يتم إنتاجها عن طريق إضافة نسب وزنية أو حجمية معينة من مادة أو أكثر
( المواد الداعمة / Reinforcement Materials ) لمادة الأساس ( مادة القالب / Matrix )
بحيث يتم دمج وخلط المواد الداعمة مع مادة القالب بشكل جيد مما يضمن الحصول على متراكبة متجانسة تتوزع بداخلها جسيمات المواد الداعمة توزيعا مثاليا ويشترط فى اختيار المواد الداعمة أن تتمتع بالحياد الكامل بحيث لا تتفاعل مع بعضها البعض أو مع مادة الأساس لتحتفظ بهويتها الفردية داخل مادة القالب ويتبلور الهدف من إنتاج المواد المتراكبة فى إضافة خواص معينة لمادة القالب أو إضافة صفات لم تكن متأصلة بها فالمادة الرئيسية المكونة لإطار المركبات هى المطاط والمطاط من البلمرات المعروف عنها سهولة التشكيل عند تعرضها لأدنى قيم من الضغوط فليس من المنطقى أن يتم توظيف المطاط الخالص لصنع الإطارات التى تتعرض لعدد من الضغوط المرتفعة أثناء سير المركبة فتتم إضافة طبقة متشابكة من أسلاك الصلب رفيعة السمك لتدعيم المطاط المستخدم مما يرفع مقاومته للإجهادات التى تعرض لها أثناء الاستخدام وتعد متراكبة الخرسانة المؤلفة من قالب أسمنتى مادة الأساس المضاف إليه أنواع مختلفة من المواد الداعمة كالزلط ومواد سد الفجوات والفراغات بالقالب الأسمنتى كالرمل .
إن إنتاج المتراكبات الداخلة فى صناعة المركبات الجوية ( الطائرات ) والفضائية ( الصواريخ ومكوك الفضاء والمركبات الفضائية المأهولة وغير المأهولة والتلسكوبات الفضائية والأقمار الصناعية ) حيث يتم إضافة ألياف الكربون ( Carbon Fibers ) لسبائك الألمنيوم والتيتانيوم الفلزية المستخدمة فى صناعة أجسام وهياكل المركبات بنسب حجمية مختلفة تعمل على تحسين وتطوير الخواص الميكانيكية لمادة الأساس للسبيكة الفلزية ووقايتها من خطر الانهيار عند تعرضها للضغوط الجوية المختلفة وعند درجات حرارة متباينة أثناء رحلاتها بالفضاء الخارجى
( Outer Space ) وأن المواد المضافة تعمل على زيادة مقاومة السبيكة ضد عوامل الصدأ خلال فترة وجودها فى ظروف بيئية وجوية قاسية بحيث يتم إضافة مساحيق حبيبات مادة ( كربيد السيليكون / SIC ) لسبائك الألمنيوم التى تزيد من صلادة الفلز وتضيف إليه القوة فى مقومة الإجهادات الخارجية الواقعة عليه اثناء التشغيل .
وإن المواد المتراكبة وليدة ق ( 21 ) فإن فكرة دمج مادتين أو أكثر داخل مادة أخرى يرجع إلى أكثر من ( 5000 عام ) حين أدرك الإنسان المصرى القديم أن إضافة الألياف النباتية كالقشور الخارجية لحبيبات الأرز لقوالب الطوب اللينة – الطوب اللبن – المستخدمة فى أغراض البناء والمصنعة من الطمى ( Mud ) تعمل على تقوية ودعم القوالب وحمايتها من التشققات فهى تضيف خواص لم تكن موجودة أصلا فى مادة الطمى .

تكنولوجيا النانو والمواد المتراكبة :
أضافت تكنولوجيا النانو بعدا مهما جديدا فى إنتاج فئة حديثة من المتراكبات المتراكبات النانونية  
من خلال تخليق حبيبات متناهية فى الصغر تقل مقاييس أبعاد أقطارها عن ( 100 نانومتر ) بحيث يتم توظيفها كمواد نانونية داعمة ومقوية ( الدعامات النانونية ) Nano – Reinforcements
لمادة الأساس وقد أثبتت الجسيمات النانونية قدرة فائقة تعمل على تحسين خواص مادة الأساس ورفع مقاومتها وصلادتها فعادة ما يتم تصنيف المتراكبات نسبة لهوية مادة القالب .

متراكبات الكربون :
تتميز متراكبات الكربون النانونية بانخفاض تكلفتها وسهولة الحصول عليها من مصادر متعددة غنية بالمواد الكربونية كالفحم والبترول والغاز الطبيعى  ويتم تصنيع متراكبات الكربون من القوالب بطريقة تكنولوجيا المساحيق ( Powder Techology ) من خلال كبس وتجميع مساحيق الكربون الناعمة باستخدام المكابس الساخنة عند درجات حرارة عالية على الرغم من أن معظم المواد المقوية المضافة لمتراكبات الكربون النانونية من القوالب تكون عبارة عن ألياف كربونية نانونية البنية فإن المواد المضافة تختلف وتتنوع بناء على طرق تصنيع المتراكبة والخواص المطلوب الحصول عليها وتعد قابضات السيارات ووسائد فرامل الطائرات بعضا من الأمثلة التطبيقية المهمة التى يتم فيها توظيف متراكبات الكربون النانونية .

متراكبات المواد السيراميكية :
إن تميز قوالب متراكبات المواد السيراميكية النانونية بارتفاع صلادتها ومقاومتها للإجهادات الناشئة عن أحمال الضغط مع ثباتها الحرارى والكيميائى فإنها فقيرة فى التوصيل الكهربى والحرارى فتتنوع المواد النانونية المضافة للقوالب من عناصر أو سبائك فلزية أو مواد سيراميكية أو ألياف زجاجية تبعا للخواص المطلوب الحصول عليها والتطبيقات التى ستوظف فيها وتستخدم متراكبات المواد السيراميكية النانونية فى تصنيع منتجات التشغيل التى تعمل عند درجات الحرارة العالية كأجزاء من محركات الصواريخ أو الأجزاء المعرضة لعوامل البرى والصدأ والتآكل أثناء التشغيل كبعض أجزاء الماكينات والمحركات .




المتراكبات الزجاجية :
تتشابه المواد الزجاجية ( Glasses ) مع المواد السيراميكية فى كثير من الخواص فهى مواد قصفة ذات صلادة مرتفعة وثبات حرارى عال وتتألف متراكبات الزجاج النانونية من القوالب عن طريق إضافة مواد صلبة كحبيبات نانونية الأبعاد من الأكاسيد الفلزية أو الألياف وتتميز متراكبات الزجاج النانونية بمقاومتها الفائقة للإجهادات عند التشغيل فى درجات الحرارة العالية مما يوفر لها عوامل النجاح للاستخدام فى صناعة مكونات أجزاء المحركات المقاومة للحرارة وفى تصنيع أجزاء المحركات التى لها صلة بالعوادم ومخلفات الاحتراق الداخلى كغرف العادم وحلقات تجميع العادم .

المتراكبات الفلزية :
تعد قوالب الفلزات أكثر أنواع القوالب شيوعا واستخداما ويتوقف اختيار الفلز المستخدم فى تصنيع مادة القالب على الغرض من استخدام المتراكبة النانونية والخواص المرجوة منها فإذا كان الهدف تأليف متراكبات للاستخدام فى بيئة أو أجواء مؤكسدة عند درجات الحرارة العالية فإن قوالب فلز التنجستن تكون الأنسب لهذا الغرض بسبب الثبات الحرارى والكيميائى لفلز ( التنجستن ) المقاوم للانصهار وقوالب العناصر الفلزية النانونية الخفيفة كالألمنيوم والماغنسيوم تجد مكانا مرموقا فى الصناعات التى يكون الوزن فيها عاملا مهما كصناعة السيارات والطائرات والمركبات الفضائية .
وتتألف المتراكبات الفلزية النانونية من قوالب لمواد فلزية تضاف إليها نسبة حجمية بسيطة من مواد مدعمة لعناصر فلزات حرة أو مواد سيراميكية .

متراكبات البلمرات :
تتألف قوالب متراكبات البلمرات النانونية من مادة البوليستر أو الفينيل إستيرز بسبب شيوع استخدامهما وقلة تكلفتهما بحيث يتم تدعيم القوالب بالألياف الكربونية النانونية أو أنابيب الكربون النانونية وأنابيب الصلصال الطبيعى أو المخلق وسبب اختيار هذه الأنواع من المواد النانونية الداعمة يرجع لما تتميز به من مقاومة عالية وصلادة علاوة على أنها خفيفة الأوزان فلن تؤثر سلبا فى خواص القوالب من ناحية الوزن وتتميز الألياف والأنابيب النانونية للكربون بعدم التأثر بالرطوبة وبثباتها الكيميائى العالى وارتفاع مقاومتها أمام كل الأحماض والقلويات والمذيبات عند درجة حرارة الغرفة .
وتوظف متراكبات البلمرات النانونية من القوالب البلمرية وبكثرة فى تصنيع الأدوات الرياضية كمضارب التنس وعصى مضارب الجولف وفى تصنيع قضبان صيد الأسماك كما أن متراكبات البلمرات تعد مواد واعدة حين تستخدم فى بعض من أجزاء هياكل السيارات والطائرات وقد أدى التطور بمجال تصنيع البوليمرات والمواد المركبة النانونية لإحداث طفرة تكنولوجية فى مجال الطب الحديث وطب العظام والأجهزة التعويضية بصفة خاصة وبالتوازى مع ما تحتكره متراكبات البلمر النانونية من خواص وصفات غير مألوفة فإنها تتميز بتوافقها الحيوى الكبير مع الجسم البشرى مما أهلها للاستخدام عبر مجموعة واسعة من تطبيقات متقدمة فى المجالات الطبية .


التطبيقات المتقدمة للمتراكبات النانونية :
إن مجموعة المواد المتراكبة النانونية لها مجالا فسيحا ورحبا من التطبيقات المهمة التكنولوجية المتقدمة فى جميع المجالات فقد تمكن الباحثون والعلماء حديثا من إنتاج أقطاب مؤلفة من حبيبات نانونية الأبعاد لعنصرى السيليكون والكربون تسمح عند توظيفها كاقطاب ببطاريات الليثيوم الأيونى برفع كفاءة بطاريات الليثيوم الأيونى فى إنتاج الطاقة بشكل أكبر مع السماح بشحن وتفريغ بطارية الليثيوم الأيونى بسرعة عالية وفى زمن قصير .
وتستخدم المواد المتراكبة النانونية كدعامات تعمل على تسريع عملية التئام العظام المكسورة حيث أظهرت نتائج الأبحاث أن عملية نمو العظام البديلة تتسارع عندما تستخدم متراكبات أنابيب البوليمرات النانونية التى تقوم بعمل السقالات التى تقوم بتوجيه وتقويم اتجاهات نمو العظام البديلة وتستخدم المواد المتراكبة النانونية كمتراكبات البوليمرات النانونية فى صنع الخلايا اللينة لتحل محل الجلد والأعصاب وفى ترقيع وترميم الأوعية الدموية .
ويتم إنتاج مواد المكونات الهيكلية التى تتمتع بارتفاع فى نسبة قوتها مقارنة بالوزن كإنتاج قوالب مادة الإيبوكسى ( أحد أنواع البوليمرات ) المدعمة بأنابيب الكربون النانونية المستخدمة فى تصنيع ريش طواحين الهواء فى مجال الطاقة الجديدة والمتجددة وقد دلت النتائج البحثية على تمتع الريش بمقاومة عالية مع خفة الوزن مما يعنى زيادة كمية الكهرباء المتولدة عن الطواحين الهوائية وزيادة العمر التشغيلى لها .
وتعد تطبيقات المواد المتراكبة النانونية المستخدمة فى حماية الأسطح الخارجية لمعدات الحفر المستخدمة فى حفر آبار البترول والمياه الجوفية وحمايتها من التآكل والصدأ وتتلخص الطريقة فى تغطية وطلاء سطح مادة الأساس المراد حمايته بطبقة طلاء رقيقة السمك شديدة الصلادة بحيث تتمتع بمقاومة لعوامل البرى والتآكل عن طريق الاحتكاك والصدأ وتعد طرق الترسيب الكيميائى
( الترسيب المادى للأبخرة ) طريقة التذرية وتكنولوجيا الطلاء الحرارى أبرز التكنولوجيات المستخدمة فى مجال طلاء وحماية الأسطح .

متراكبة فلز الماغنسيوم النانونية لتخزين الوقود الهيدروجينى :
تعد مسألة إنتاج مواد لتخزين الوقود الهيدروجينى تتمتع بالسلامة والكفاءة من أصعب المشكلات التى يتعين حلها قبل المضى نحو تطبيق وتعميم الوقود الهيدروجينى على نطاق اقتصادى شامل وإن بعض المواد الفلزية الخفيفة التى تتمتع بقدرتها على استيعاب غاز الهيدروجين كفلز الماغنسيوم وسبائكه فإن درجات الحرارة المطلوبة لهدرجة عنصر الماغنسيوم وتحرير غاز الهيدروجين من هيدريد الماغنسيوم وتنشيط التفاعل مازالا يحتاجان لكثير من التطوير والتحسين وقد تم حديثا بمعامل تكنولوجيا النانو التابعة لمركز أبحاث الطاقة والبناء من التوصل لإنتاج متراكبة نانونية جديدة مؤلفة من مساحيق حبيبات كروية نانونية الأبعاد لمركب هيدريد الماغنسيوم المضاف إليه نسب وزنية بسيطة لا تتعدى قيمتها ( 5 % ) من مسحوق مادة أكسيد النيوبيوم من أجل تحسين وتطوير الخواص الهيدروجينية المتعلقة بمعدل امتصاص وتفريغ غاز الهيدروجين وخفض درجات الحرارة التى تتم عندها العمليتان المتضادتان لنحو ( 200 درجة مئوية ) مما يرشح المتراكبة لأن يتم توظيفها فى إنتاج بطاريات الهيدروجين المستخدمة فى تشغيل محركات السيارات الخفيفة وفى تشغيل الأجهزة الكهربائية المحمولة كالهواتف النقالة ( الموبايلات )  والكمبيوترات المحمولة ( اللاب توب ) وقد أظهرت النتائج تمتع مساحيق متراكبة ( هيدريد الماغنسيوم / أكسيد النيوبيوم ) نانونية الحبيبات بمقدرتها على إعادة تدوير شحن وتفريغ غاز الهيدروجين ل ( 600 دورة متتالية ) دون أن تظهر أى تدهور فى نسبة الهيدروجين الممتص أو المفرغ .

محمد شريف الاسكندرانى



هناك 4 تعليقات:

  1. احسنتم كثيرا موضوع جدا جميل وهادف . راح يساعدني كثير على تقديم السمنر خاصتي

    ردحذف
  2. اريد تطبيقات على المتراكبات البؤليمرية

    ردحذف
    الردود
    1. ممكن المضادر لوسمحتم لاني بحاجتها لتقارير

      حذف
  3. ممكن المصادر للموضوع لاني احتاجها في بحثي واكون جدا ممنون

    ردحذف