الجمعة، 14 أكتوبر 2016

وحيد القرن أغرب نجوم الكون

وحيد القرن أغرب نجوم الكون
يطلق علماء الفلك على النجم ( وحيد القرن فى 838 ) أغرب نجوم الكون لسلوكه الغريب الذى يختلف عن النجوم الأخرى التى تم رصدها بالتلسكوبات الأرضية والفضائية وهذا النجم متغير الإضاءة غريب الأطوار ويقع فى كوكبة ( وحيد القرن ) التى تبعد عن الأرض بحوالى 20000 سنة ضوئية داخل مجرة الطريق اللبنى ( Milky Way ) .
وقد حدث لهذا النجم انفجار هائل فى أوائل عام ( 2002 ) إذ كان الاعتقاد أنه كان مجرد انفجار لنجم مستعر ( سوبرنوفا ) لكن سرعان ما تبين بالرصد المتواصل أنه شىء مختلف تماما وكان سبب الانفجار مجهولا إلا أن نظريات قد طرحت لتفسيره وأن إحداها أنه كان انفجارا مرتبطا بنجم يعالج سكرات الموت واندماجا بين نجمين يدوران  حول بعضهما البعض ( نجم مزدوج ) أو قيام نجم بابتلاع كوكب .

انفجارات عجيبة :
وما حدث بالتفصيل هو أنه فى ( 10 / 1 / 2002 ) تم رصد إضاءة شديدة انبعثت من نجم كان مجهولا من قبل فى المجموعة النجمية ( كوكبة وحيد القرن ) ولأنه نجم جديد متغير الضياء وحيد القرن فى رقم ( 838 ) وكان منحنى الضوء الأصلى يشبه منحنى أى نجم مستعر ( سوبر نوفا ) وهو انفجار يحدث عندما يتجمع ما يكفى من غاز الهيدروجين على سطح قزم أبيض وقد وصلت شدة النجم ( وحيد القرن فى 838 ) إلى أقصى قدر لها فى ( 6 / 2 / 2002 ) حيث بدأت الضيائية تخفت بسرعة .
ولكن فى أوائل ( 3 / 2002 ) أخذ النجم يشتد ضياؤه من جديد بيد أنه فى هذه المرة بأطوال موجية تحت الحمراء ( موجات إشعاعية غير مرئية ) وتقاس بأجهزة رصد خاصة ثم رصدت إضائية أخرى فى ( 4 / 2002 ) عاد بعدها النجم لشدة ضيائه الأصلية قبل انفجاره لأول مرة غير أن منحنى الضوء المنبعث من الانفجار لا يشبه أى ظاهرة كونية تمت رؤيتها من قبل .
ولقد وصلت شدة إضاءة النجم لحوالى مليون مرة قدر إضاءة الشمس مما يعنى أن النجم وحيد القرن فى ( 838 ) كان وقت إضاءته القصوى واحدا من أكثر نجوم مجرة ( الطريق اللبنى ) ضياء وقد حدث الضياء بسبب التمدد السريع للطبقات الخارجية للنجم واستغرق تمدد النجم مدة شهرين مما يعنى أن سرعة التمدد كانت مذهلة ولأن قوانين الديناميكا الحرارية التى تدرس خواص انتقال الشكل الحرارى للطاقة وتحولاته لأوجه أخرى تنص على أن الغازات المتمددة تبرد تدريجيا لذا فإن النجم ( وحيد القرن فى 838 ) أصبح باردا للغاية ولونه صار أحمر داكن حيث أن عمر النجم حوالى ( 4 ملايين عام ) .
ويكشف طيف النجم ( وحيد القرن فى 838 ) عن وجود نجم رفيق له ( نجم أزرق اللون ساخن ) لعله لا يختلف كثيرا عن النجم الذى انفجر ومن المحتمل أن النجم الذى انفجر كان أقل وزنا من رفيقه وإن كان على وشك الدخول فى مرحلة ( التتابع الرئيسى ) حيث يعتمد سطوع النجم على كتلته .


صدى الضوء :
إن الأجسام سريعة الضياء كالنجوم المستعرة ( النوفا ) والنجوم المستعرة الفائقة ( السوبرنوفا ) تسبب ظاهرة ( صدى الضوء ) فالضوء الذى ينطلق مباشرة من النجم يصل للأرض أما إذا كانت هناك سحب من المادة المنتشرة بين النجوم والتى تفصل بين النجم والراصد فإن بعض الإضاءة النجمية ينعكس من السحب وبسبب المسافات الكونية الشاسعة فإن الضوء المنعكس يصل للأرض متأخرا مسببا رؤية حلقات ضوئية متمددة حول النجم المنفجر ويبدو أن الحلقات تتحرك بسرعة أكبر من سرعة الضوء وفى حالة النجم ( وحيد القرن فى 838 ) فإن صدى الضوء الناتج لم يحدث له مثيل من قبل ومسجل فى صور التقطها له تلسكوب ( هابل الفضائى ) .
وليس من الواضح ما إذا كان السديم المحيط بالنجم مرتبطا به أم لا وإذا كان صحيحا فلعله نشأ من النجم من جراء انفجارات قديمة مما يستبعد نماذج كثيرة مطروحة مبنية على أحداث كارثية مفترضة ولكن يوجد دليل قوى على أن كوكبة ( وحيد القرن ) الذى يوجد بها النجم ما زال فى عنفوانه وما زالت مطورة داخل السديم الذى نشأت منه .
ولقد طرحت تفسيرات مختلفة لانفجار النجم ( وحيد القرن فى 838 ) وانفجار ذلك النجم هو انفجار لنجم مستعر ( نوفا ) فعلى الرغم من أنه انفجار غير عادى بالمرة حيث أنه ينطوى على تصور غير محتمل وهو أن الكوكبة تحتوى على نجم أزرق لأن النجوم من هذا النوع تكون شابة وثقيلة فلم يتوفر الوقت الكافى لتكوين قزم أبيض محتمل لكى يبرد ويجمع مادة تكفى لإحداث الانفجار .
ولعل النجم ( وحيد القرن فى 838 ) هو نجم عملاق على وشك الموت وربما يكون السديم المضاء بصرى الضوء عبارة عن طبقات من الغبار المحيط بالنجم تكونت من انفجارات سابقة مماثلة للنجم ذاته وربما كان الضياء ( وميض الهليوم ) حيث يحترق فجأة قلب نجم خفيف الوزن وهو يحتضر محدثا انفجارا كربونيا يمزق أوصال النجم لكنه لا يدمره تماما إلا أن هناك بعض الأدلة تؤيد الزعم بأن الغبار منتشر بين النجوم وليس مركزا حول النجم والنجم المحتضر الذى فقد أغلفته الخارجية يكون ساخنا إلى حد كبير إلا أن الدليل يشير إلى نجم شاب .

الوميض الكربونى :
إن النجم ( وحيد القرن فى 838 ) قد يكون عملاقا ضخما عظيم الكتلة فائق الضياء فإن الانفجار الذى حدث له ( وميضا كربونيا ) وهو حدث نووى حرارى تشتعل فيه فجأة إحدى طبقات النجم المحتوية على الهليوم وتبدأ فى صهر الكربون الذى فى النجم وتحدث للنجوم هائلة الكتلة الكثير من الأحداث غير أنها تفقد فيها الكثير من كتلتها وقد تخسر طبقات الغبار الظاهرة حول النجم .
ويوجد هذا النجم تقريبا فى اتجاه المركز المقابل للمجرة ( الطريق اللبنى ) بعيدا عن قرص مجرة الطريق اللبنى وإن ولادة النجم تكون أقل نشاطا فى المناطق الخارجية للمجرة ( الطريق اللبنى ) وليس من الواضح كيف أن مثل هذا النجم عظيم الكتلة يمكن أن ينشأ فى هذه المناطق الخارجية للمجرة .
وربما يكون الانفجار قد نشأ نتيجة ( انفجار اندماجى ) أى اندماج نجمين فى طور ميلادهما وإن الشباب الواضح للكوكبة النجمية ( وحيد القرن ) بأن الكوكبات النجمية تكون غير مستقرة .
وقد أثبتت عمليات المحاكاة بواسطة الكمبيوتر أن نموذج الاندماج معقول كما تبين عمليات المحاكاة أن الغلاف المنفوخ جاء أساسا من الرفيق الأصغر حجما فإن نموذج الاندماج يفسر القمم الكثيرة فى منحنى الضوء الملحوظ أثناء حدوث الانفجار .
غير أن الاحتمال الأكثر غرابة أن يكون النجم ( وحيد القرن فى 838 ) قد ابتلع كواكبه العملاقة وإذا دخل أحد الكواكب فى الغلاف الجوى للنجم فإن الغلاف الجوى النجمى يبطىء من سرعة الكوكب وعندما يتغلغل الكوكب فى أعماق الغلاف الجوى النجمى فإن الاحتكاك يصبح أقوى وتنطلق الطاقة الحركية داخل النجم بسرعة أكبر ويبدأ غلاف النجم يسخن بما يكفى لإحداث صهر للديوتيريوم ( نظير الهيدروجين له بروتون واحد ونيوترون واحد فى النواة ووزنه الذرى يعادل
( 20514 ) مما يؤدى إلى سرعة الانفجار فلعل الذروات اللاحقة حدثت عندما دخل كوكبان آخران فى الغلاف الجوى النجمى المتمدد للنجم .
وقد كشفت الصور الحديثة لتلسكوب هابل الفضائى الخاصة بالنجم ( وحيد القرن فى 838 ) عن وجود تغييرات جوهرية فى إضاءة تكوينات سحب الغبار الكونى المحيطة به ( صدى الضوء ) وهو يكشف عن أنماط من الغبار لم يرها أحد من قبل منذ أن أضاء النجم فجأة فى أوائل عام ( 2002 )
والأمر الغريب أن النجم ( وحيد القرن فى 838 ) لم يطح بطبقاته الخارجية كما هو معتاد فى انفجار ( النوفا ) بل زاد حجمه بشكل مروع وهبطت درجة حرارة سطحه بشكل كبير وإن السلوك التمددى الهائل وليس فقد طبقاته الخارجية هو أمر شاذ للغاية ويخالف أى انفجار لنجم مستعر
( نوفا )

رءوف وصفى
تنقيح / أسامة ممدوح عبد الرازق مصطفى شرف
28 / 8 / 2016


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق