الاثنين، 5 مايو 2025

البرمجة الجينية نحو صنع كمبيةترات أكثر ذكاء

 

البرمجة الجينية نحو صنع كمبيوترات أكثر ذكاء

سعى الإنسان عبر التاريخ لاختراع وتطوير مكن وآلات تريحه من مشقة العمل المضنى ولكنه من التفرغ لأمور أكثر أهمية بينما تقوم الآلات بالأعمال التى يحتاجها الإنسان منه بناء على  إيعازات ميكانيكية أو كهربائية أو برمجية حيث يقوم الإنسان بإدخالها للآلة فتقوم الآلة بالعمل المطلوب بالسرعة والدقة العاليتين جدا مقدمة المخرجات المطلوبة بكل دقة ويسر مختصرة الشهور أو السنين من الزمن ببضعة ثوان أو أجزاء من الثانية .

إن مسيرة  تطور جهاز الحاسوب ( الكمبيوتر ) على مدى العقود الماضية حيث يلاحظ أن الهدف الأسمى والذى كان ولا يزال مهندسو الكمبيوترات يسعون للتوصل إليه وهو أن يجعلوا الآلة ويقصد بها الكمبيوتر الآلى أكثر مشابهة للإنسان من حيث طريقة التفكير والتطور وتنفيذ المهام الموكلة إليها مع العمل فى الوقت ذاته على الزيادة من سرعة الآلة وكفاءتها الحسابية تلبية ومواكبة لمتطلبات التطور وفقا للإيقاع السريع الذى يسير عليه العصر المعلوماتى .

 

التحدى القادم :

مهما بلغت كمبيوترات اليوم من مستوى عال جدا من حيث سرعة المعالجة وسعة الذاكرة ورخص التكلفة  وتعدد المزايا وتنوعها عبر أجيال متعددة من الدوائر الكهربائية والإلكترونية ابتداء من الصمام الكهربائى ومرورا بالترانزستورات والدوائر الإلكترونية المتكاملة وانتهاء بالمعالج المصغر ودمج معالجات عدة تعمل بشكل متواز فى قالب واحد وتطور الأنماط البرمجية ابتداء من البرمجة بلغة الآلة ( لغة الصفر والواحد ) ومرورا بلغة التجميع وبرمجة المستوى العالى وانتهاء بالبرمجة الشيئية أو المرئية فإن كمبيوترات اليوم لا تزال تفتقر لميزة أساسية تمثل عامل التفوق البشرى الأعلى وهى ميزة الذكاء .

فكمبيوترات اليوم قادرة على تنفيذ عمليات رياضية كثيرة جدا وبالغة التعقيد فى فترات زمنية متناهية القصر بناء على التصاميم والإيعازات الموضوعة لها من قبل الإنسان نفسه إلا أنها غير قادرة على تغيير نفسها بنفسها لابتكار حلول أو خوارزميات لمسائل لم تتعرض لها من قبل وغير قادرة على تغيير شكلها أو التكيف بنمط تفكيرها وطريقة عملها بنفسها استجابة لتغير معطيات البيئة الخارجية من حولها ويتمثل التحدى فى مشروع برمجة الجيل الخامس للكمبيوتر عن طريق برمجة الذكاء الاصطناعى أو تعلم الآلة ذاتيا فالذكاء هو المقدرة على التكيف .

ومن الأمثلة على المهمات التى تقتضى الذكاء البشرى والتى ليس بالإمكان التعبير عنها على هيئة بيانات رقمية قاطعة بل على شكل معرفة ضمنية التعرف على الأشخاص أو الأصوات أو التشخيص الطبى أو إتقان تحدث لغة بشرية أو الشعور العاطفى أو قيادة السيارة أو مهمات الإدارة أو التنبؤ وهى مهمات تمارس من قبل البشر دون قواعد قاطعة أو محددة وإنما تتطلب قدرا غير معرف رقميا من الموهبة أو الإتقان عبر التجربة الشخصية وهى نوع من أنواع الذكاء البشرى .

ورغم التقدم الهائل فى مجال أجهزة ودوائر الكمبيوتر إلا أن الخوارزميات البرمجية لا تزال متخلفة نسبيا بالمقارنة مع أجهزة ودوائر الكمبيوتر وهى لا تزال غير قادرة على تحقيق الاستفادة المثلى من المقدرات العتادية لكمبيوتر اليوم ويكمن التحدى المواجه من قبل هندسة الكمبيوتر فى كيفية صنع كمبيوترات ذكية قادرة على برمجة نفسها بنفسها وفقا لمعطيات البيئة الخارجية ومتطلبات الحياة المتغيرة على غرار فعل الإنسان .

إن اختبار ( تورينج ) وهو اختبار للتحقق مما إذا كانت الآلة ذكية وقادرة على التفكير أم لا وهو أن يوضع شخص عادى الذكاء وآلة نريد اختبار ذكائها فى غرفتين منفصلتين مع مستجوب إنسان آخر بينهما يطرح عليهما أسئلة تقتضى قدرا معقولا من الذكاء البشرى دون أن يعلم أيهما الإنسان وأيهما الآلة فإذا عجز المستجوب من خلال الأجوبة التى يتلقاها منهما عن التمييز بشكل مؤكد وقاطع بين الآلة والإنسان فهذا يعنى أن الآلة أظهرت تصرفا ذكيا واجتازت اختبار ( تورينج ) وهى آلة ذكية قادرة على التفكير على نحو مماثل للبشر .

وفى ظل المساعى المستمرة لصنع الآلة الذكية فقد سعى علماء الكمبيوتر لمحاكاة المزيد من الظواهر الطبيعية لصنع كمبيوترات أكثر ذكاء فى ضوء التطورات المبهرة فى علم الجينات وفهم آلية عمل الشفرة الجينية للكائنات الحية وفهم مسيرة التطور الحياتى تبعا لنظرية داروين فقد ظهرت فكرة البرمجة الجينية التى تسعى لصنع كمبيوترات وخوارزميات برمجية أكثر ذكاء ومقدرة على التطور بذاتها وفقا لقاعدة تطور الأنواع عشوائيا ومن ثم البقاء للأصلح فما هى البرمجة الجينية ؟

 

البرمجة الجينية :

إن البرمجة الجينية عبارة عن طريقة برمجية تطورية تستلهم التطور البيولوجى للتوصل لبرامج كمبيوترية قادرة على آداء مهمة محددة يحددها الإنسان لها بالطريقة المثلى التى يكتشفها ويطورها البرنامج بنفسه بناء على المعطيات البيئية الخارجية أو البيانات التجريبية تبعا لدالة لياقة رياضية يعرفها الإنسان ويتبعها البرنامج كمعيار لتحديد الحلول أو البيانات أو الأنواع بلغة الطبيعة الصالحة لاستبقائها والحلول أوالبيانات غير الصالحة أو المرفوضة لأنها لم تتمكن من اجتياز اختبار اللياقة أو قاعدة ( البقاء للأصلح ) بلغة الطبيعة .

إنه بالإمكان تلخيص خطوات البرمجة الجينية بناء على الأبحاث التى نشرها علماء الكمبيوتر حيث يعمل البرنامج المكتوب بأية لغة برمجة حديثة على خلق مجموعة عشوائية من البيانات البرمجية بناء على معطيات أساسية جدا يدخلها إليه الإنسان على غرار المادة البيولوجية الأولية .

 

مناف الفائز

تنقيح / أسامة ممدوح عبد الرازق مصطفى شرف

29 / 9 / 2017

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق