الخميس، 22 أكتوبر 2015

السيولة الفائقة أغرب حالات المادة

السيولة الفائقة أغرب حالات المادة
تنتاب بعض السوائل حالة من الجنون عندما تقترب درجة حرارتها من الصفر المطلق
( 273.15 م تحت الصفر ) إلا أنها تتدفق لأعلى دون مقاومة وتنساب بلا توقف على جوانب الأوعية الحاوية لها مهملة قوى الاحتكاك والجاذبية وبإمكان هذه السوائل التى توجد فى درجات الحرارة البالغة الانخفاض أن تخترق الطوب والدوران بلا توقف فى انبوب من تلقاء نفسها دون أن تخفض من سرعتها إنها أغرب حالات المادة ( السيولة الفائقة /                       )

السائل العجيب :
إن المادة توجد فى ( 3 حالات ) :
1 ) الصلبة  2 ) السائلة  3 ) الغازية  4 ) البلازما ( فى درجات الحرارة العالية جدا
5 ) حالات التأين  والمواد الفائقة الكثافة ( فى النجوم النيترونية ) حيث تتقلص المادة فى حجم صغير نسبيا وتقترب الذرات من بعضها البعض .
6 ) السيولة الفائقة حالة سادسة للمادة حيث تنقض كل قوانين الفيزيائية الأكيدة للسوائل كما أن تفسير خصائصها غير واضح ويثير جدلا وتعقيدات على مستوى الذرة .
لقد تمكن علماء الفيزياء من تحويل جميع الغازات المعروفة لسائل ما عدا ( الهيليوم ) فقد قاوم الهيليوم جميع المحاولات مما جعل البعض يعتقد أنه غاز دائم لا يمكن أن يوجد فى حالة السيولة أو الصلابة ولكن فى عام ( 1908 ) تمكن أحد العلماء الهولنديين من تحويل الهيليوم إلى سائل ويعد الهيليوم أبسط العناصر ( بعد الهيدروجين ) إذ أن ذرته مكونة من نواة تحوى ( 2 نيوترون )
ويدور حول النواة ( 2 الكترون ) فإن الهيليوم يعتبر من أكثر العناصر غرابة عندما يحول لحالة السيولة إذ نلاحظ أن الهيليوم السائل عند درجة حرارة ( 271 م تحت الصفر ) يتصرف وكأنه مكون من مزيج من سائل عادى مع آخر فائق السيولة وهذا يبدو معدوم اللزوجة (                )
أى أنه مثالى السيولة من الوجهة الرياضية كما أنه لا يظهر أية مقاومة أو احتكاك لحركة جسم خلاله وأنه لا يلتصق بأى جسم وهذه الظواهر الغريبة لا يمكن وجودها فى أى سائل عادى وعند سريان الهيليوم السائل عبر أنابيب رفيعة مجهرية نلاحظ أنه يتحرك بحرية وبسرعة أكبر منها فى أنابيب سميكة عادية وهذا مناقض للقوانين الفيزيائية المعروفة فإن سريان الماء أو الزيت
( الأكثر لزوجة من الماء ) عبر أنابيب متناهية الصغر لا يتم إلا بمساعدة قوة ضغط على السائل كاندفاع السائل عبر ابرة الحقنة الطبية بتأثير المكبس أما الهيليوم فيتصرف عكس ذلك .
كما أن تأثير الحرارة على الهيليوم فائق السيولة غريب ومحير إذ أن انتقال الحرارة خلاله لحظى وهائل السرعة بعكس السوائل العادية وتزيد سرعة انتقال الحرارة كلما كان الفرق فى درجة الحرارة طفيفا بين أجزاء السائل الفائق السيولة وهذا مناقض للقوانين الفيزيائية حيث تزيد سرعة انتقال الحرارة فى المواد كلما كان الفرق فى درجة الحرارة بين النقاط الساخنة والباردة كبيرا .
إذن فالهيليوم فائق السيولة فائق التوصيل للحرارة فلا يمكن وضعه فى حالة غليان إذ أن أى ارتفاع فى درجة الحرارة فى جزء منه يعمل على نقل الحرارة نحو جميع أجزاء السائل بالتساوى فيتبخر عند ارتفاع درجة حرارته والتيخر يحصل عند السطح فإن موضوع الهيليوم فائق السيولة مثير لعلماء الفيزياء والفلك .



الكون والأوتار والسيولة الفائقة :
إن لحظة بداية الكون بعد ( تريليون تريليون تريليون جزء من الثانية ) ( التريليون = مليون مليون ) من الانفجار الأعظم (                      ) كان الكون كله عبارة عن كرة مضطربة وبالغة السخونة من الطاقة .
وكانت القوى ( الجاذبية / الكهرومغناطيسية / القوتان النوويتان القوية والضعيفة ) التى تحكم الذرات ما زالت مندمجة فى كيان واحد لكن فجأة تغير المحيط الرهيب من الطاقة كتحول الماء فجأة لثلج فقد تخطى الكون درجة حرارة معينة وبدأت القوى الكونية فى الانفصال والتفرق .
ويعتقد الفيزيائيون أنهم تمكنوا من محاكاة الصفات الهامة للكون حديث الولادة فى قنينة من الهيليوم السائل المبرد بشدة حتى ما يقرب من الصفر المطلق فى حالة السيولة الفائقة .
إن النظرية الكونية الجديدة عندما برد الكون ظهرت بعض العيوب (           ) فى نسيج الزمكان
(                   ) مثلما تتكون عدة شوائب متبلورة من الماء المتجمد إلى ثلج .
وإن التخضنات الكونية ( الأوتار الكونية الفائقة ) (                     ) أرفع من الذرة وطويلة بشكل لا نهائى وذات كتلة هائلة وكانت تمتد عبر الكون كله وعلى الرغم من غرابة الأجسام الكونية فإنها تقدم لنا الحلول لكثير من المشاكل المحيرة التى تواجه البشرية عند البحث فى أصل الكون وبنيته وقوانينه وبسبب الكتلة الهائلة للأوتار أمكن لمجالات جاذبيتها الجبارة أن تجذب إليها المجرات الأولية وشكلت الاطار للمحتوى المروع للكون .
لكن ما هى علاقة الهيليوم السائل بأصل الكون ؟
عندما يبرد الهيليوم لأدنى درجة حرارة ممكنة ( الصفر المطلق ) فإنه يتحول فجأة لسائل لا يتأثر بالاحتكاك (                                           ) كما يحدث لباقى السوائل وهى حالة غريبة
( السيولة الفائقة ) وعندئذ تتدفق معظم ذرات الهيليوم فائق السيولة مع بعضها البعض فى تتابع قريب فى خطوة موحدة ومنظمة .
فإن الهيليوم يشبه لحد كبير ( الفراغ ) (                ) فى الفضاء إذ يمكن للجسيمات دون الذرية أن تتحرك خلال الهيليوم فائق السيولة دون أن تلاقى أى مقاومة وتتكون تموجات دقيقة تلقائية كالجسيمات الافتراضية (                            ) التى تظهر وتختفى فجأة فى زمن متناهى الصغر فى فراغ الكون .
إن التماثل الشديد للمعادلات الرياضية التى تفسر كلا من انتقال الهيليوم السائل إلى حالة السيولة الفائقة فإن التحولات التى حدثت فى الكون الوليد عندما برد وكون الأوتار الكونية فإنه يمكن للفيزيائيين استخدام نفس المعادلات التى تصف خلق الأوتار الكونية للتنبؤ بما سيحدث للهيليوم فائق السيولة عند تسخينه ثم تركه ليبرد مرة أخرى .
إن السائل فائق السيولة بعد تسخينه سوف يخلق عددا من الحركات الدوامية (                      )
التى يمكن تفسيرها بنفس المعادلات الرياضية التى تشرح تكوين الأوتار الكونية فإذا ظهر العدد المتوقع مسبقا من الدوامات فإن الرياضيات التى تفسر كلا من تكوين الأوتار الكونية والسيولة الفائقة سوف تكون صحيحة فيصبح تعزيزا لصحة نظرية الأوتار الكونية الفائقة .
وقد نجح العلماء فى اختبار صحة الافتراض العلمى كيف ؟
لقد بدأوا بتبريد اسطوانة دوارة محتوية على هيليوم لنحو ( 0.001 م فوق الصفر المطلق ) وهى درجة حرارة أسفل خط الانتقال من حالة السيولة العادية لحالة السيولة الفائقة ثم أطلقوا نيوترونا
( جسيم دون ذرى متعادل الشحنة ) خلال السائل فائق السيولة عمل على تسخين منطقة تبلغ نحو
( 0.001 سم ) بطاقة تكفى بالضبط لتغييرها لسائل عادى لفترة تقدر بحوالى ( 1 : مليون / ث )
وعند تبريد المنطقة مرة أخرى لحالة السيولة الفائقة تكونت الدوامات الدقيقة وعملت الاسطوانة الدوارة على تقوية الدوامات والمحافظة عليها لفترة طويلة تكفى لتحديد مكانها بواسطة جهاز كاشف مغناطيسى (                                    ) وإن اطلاق نيوترون واحد ينشىء عددا من الدوامات يصل ل ( 20 دوامة ) وهو عدد يتفق مع توقعات الافتراض العلمى بوجود علاقة بين تكوين الأوتار الكونية والسيولة الفائقة .
وثبت أن الهيليوم فائق السيولة نموذج جيد للكون المبكر مما أدى بالعلماء للبحث فى مشاكل كونية عميقة بدءا من مصدر الجاذبية حتى ندرة وجود المادة المضادة (                          ) .  

 
رءوف وصفى
تنقيح / أسامة ممدوح عبد الرازق مصطفى شرف

27 / 9 / 2015 

هناك تعليقان (2):