الجمعة، 16 مارس 2018

هل سنعود للقمر ؟


هل سنعود للقمر ؟
أحدث إنهاء ( ناسا / NASA ) لبرنامج مكوك الفضاء الأمريكى شكوكا بشأن إرسال بعثات مأهولة للقمر حيث كان يوم ( 21 / 7 / 2011 ) يوما حزينا بالنسبة لبرنامج الولايات المتحدة الأمريكية الفضائى فمع هبوط مكوك الفضاء ( أطلنطس ) فى مركز كنيدى الفضائى فى فلوريدا حيث انتهى بذلك رسميا برنامج رحلات المكوك الفضائى الأمريكى وقدرة أمريكا على وضع أى بشر فى الفضاء لسنوات قادمة حيث قرر أوباما فى عام ( 2010 ) إنهاء خطط ناسا لبناء صاروخى ( Ares 1 – 5 ) وإيقاف كافة الجهود الهادفة للعودة للقمر ومع إن إدارة ( أوباما ) مستمرة فى تقديم دعم قوى لتطوير الصناعات الفضائية من قبل المؤسسات الخاصة إلا أن النتائج المباشرة كانت إنهاء برنامج الفضاء الأمريكى بصورة أساسية .
فإن التحدث عن رحلات مستقبلية للقمر من دون أى وسيلة حتى لوضع رواد فى مدار فضائى فإن بعثة أمريكية كهذه تبدو مستحيلة الأن ولسنوات قادمة .
حتى مع إنتهاء البرنامج الفضائى الأمريكى من قبل ( ناسا ) فإن شيئا جديدا يولد الأن ليأخذ مكانه فإن الخطة الجديدة تدعو الأمريكان حيث أنهم لن يعودوا للقمر بل سينتقلون بصورة منتظمة فى الفضاء ويستكشفون بقية النظام الشمسى فلم يعد الفضاء ساحة تحكمها أمريكا وروسيا بدون باقى دول العالم حيث أن الصين رائدة فى مجال استكشاف الفضاء فمنذ عام ( 2003 ) قامت الصين بإرسال ( 3 رحلات فضائية ) مأهولة باستخدام صواريخها ومركباتها الفضائية الصينية حيث دامت الرحلة الثانية مدة ( 5 أيام ) وتكون طاقمها من رائدى فضاء والثالثة حملت طاقما تكون من ( 3 رواد فضاء ) قام ( 2 ) منهم بإنجاز أول عملية سير صينية فى الفضاء وفى ( 29 / 9 / 2011 ) أطلقت الصين أول محطة فضائية صغيرة لها ( Tiangong 1 ) التى صممت كنموذج تجريبى أولى صغير يمهد الطريق لمحطات فضائية أكبر يليها بعثات مأهولة طويلة الأمد باستخدام محطتهم الفضائية كاملة الحجم .


استكشاف القمر :
إن الصين ليست الدولة الوحيدة فى جهودها لاستكشاف الفضاء فالهند توجهت لاستكشاف الفضاء ومع أن الهند لم ترسل بعد أول رائد فضاء لها فى الفضاء فإن وكالة الفضاء الهندية يمكنها بناء كبسولة فضائية مأهولة وترسل فيها رائدى فضاء فى بعثة تدوم ( 7 أيام / اسبوع ) باستخدام مركبة إطلاق السوائل الثابتة جغرافيا بحلول عام ( 2016 ) فإن الهند قد أتمت بالفعل الكثير من العمل التحضيرى اللازم لبعثة كهذه وفى عام ( 2007 ) قامت الهند بإطلاق وإعادة كبسولة فضائية صغيرة اختبرت معها درعها الحرارى ومنظومات التحليق الإلكترونية الضرورية لعملية الدخول والعودة فى الغلاف الجوى الأرضى .
وتوجد المملكة المتحدة ( بريطانيا ) قبل ( 40 سنة ) حيث اختارت ترك استكشاف الفضاء لدول أخرى عندما قامت بإلغاء برنامجها الصاروخى حيث قامت فى عام ( 2010 ) بتأسيس وكالتها الفضائية الخاصة حيث ركزت معظم جهودها على تقديم الدعم لمجموعة من الشركات البريطانية الخاصة العاملة على برامج مشاريع فضائية حيث أدركت بريطانيا أهمية وجودها فى جهود استكشاف الفضاء .
وتبدو فرنسا وألمانيا وايطاليا كأعضاء فاعلة وقوية فى وكالة الفضاء الأوروبية ( إيسا / ESA ) حيث تبدى رغبتها وطموحها للإبقاء على وجود لها فى الفضاء فقد هيمن صاروخ ( آريان / 5 ) تحت القيادة الفرنسية على السوق التجارية لإطلاق الصواريخ طوال سنوات .
ولقد قامت روسيا بدخول عصر الفضاء من بداياته حيث أرسلت أول رائد فضاء روسى يدور حول الكرة الأرضية فى الفضاء ( يورى جاجارين ) على متن صاروخ الفضاء ( فوستوك / 1 ) حيث احتكرت روسيا قدرة إرسال الرواد الفضائيين من البشر إلى ومن محطة الفضاء الدولية
( International Space Station ) حيث تبدو كل من كبسولة سيوز وشاحنات بروجرس والصواريخ الحاملة لها للمدار ( Orbit ) وهى أكثر المركبات ثقة فى العالم رغم أول فشل للصاروخ منذ ( 11 سنة ) فى
( 8 / 2010 ) وأن الروس قد صاروا منذ سقوط الاتحاد السوفيتى حيث أصبحوا يفكرون فى كيفية استغلال واستثمار قدراتهم الفضائية فإن إحدى الشركات الروسية ترغب فى الاستفادة من الخبرة الطويلة لبلادها فى بناء محطات فضائية مأهولة من أجل بناء فندق فضائى حيث أن المركبة ستكون جاهزة للتحليق فى الفضاء بحلول عام ( 2016 ) لمدة
( 5 أيام ) وتوجد مؤسسة روسية التى توصلت لطريقة لاستخدام كبسولة سيوز مطورة لإرسال سائحين ليدورا حول القمر وإعادتهما للأرض فإن الرحلات السياحية حول القمر يمكن أن تحلق فى وقت قريب بحلول عام ( 2015 ) .

مسار مختلف :
تشهد أمريكا ولادة شركات خاصة محلية لبناء الصواريخ يحظى كل منها بطاقات وقدرات قوية فعن طريق نجاح إحدى الشركات الأمريكية فى بناء صاروخى ( فالكون / 1 / 9 ) وإطلاق مركبة ( دراجون ) أول مركبة فضائية تصنعها مؤسسة خاصة تعود سالمة للأرض ) حيث أن شركة فضائية خاصة التمويل ومستقلة تستطيع إنجاز ما ينجزه برنامج فضائى حكومى حيث تأمل الشركة إنجاز عمليات اللقاء والالتحام الأولى لمركبة دراجون مع محطة الفضاء الدولية فتوجد العديد من الشركات الفضائية الخاصة والتى تقوم ببناء مركبات حمولة وصواريخ خاصة بها لتموين محطة الفضاء الدولية فإن إحدى الشاحنات الفضائية ستقوم بأول رسو لها عند محطة الفضاء الدولية فى وقت مبكر من عام ( 2012 ) .
كما تقوم شركة ( بوينج ) ببناء كبسولتها الفضائية المأهولة الخاصة بها
( CST – 100 ) وتخطط لإطلاقها على متن صاروخ ( أطلس / 5 ) حيث تقوم الشركة بإطلاق الكبسولة الشبيهة بأبوللو والتى تتسع ل ( 7 ) مسافرين وبصورة شبيهة لمركبة ( دراجون ) كعبارة لنقل رواد الفضاء إلى ومن محطة الفضاء الدولية حيث يمكن استعمال الكبسولة لنقل السياح إلى ومن الفنادق الفضائية المدارية .

تنافس يولد التقدم :
تبدو علاقة المشاريع الفضائية بعيدة عن موضوع العودة للفمر وإن الخطط الروسية لإرسال السياح فى رحلات حول القمر واهتمام الصين بالوصول للقمر فإن بناء صواريخ اقتصادية التكلفة وكبسولات فضائية مأهولة لإيصال أشخاص لمدار أرضى منخفض وعربات فضائية للإبقاء على حياتهم فور وصولهم للفضاء لكن الخطط والأفعال الجارية للإطلاق بعثات للقمر قليلة .
فإن لجميع الخطط علاقة باستكشاف القمر حيث تخبرنا الجهود العلمية الفضائية بأن استكشاف الفضاء فى قمة موجة متصاعدة من إنجازات حماسية تشحنها أفكار تنافسية وكلها عازمة بقوة على إيصال البشر للفضاء بصورة دائمة وبتكلفة معقولة وفى مناخ تنافسى يبدو من المؤكد أن أحدهم سيجد طريقا يعود فيه للقمر .
فهل ستنجح كل الجهود ؟ لا فالأرجح اخفاق معظمها ويرجح أنها ستخفق فى صورة مشهد كبير فإن علوم الصواريخ علوم صعبة فالنجاح فى مجال الصواريخ أمر صعب جدا من أجل تقليل خطورة التحديات .
فإن المجال العريض من الدول والشركات الفضائية المتنافسة يبشر بالخير لجهود الاستكشاف البشرى للنظام الشمسى فإن الوصول للفضاء لن يبقى حكرا على دولتين لهما منظومتين صاروخيتين يمكن لإخفاق أحدهما أن يوقف استكشاف الفضاء لأشهر أو لسنوات فسيكون لدى البشرية الكثير من الوسائل والأساليب للوصول للفضاء وفى حال إخفاق إحداها فستأخذ مكانها وسائل أخرى .
حيث سيكون القمر الفصل الأول للنظر فى عربات محطة فضائية كبيجيلو فعن طريق بناء عربة فضائية يمكنها أن تحفظ السياح أحياء فى مدار أرضى ومدار قمرى طوال أشهر فلم لا يجرى تطوير العربة الفضائية لمركبة فضائية تحلق بين الكواكب وقادرة على أن تأخذ السياح للكويكبات وما ورائها ؟ إن القفزة الهندسية والتكلفة لفعل ذلك لن تكون شيئا عظيما بعد أن نجحت الشركات الفضائية بإطلاق وتحليق مركباتها الفضائية الصغيرة فى المدار طوال عدة سنوات .
فليس على البشرية أن تشعر بالإحباط لخسارة مكوك الفضاء فما هو قادم فى العقود المقبلة سيكون مثيرا ويحمل إبداعا أكثر من كل ما أنجز فى
ال ( 50 سنة ) الماضية ولن تكون المشاريع الفضائية كبيرة وعظيمة بمشاهدتها والمشاركة بها بل ستبقى ما بقيت البشرية حية .

روبرت زيمرمان
تنقيح / أسامة ممدوح عبد الرازق مصطفى شرف
8 / 1 / 2018

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق